على ماذا يراهن انصار الثورة
أنس الحراكي
بعد عشر سنوات من التعثر والإحباط على ماذا يراهن السوريون الآن
إننا نراهن على مايلي :
أولا – إستحالة إنهاء الثورة و استحالة تراجعها او تنازلها عن كامل أهدافها وذلك للأسباب التالية :
1 – حجم التضحيات الجسدية والمادية والمعنوية الهائل حتى لايكاد يخلو بيتت واحد من شهيد او مصاب او معتقل وعدا عن الخسائر المادية فالنسبة الاكبر من المنازل قد تعرضت إما للتدمير او للإضرار البالغ او للسرقة والتعفيش وماعدا البنية التحتية وهذا يعني إستحالة القبول بثمن بخس مقابل هذه التضحيات فلا مجال ابدا لتصور سينايو الثورة المصرية ( ذات الثلاثمئة إلى أربعمئة شهيد ) مثلا ، بل لا يجوز مقارنة الثورة السورية بثورة أخرى عبر التاريخ ،
2 -الشعور الصارخ بالظلم ووجوب إسترداد الحق ومحاسبة الجناة وهذا سببه جرح عميق ونازف وقد تسبب به النظام وادواته بدوافع دنيئة وأساليب وحشية مما يجعلنا أمام جريمة شائنة لاتغتفر ،
3 – النزعة الثورية : حيث ومنذ تحطيم اعظم حاجز للخوف يمكن تصوره امتلك السوريون نزعة ثورية عارمة لاتقف قبل بلوغ الهدف وبالتالي فلا يمكن بقاء النظام ولا تدويره وإعادة انتاجه ولايمكن نجاح ثورة مضادة تقضي على الثورة السورية كما أسلفا في مثال الثورة المصرية كما لا يمكن سرقة الثورة من قبل جهة ما فمن أزال نظاما مثل النظام الطائفي الوظيفي الوحشي في سورية لن يعجز عن اقتلاع اي متسلط آخر خلال أيام ،
4 – إمداد الثورة المضمون والذي لا ينضب على نحو ما يعرف ( بالتفاعل المتسلسل ) أي الذي يغذي بعضه فكل حدث يهيء و يلقم للحدث الذي يليه على غرار ماكان يحدث منذ بداية الثورة حيث يسقط شهيد على يد النظام خلال مظاهرة فيتم تشييعه بجنازة فتتحول الجنازة إلى مظاهرة أكبر وغالبا ماكان النظام يقمعها فيسقط شهيدانا وهكذا والآن هناك أحداث تسبب احداثا أخرى ، حيث هناك صراع جدلي دائم وساخن ومولد لصراع أكبر و لمن كان يراهن على نضوب أو قصور الخزان البشري للثورة فقد ثبت العكس فقد اتبتت حاضنة الثورة -رغم كل مايقال – حيوتها وتجددها واستعدادها الدائم للتضحية والعطاء ناهيك عن ان هناك طاقات هائلة لم تزج وتوظف مباشرة في المعركة و لا يمكن تحييدها إلى الأبد وخاصة كتلة المهجرين الذين لايمكن إبقاؤهم مهجرين فهي ضحية ودفعت ثمنا ولا يمكن للنظام دمجها فهي غير متجانسة ومتخمة بعوامل الثورة ·
ثانيا – حتمية الصراع الدولي وانفراط التوافق الدولي القائم حاليا على غير مصلحة الثورة ، فالعالم بأسره يعرف أنه عندما اندلعت الثورة السورية مطالبة بإزالة النظام القائم لم تكن هناك دولة واحدة على سطح البسيطة لها أدنى مصلحة بنجاح الثورة وإزالة النظام ، وقد توافق العالم على عرقلة او عدم دعم الثورة السورية
ولقد استفاد النظام كثيرا ولازال من هذا التوافق الدولي فيما خسرت الثورة الكثير مقابل ذلك ،
و لكن مانراهن عليه هو عدم استمرار هذا التوافق والوصول إلى مرحلة التنازع والتصارع وذلك للأسباب التالية :
1- إن الولايات المتحدة الأمريكية ولاشك ادركت حتمية سقوط النظام ولكنها أخرت ذلك لأنها على الفور رسمت ستراتيجيتها وتكتيكاتها القاضية بتحويل سورية إلى ساحة لاستنزاف الجميع وذلك لتصفية حساباتها ولمحاولة إعادة بناء التوازن الإقليمي ولكن لايمكنها الاستمرار في هذه الوضعية حيث انها لن تستطيع الإستمرار بلعبة صراع الديكة والضحك على الجميع فمثلا :
– روسيا بإصدار قانون سيزر ادركت الفخ الأمريكي فاخذت تخالف الشاخصات الأمريكية
– السوريون فهموا اللعبة ففي الجنوب مثلا لم تتعرض الدوريات الروسية لأي اعتداء رغم ان روسيا هي التي دمرت المدن ليدخل النظام لأنهم ادركوا ان روسيا ليست إلا أداة غبية لتنفيذ الإرادة الأمريكية
– تركية وقبل الجميع ادركت المكر والخداع الأمريكي فبدل من الوقوع في الفخ الأمريكي بالدخول بصراع مع روسيا ذهبت وتقاربت من روسيا
2 – لا يمكن للامريكان الاستمرار باللعب بالبيضة والحجر وهو التوازن مع كلا من تركيا وروسيا خوفا من خسارة امريكا لتركية فعلا
3 – أدرك الأمريكان عدم نضوج مشروع كردستان الكبرى خاليا لانهم سيخسرون تركية مقابله وروسيا لازالت بموقع يسمح لها بمنازعتهم في ملكية كردستان
4 – الصراع مع الصين والذي يفرض نفسه على الامريكان ويداهمهم ويتطلب منهم تهدئة المنطقة وترتيبها والتحالف معها
ثالثا – أسرائيل سوف تدرك ان النظام لم يعد قادرا على خدمتها في شيء مطلقا
رابعا – روسيا سوف ترى ان النظام قد أصبح عبء ثقيلا وان التخلي عنه اجدى من التمسك به وانه غير قادر على البقاء إلا بدعم روسي مباشر ودائم ولانه لم يعد قادرا على إعطائهم شيئا
خامسا – لا يمكن الإستمرار في حالة تجميد المسألة السورية وان زيادة التجميد عن حده سينقلب إلى ضده ، فقد قلنا إن جميع الاطراف مرتاحة لعرقلة الثورة السورية ولكن بقاء ذلك سوف يقلب السحر على الساحر حيث ان :
– لا وسيلة لتقوية النظام بل فقط إطالة عمره على ضعفه المضطرد وهذا سيتسبب بانهار الدولة والانتقال إلى وضع خارج عن السيطرة
– إن بقاء النظام لايعني سوى تكريس وتمدد النفوذ الإيراني وهو ما لايمكن تحمله فقد رضيت كثير من الاطراف بالتواجد الايراني كثمن لإبقاء النظام ولكن ايران زحفت بميليشياتها وثقافتها و مخدراتها واسلحتها وممنوعاتها لمضايقة هذه الاطراف إنظلاقا من سورية
– إن سكوت العرب على هول مايحدث في سورية وتبعاته ربما يتسبب بما هو أخطر من تصدير الثورة السورية ذاتها من غليان واحتقان
– احتمال ان تتحول مساحات واسعة من الجغرافيا السورية إلى حواضن لمجموعات إسلامية متشددة خاصة بعد ان احضرت الأطراف اللاعبة بذور هذه المجموعات وهيأت لها التربة لغاية في نفسها وبالتال البدء بنصجير ما يسمونه الإرهاب وربما ولادة إمارات اسلامية
– لذلك فإن انتصار الثورة السورية امر حتمي رغم كل هذه الميقات نراها
Social Links: