انتخابات بشار الأسد
بعد تأخير دفع للاعتقاد أن النظام سيوجل أو يلغي انتخابات الرئاسة، وفي يوم 18/04/2021 أعلن حمودة صباغ رئيس مجلس الشعب السوري، أي برلمان النظام، فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية وتحديد موعدها.
ودعا صباغ الراغبين بالترشح لمنصب الرئيس إلى التقدم بطلب الترشح للمحكمة الدستورية العليا خلال 10 أيام، داعيا السوريين في الداخل والخارج إلى المشاركة في الانتخابات. كما حدد موعد الانتخابات للسوريين في الخارج في 20 أيار/مايو، بينما تجري الانتخابات للسوريين في الداخل في 26 أيار/مايو.
ووفق الدستور الذي وضعه النظام عام 2012 والقوانين المنفذة له، يشترط في المرشح لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية أن يكون:
1- متمًا 40 عامًا من عمره (سن رئيس الجمهورية كان محدداً ب 40عاماًِ، وتم تعديل الدستور وتخفيضه إلى 35 عاماً للسماح لبشار البالغ من العمر حينها 35 عاماً، بخلافة والده عام 2000، ثم عاد سن الرئيس إلى 40 عاماً بدستور عام 2012).
2- أن يكون متمتعًا بالجنسية العربية السورية بالولادة من أبوين متمتعين بالجنسية العربية السورية بالولادة.
3- أن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية وغير محكوم بجرم شائن ولو رد إليه اعتباره.
4- ألا يكون متزوجا من غير سورية.
5- أن يكون مقيما في الجمهورية العربية السورية مدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح.
6- ألا يحمل أي جنسية أخرى غير جنسية الجمهورية العربية السورية.
وهي شروط تقصي مئات ألوف السوريين من أمهات عربيات أو أجنبيات، والمتزوجين من عربيات أو أجنبيات، ومن يحملون جنسيات غير سورية، وألوف المعارضين الذين حكموا غيابياً أو حضورياً بأحكام كيدية بسبب معارضتهم للنظام، وملايين السوريين الذين اضطروا لمغادرة سورية خلال سنوات الثورة العشر.
وبسبب هذه الشروط، تقدم 51 مرشحاً كلهم من المقيمين في مناطق وجود النظام والقوات الروسية والإيرانية، والتي تضم وفق آخر الإحصاءات 9 ملايين نسمة، أي 35 % فقط من أبناء الشعب السوري (فيما تضم المناطق المحررة التي تسيطر عليها قوات المعارضة، بدعم من الجيش التركي 4 ملايين نسمة، وتضم مناطق سيطرة المليشيات الكردية 3 نسمة، ويعيش خارج سورية 8,8 مليون نسمة، أي أن 65 % من السوريين يعيشون خارج مناطق سيطرة أو وجود النظام في سوريا، وقتل أو فقد ما يقرب من 1 مليون نسمة).
وشملت أسماء المرشحين ال 51، الكثير من الشخصيات غير الجدية، ما فتح المجال واسعاً أمام التهكم، والسخرية من العملية الانتخابية منذ يومها الأول، خاصة وأن مرشحين للرئاسة أعلنوا أنهم لن يصوتوا لأنفسهم، وإنما “للسيد الرئيس”.
وفي يوم 2021/ 05/ 03 أعلنت المحكمة الدستورية العليا التابعة للنظام، أسماء المرشحين لخوض انتخابات الرئاسة وهم: بشار الأسد، وعبد الله سلوم عبد الله، ومحمود أحمد مرعي.
وقال رئيس المحكمة الدستورية العليا محمد جهاد اللحام في مؤتمر صحفي، إن “المحكمة درست طلبات المتقدمين التي بلغ عددها 51 طلبا واتخذت قرارا في كل منها، رفضا أو تأكيدا، وقررت بعد فتح صندوق تأكيدات الأعضاء قبول طلبات الأسد، وعبد الله، ومرعي”.
وأشار اللحام إلى أن “القرار يعد أوليا وغير نهائي، إذ يحق لمتقدمي طلبات الترشح الاعتراض على القرار، ليصدر فيما بعد بشكل مبرم”.
ولم يعترض أحد من المرشحين المرفوضة طلبات ترشيحهم، على الرفض، وبدأت حملات انتخابية للمرشحين الثلاثة.
وشملت الحملة الانتخابية لرأس النظام، إعداد وجبات طعام وتوزيعها في الأحياء التي تعاني من انخفاض مريع في القدرة الشرائية للمواطنين، وتسيير حافلات لنقل الركاب في المدن التي شهدت توقفاً للنقل الداخلي بسبب أزمة الوقود الخانقة. وحملت الحافلات صورا لبشار الأسد، وتضمنت خدماتها تعقيم الركاب قبل الصعود.
وأجبر حزب “البعث” أعضاءه والمنتسبين إليه على الخروج بمسيرات لتأييد بشار الأسد مع دفع الموظفين ومعلمي المدارس للمشاركة.
وأجبر النظام السوري موظفي المؤسسات الحكومية وطلاب الجامعات على الخروج بمسيرات تؤيد الانتخابات الرئاسية وتهتف لبشار الأسد، تحت التهديد بالفصل من الوظيفة أو الجامعة لكل متخلّف عن المسيرة، بحسب تصريح للمتحدث باسم تجمع “أحرار حوران” أبو محمود الحوراني لـ”القدس العربي”.
ولن يكون من الممكن أن تجري الانتخابات في المناطق المحررة شمال وغرب سورية، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة بدعم من الجيش التركي، والبالغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، بسبب الرفض الشعبي الواسع لما يطلق عليه “مسرحية الانتخابات” في تلك المناطق.
وبهذا الشأن قال ئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض نصر الحريري: النظام يضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية، ويمضي بإقامة انتخابات صورية لا معنى لها، هي أشبه بمسرحية هزلية شاهدها العالم سابقاً في كل الأنظمة الديكتاتورية.
وفي مناطق سيطرة المليشيات الكردية، شرق وشمال سورية، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، جاء في بيان لمجلس سوريا الديمقراطية، الذراع السياسية للمليشيات الكردية: لن نكون جزءاً من عملية الانتخاب، ولن نشارك فيها قبل الحل السياسي وفق القرارات الدولية والإفراج عن المعتقلين وعودة المهجرين.
وشهدت مناطق وجود النظام والقوات الروسية والإيرانية العديد من المؤشرات على رفض شعبي للانتخابات التي يعرف الجميع سلفاً نتيجتها.
ففي محافظة درعا مهد الثورة السورية، دعت هيئات ومجالس ولجان شعبية عديدة في المحافظة إلى مقاطعة الانتخابات، واصفة يوم إجراء الانتخابات بأنه يوم حزن وحداد.
وجاء في بيان، أن أهالي درعا يعتبرون المشاركة في الانتخابات عملاً مخزياً، لأنها تعني إعادة تأهيل النظام على أنقاض وطن محطم.
وأكد الموقعون على البيان عدم شرعية الانتخابات، وقالوا: “بعد عقد من الزمن على تضحيات الشعب السوري، يخرج النظام بمسرحية الانتخابات الهزلية، في مناخ استبدادي تصادر فيه الإرادة، لصالح الهيمنة الإيرانية على قرارات الدولة السورية”.
من جانبه، قال عضو “تجمع أحرار حوران”، محمد عساكرة، إن الانتخابات ستقتصر على مناطق محدودة في محافظة درعا وريفها.
وفي الاتجاه ذاته، انتشرت في درعا عبارات وملصقات مناهضة للانتخابات، احتوت على شعارات مثل: “لا تنتخبوا ساجن النساء والأطفال” و” لا تنتخبوا من هجّر نصف سكان سوريا”.
وشهدت محافظة السويداء، ومناطق من محافظات أخرى، الظاهرة ذاتها.
على الصعيد الدولي، أطلقت العديد من الدول سلسلة مواقف حازمة ضد انتخابات بشار الأسد، وصلت إلى حد منع إجراءها في سفارات النظام على أراضيها.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية إن الانتخابات الرئاسية التي يعتزم نظام الأسد إجراءها باطلة ولا شرعية لها، لأنها تفتقر للمعايير اللازمة، ولا تسمح بالخروج من الأزمة.
وقالت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد: إن عدم تبني دستور جديد دليل على أن ما يسمى بانتخابات 26 أيار/مايو ستكون زائفة. يجب مشاركة اللاجئين والنازحين السوريين في أي انتخابات مقبلة، ولن ننخدع طالما لم يتم ذلك
واعتبر المبعوث البريطاني إلى سوريا جوناثان هارغريفز، أن الانتخابات في سوريا لن تكون حرة ولا عادلة، ولا يجب أن يتم إجراء أي تطبيع دولي مع النظام السوري. وإن أي عملية سياسية تحتاج إلى مشاركة جميع السوريين بما يتماشى مع قرارت الأمم المتحدة.
وقالت مندوبة المملكة المتحدة في الأمم المتحدة سونيا فاري: انتخابات في ظل غياب بيئة آمنة ومحايدة، وفي جو من الخوف الدائم، وفي وقت يعتمد ملايين السوريين على المساعدات الإنسانية لا تضفي شرعية سياسية، وإنما تظهر ازدراء الشعب السوري.
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال إن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في سوريا تفتقر للشرعية، لا شرعية للانتخابات التي ينظمها النظام وحده في سوريا، ولا أحد يعترف بها، وتركيا لن تعترف بهذه الانتخابات. دعم انتخابات غير شرعية يتعارض مع مبادئنا. إجراء أي انتخابات في سوريا يجب أن يكون مقترنًا بوجوب التوصل إلى حل سياسي حتى تكتسب صفة الشرعية.
وأكد المبعوث الألماني إلى سوريا روبرت رود على أن انتخابات بشار الأسد غير شرعية لأنها لا ترقى لمعايير القرار الدولي 2254، وشدد على أن النظام هو المعطل لأي حل سياسي في سورية، وهو أمر واضح للجميع، وأن سوريا بلد غير آمن ولا يوجد ضمانات فيها لحفظ حياة اللاجئين في حال عادوا إليها.
وأعلنت الأمم المتحدة أنها غير معنية بالانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في سوريا، وأن الانتخابات ليست جزءًا من العملية السياسية، ولا الحل السياسي عن طريق التفاوض قبل إجراء انتخابات يشارك فيها كل السوريين، الذي يطالب به قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.لأن هذه الانتخابات ستجري في ظل الدستور الحالي للنظام.
ويمنح قرار مجلس الأمن رقم 2254 تفويضًا للأمم المتحدة بالإسهام في عملية سياسية تتكلل بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بموجب دستور جديد، وتحت رعاية أممية، وفق أعلى المعايير الدولية وتشمل كل السوريين بما فيهم أبناء الجاليات.
وقال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل: إذا كنا نريد انتخابات تسهم في تسوية الصراع، في سوريا، فيجب أن تتم وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، تحت إشراف الأمم المتحدة، ووفق أعلى المعايير الدولية. يجب أن تكون حرة ونزيهة، ويجب أن يسمح لجميع المرشحين بالترشح وإجراء الحملات الانتخابية بحرية، وهناك حاجة إلى الشفافية والمساءلة. يجب أن يكون بإمكان جميع السوريين، بمن فيهم مَن في الشتات، المشاركة. لا يمكن لانتخابات النظام أن تفي بهذه المعايير، وبالتالي لا يمكن أن تؤدي إلى تطبيع دولي مع دمشق.
واختصرت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية مشهد الانتخابات في سوريا بعنوان عريض: نظام الأسد يحضر لانتخابات مزورة وسط انهيار عام .
وبدأ التصويت في انتخابات رأس النظام السوري في سفارات النظام في الخارج يوم 2021 / 5 / 20 لكن دولتين يقيم فيهما أكثر من نصف المهجرين السوريين (تركيا 3,7مليون، وألمانيا 850ألف) قررتا منع إجراء الانتخابات على أراضيهما، لعدم توفر أي شرط من شروط نزاهة وعدالة الانتخابات.
وبذلك يكون أكثر من نصف السوريين (4 ملايين في المناطق المحررة الخاضعة للمعارضة، 3ملايين في مناطق سيطرة المليشيات الكردية، 3,7 مليون في تركيا، وحوالي مليون في ألمانيا، وأعداد أخرى في الدول التي لا يوجد سفارات للنظام فيها) مقيمون في مناطق ودول لم تجر فيها العملية الانتخابية مطلقاً.
وشهدت مشاركة سوريين في التصويت في بعض الدول (وخاصة لبنان وفرنسا) مواجهات عنيفة بين أنصار النظام، وبين معارضي النظام، وأحزاب وتيارات سياسية في هذه الدول.
وبدأت إجراءات في هولندة ولبنان لترحيل وإنهاء لجوء من شاركوا في التصويت، باعتبار التصويت قبولاً بشرعية نظام يزعم هؤلاء اللاجئون أنهم يفرون منه.
Social Links: