في سوريا، وربما في بلدان عربية أخرى، هناك صورة مكرسة في أذهاننا ومكررة في حياتنا اليومية عن شخصية “الموظف الفاسد” داخل الدوائر والمباني الحكومية. تتمثل برغبة مواطن ما في تحقيق أهم حلم في حياته، وهو أن يحظى بوظيفة في مبنى حكومي.
يصبح المواطن “موظفاً حكومياً”، وتبدأ مساعيه الحثيثة إلى تثبيت جذوره في تلك الوظيفة، من موظف صغير إلى موظف “ذي منصب صغير”، حتى يصل إلى أعلى رتبة في السلم الوظيفي، مسؤول أو وزير، أو مدير، بحسب مشيئة السلطة الأمنية والسياسية.
هذه النوعية من الموظفين “الطموحين، والتي تعمل تحت ظل نظام سياسي مستبد وفاسد، مستعدة لتقديم الولاء المطلق بأشكاله كافة لتبقى مكانها. هذه المجموعة من الموظفين الفاسدين والمرتشين والموالين للنظام، لا يهمها أي شيء يحدث خارج هذا الكوكب/ المبنى الحكومي، بل إن أي تغيير في المنظومة التي حققت أحلام أفرادها، وجعلت منهم “موظفين”، تعتبره خطراً يهددها بشكل مباشر. كما أن “التكنيك” المتبع داخل عقول هذه النوعية من الموظفين في تشكيل صورة عن الواقع والزمن الحاضر الذي يعيشون فيه، هو إقصاء أي شيء خارج الصورة التي وضعها النظام السياسي الفاسد لفكرة الحياة والعمل والطموح والنجاح، وأي مشهد دخيل يهدد هذه الصورة، يُنفى ويمحى وكأنه “عطل فني” يجب إصلاحه، مهما كلف الأمر، قبل العودة إلى “حياتهم الطبيعية”.
ونظام الأسد في اللحظة الحالية، وفي ظل ارتباط مصيره بدولتين محتلتين مثل روسيا وإيران، وهما أكبر داعمين له، لا يختلف جزء من تكوينه وأدائه عن أداء موظف فاسد يعمل في إحدى دوائره الحكومية.
العامل المشترك بين نظام الأسد والموظف الفاسد، هو البقاء الأبدي في المنصب، الذي يتيح لكليهما نهب كل شيء في البلاد. يتجلى هذا التناص المجازي بأحدث صوره في أداء نظام الأسد في مسرحية الانتخابات الرئاسية في سوريا.
Social Links: