رأي في أحداث فلسطين الأخيرة
محمد بلال
افتعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الحرب الأخيرة في فلسطين، من خلال التضييّق على الفلسطينيين في صلواتهم واحياء ليالي شهر رمضان، وبالمقابل سمح لليهود المتطرفين بمحاولات إقتحام ساحات المسجد الأقصى تحت حماية الجنود الصهاينة.
لكن فشلهم المتكرر أمام صمود وإصرار الفلسطينيين على حماية الأقصى والمثابرة على إحياء ليالي رمضان في الأقصى وثباتهم أمام المحاولات المتكررة بإقتحام ساحاته، وهذا ينبئ بخسارة معلنة للمتطرفين وحمايتهم مقابل نصر للفلسطينيين مماجعل نتنياهو يتوجه إلى خطة بديلة، من خلال نقل المعركة إلى قطاع غزة حيث إمكانية استخدام الطيران الحربي والقصف الصاروخي وتسجيل نصر من نوع ما يحيى آمال نتنياهو باستمرار سلطته أو تمديدها .
بما يعني نقل المعركة إلى ساحة أخرى بعيدة عن الشيخ جراح، التي انتصر فيها الشعب الفلسطيني بثباته وعزيمته، فيما يسعى نتنياهو إلى تحقيق نصر وفرض شروط جديدة تجعل الفلسطيني يقبل بها تحت نيران القصف والدمار والأشياء المتناثرة على مساحة غزة .
أما على الناحية العسكرية، فتبدو الفصائل الفلسطينية قد أعدت العدة سابقاً لمثل هذا التصعيد، إذ قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج خالد مشعل إن أية عملية برية تشنها إسرائيل ستكون كـ”المصيدة” بالنسبة للجيش الإسرائيلي.
وفي مقابلة مع برنامج نيوزميكر عبر شاشتة، قال “مشعل”: الجيش الاسرائيلي جرب في السابق العمليات العسكرية البرية وكيف أن هذه العمليات “ارتدت إلى رأسه”، مؤكدا أن “المقاومة الفلسطينية تمتلك مخزونا من الإرادة والصمود”.
وبخصوص توسيع نطاق المقاومة، شدد مشعل على أن “الشعب الفلسطيني يتطلع الى الحرية”، وأن الشعب “لن يتوقف حتى ينالها”.
لكن هذه الكثافة الصاروخية التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية وما تركت من أثر كبير في الحالة المعنوية لدى الحاضنة الصهيونية جعلت الجهة الفلسطينية تقف للمرة الأولى، وبشكل واضح فاضح أمام الصهاينة وجه لوجه، وبنديّة كاملة، مما جعل نتنياهو وأركان إدارته يعلنون عن استمرار المعركة لفترة طويلة، نتيجة عدم القدرة على حسمها بسرعة، وهذا ما يضع نتنياهو وحكومته في مهب الريح، إذ أن الصهاينة غير معتادين على تلقي الضربات على مدنهم وقراهم ومؤسساتهم، ويعتبرون هذا خاص بالفلسطينيين، حيث بدأت الأصوات ترتفع منددة بسياسة الإستيطان والتهويد والتطرف .
ومن غير المستبعد، أن تؤدي نتائج هذه المعركة إلى ما لم يكن بحسبانهم نتنياهو، فهو فرضها لإطالة أمد فترة حكمه المهدد بالزوال، بينما قد تكون النتائج هي فشله وانحسار تأييده.
كما لا يغيب عن البال، أن أكثر المستفيدين من هذه الحرب هي إيران، التي ستستغلها في الحوار النووي الجاري في جنيف مع الولايات المتحدة الأمريكية والقوى العالمية الكبرى، والتي تشير بأن إيران قادرة على التهدئة كما هي قادرة على إشعال نار الحرب وتأجيج الموقف.
بما يعني هيمنتها على المنطقة بالكامل وقدرتها على السيطرة على الأحداث في المنطقة الواقعة بين المحيط الهادي والبحر المتوسط، وهذا ما يجعل الساحة قابلة لمزيد من التأزيم والإشتعال نتيجة تناقض نتائج هذه المعركة بين إسرائيل وإيران، ومحاولة كل طرف تجيير النتائج لمصلحته وحده.
فإيران الشهيرة بسياستها التوسعية، تبدو من خلال تحركاتها السياسية بما فيها زيارة وزير خارجيتها “جواد ظريف” إلى دمشق ولقاء الأسد، إلى مساعيها في جعلها المسؤول الأول عن القضية الفلسطينية على حساب العرب، وخاصة مصر وقطر، فالقاهرة تعرف بأنها الطرف الأكثر فعالية بملف المفاوضات، فيما تذهب إلى الدوحة عملية إعادة إعمار ما دمرته الصواريخ الإسرائيلية في قطاع غزة.
Social Links: