مسرحيّة الانتخابات – د. سلامة درويش

مسرحيّة الانتخابات – د. سلامة درويش

مسرحيّة الانتخابات
د. سلامة درويش

أيّ مسرحية يحاول النظام إخراجها.. متوهّماً بأنها ستعطيه العبور نحو شرعنته دولياً، وهذا حلم بعيد المنال على نظام فقدَ شرعيّته الداخلية أولاً أمام السوريين، عندما ثاروا عليه، وأمام العالم ثانياً، عندما استعمل جميع الأسلحة ضد شعبه، ومنها الأسلحة الكيماوية، وهو متّهم بجرائم حرب ارتكبها بحقّ السوريين..

الانتخابات لا يمكن أن تكون شرعية ونزيهة في زمن الحرب، ونظام لا يسيطر إلا على جزء من مساحة الوطن، وهناك أكثر من ستّ دول متواجدة قواعدها وجيوشها على الأرض السورية، غير سلطات الأمر الواقع التي تحكم مناطق نفوذها ( النظام والمليشيات الطائفية التي جلبتها إيران، شرق الفرات تحت سيطرة pkk ,, pyd,, ، في الشمال النصرة وتوابعها، والجيش الذي يتبع لتركيا، وفي الجنوب لم يسيطر النظام كلياً على تلك المنطقة،) لذلك تعتبر هذه المهزلة عبارة عن مسرحية بطلها الأسد (كركوز)، ومجموعة من الكومبارس يرقصون حوله بإخراج روسي ومساعدة إيران.

عمد النظام للعب بالوقت بحماية الروس في مجلس الأمن، وجلب بعضاً ممّن ينتمون للمعارضة في أستانا وسوتشي، فعطّل مضمون الحلّ، وعمل على إغراق المفاوضات حول اللجنة الدستورية بالأمور الجانبية، والان يدعو لهذه الانتخابات ضارباً بكل ما توصّل إليه مجلس الأمن والأمم المتحدة من قرارات تخصّ الوضع السوري، وغير معترِفٍ بها، ولا يهمّه أي قرار لا يبقي الأسد على مقعد الرئاسة. لذلك فإن السوريين لن يعترفوا بها، وهناك أكثر من نصفهم هجّر وشرّد وقتل، وهناك من هم تحت وصايته الأمنية، فقدوا أبناءهم ، وفقدوا مدّخراتهم أمام الغلاء، وجاعوا بسبب هذا النظام، وأصبح حوالي 90٪ منهم تحت خطّ الفقر، فلا يثقون بهذا النظام بحلّ مشاكلهم، ويريدون الخلاص من الأسد و سلطته، وكذلك رفضت هذه المسرحية دول المنطقة وأغلب دول العالم، وهذا ما لاحظناه برفض هذه المهزلة بمجلس الأمن التي عبّر عنها كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا.. بأن هذه الانتخابات لم تجرِ تحت مخرجات 2254 التي وافق عليها مجلس الأمن بالإجماع، وأنها لن تكون انتخابات نزيهة إلا تحت رقابة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ويشارك فيها جميع السوريين أينما وجدوا، وأعربوا أن أي شكل من الانتخابات الصورية في 26 أيار، هو مهزلة وغير شرعية، ولا نعترف بها، وقبلها أعرب الاتحاد الأوروبي عن رفضه لانتخابات الأسد.

شعارهم كان “الأسد أو نحرق البلد”، وها هو قد حرقها، ومستمرّ لتدمير ما تبقّى منها عامراً، والتخلص ممّن هم تحت سلطته، ويدرك تماماً بأنهم لا يرغبون ببقائه. إن من يقوم في هذه الانتخابات نظام مجرم ومتّهم بجرائم حرب، ومن ينفّذ هذه السياسة، هم أجهزة الأمن والشبيحة بدعم المليشيات الطائفية، ينشرون الخوف والرعب على من تبقّى من السوريين تحت ظلّ هذه السلطة المستبدّة، وبالتصفيق لها من قبل ما تبقى من هياكل عظمية لما يسمى أحزاب الجبهة ومن لفّ حولهم، لذلك علينا كسوريين ان نتوحّد كقوى وطنية ديموقراطية من أجل أن نشكّل قوة حقيقية ضاغطة على من يصنعون القرارات لسورية، وإن أي انتخابات تكون بعد الحل السياسي الذي تنصّ عليه القرارات الدولية ذات الصلة وخاصة جنيف 1 و 2254 وغيرها، وأن تكون هناك هيئة حكم انتقالية تتبع لها هيئة دستورية ومجلس عسكري بإشراف أممي كامل، وبرقابة صارمة، ومن بعدها إجراء الانتخابات، لذلك تحتاج إلى هيئة دستورية منتخبة من ذوي النزاهة، وإلى دستور جديد يتضمن ويحمي كافة الحريات، وأن ينصّ على حيادية الدولة أمام كل المكوّنات العرقية والدينية والطائفية، وأن تكون هناك بيئة آمنة، مع إنهاء كل أشكال المليشيات المسلحة، وسحب أسلحتها، وطرد الدخلاء وكل حائز على الجنسية بعد 15 / 3/ 2011، وإعادة هيكلة الجيش والأمن. هذه الأمور تحتاج لوحدة السوريين ومساعدة الأمم المتحدة، حتى لو استعملت القوة، نحتاج لحماية، ومن أجل تطبيق العدالة الانتقالية، نحتاج إلى من يساعدنا للقضاء على إرهاب الدولة وإرهاب الفصائل المتأسلمة، وخاصة توابع القاعدة وحزب الله والكتائب الطائفية. إذاً لا انتخابات شرعية تحت ظل هذا التشتّت والإرهاب والاستبداد وسيطرة الأمن على كل مفاصل الحياة، ومازالوا يحصون أنفاس الموجودين.

عضو المكتب السياسي في حزب اليسار الديمقراطي السوري

  • Social Links:

Leave a Reply