في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الانتخابات مهزلة سياسية تدعمها روسيا وإيران ولا تعبر عن الشعب السوري. يقول الكاتب السياسي محمود الوهب في حديث مع المرصد عن مصير هذه الانتخابات:
“مصيرها كغيرها من الانتخابات التي تحصل منذ خمسين عاماً في سورية، يعني 99% للسيد الرئيس، لكن هذه المرة يمكن أن يتواضع سيادته وينزل قليلاً.. إن الانتخابات السورية تسير على هذا المنوال منذ أن اختُرقت قوائم الجبهة في كثير من المدن السورية، وسقطت كلياً في بعضها الآخر.. والحقيقة لا أحد يعرف تماماً ما يجري في سورية، ولا كيف تدار الأمور من خلال الدولة العميقة التي أسسها حافظ الأسد.. فما يجري أمر يخالف العقل ومنطق الأشياء ومجريات شؤون الحياة.. إنها مهزلة المهازل، وما يجري أشبه بفيلم سوريالي لكنه يحصل بوضوح تام ونراه بأعيننا على أرض الواقع.. لابل إننا نعيشه منذ أن انتزع حافظ الأسد السلطة دون أي سند أو تأييد فعلي من أية قوة سياسية في بلاده، وحتى من بين أعضاء حزبه..”
ويتابع الوهب، “الحقيقة إنهم، أي النظام وأجهزته، يحاولون تجهيل الشعب السوري وتعميته عن حقائق الأمور، كي يسودوا، إذ لا يسود الغباء إلا في مناخ يناسبه.. إنهم- أعني الحكام التافهين- يحاولون صناعة ذلك المناخ ولا أقول أكثر من ذلك لئلا أسيء لشعبنا السوري ذي الإرث الحضاري الضارب في عمق التاريخ.. والحقيقة أن الشعب ليس بغافل عما يفعل هؤلاء المتسلطون..”.
وفي سؤال المرصد عن مدى دستوريتها، يعتبر الكاتب السياسي السوري أن الانتخابات غير شرعية حتماً، متسائلا: “من أين تأتيها الشرعية؟.. هل من الجيوش والمليشيات الأجنبية التي تبسط نفوذها على 40% من مساحة سورية؟ أم من الملايين العشرة المهجرين في الأردن ولبنان وتركيا وأوروبا وفي مخيمات شمال سورية وشرقها؟ أم من مئات الألوف في السجون والمعتقلات؟ أم من أمهات الذين قضوا بسبب قصف النظام والروس المدنيين الآمنين؟ أم من هؤلاء الأطفال الذين قضوا بالسلاح الكيماوي؟ أم من الحال الاقتصادية التي أوصلت المواطن السوري إلى حد الجوع؟
ويستطرد محدثنا قائلا: “هذه الحال لم يشهدها السوري منذ استقلال سورية، أي منذ خمسة وسبعين عاماً.. كل هذه الأمور قد تخلق حالة أخرى ونتائج أخرى ويبقى الأمر منوطاً بموقف الروس والإيرانيين الأكثر تحكماً بالحدث والقرار السوريين..”.
ويرى الوهب أن الانتخابات لا تستمد شرعيتها إلا من خلال الشعب السوري كله، أما في الظرف السوري الحالي، فلا يمكن أن تجري إلا وفق تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 الذي ماطل النظام في التعاطي مع أيٍّ من مفرداته ولم يزل.. فالانتخابات يجب أن تجيء عبر عملية سلمية شاملة، ولا بد أن يسبقها وجود هيئة حكم انتقالي تهيئ الأجواء السلمية المناسبة والضامنة لأمنها.. ما يعني أن يجري الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وعن المغيبين قسرياً، وتسمح بعودة المهجرين من أصقاع الأرض آمنين معفيين من الأحكام الجائرة التي اتخذت بحقهم على الشبهة، وهكذا يمكن أن يساهم في الانتخابات جميع السوريين ترشيحاً وانتخاباً، وعدا ذلك ليس سوى المهزلة المرّة بعينها.
Social Links: