وائل عصام – القدس العربي:
تتوالى ردود الفعل على اتهام الإدارة الأمريكية لتركيا بتجنيد الأطفال، ويبدو أن العلاقات التركية – الأمريكية دخلت في حرب تصريحات بسبب دعم السلطات التركية لفصيل «فرقة السلطان مراد» التابعة لـ “الجيش الوطني السوري” والمتهمة بتجنيد الأطفال.
«فرقة السلطان مراد» عبرت في بيان تسلمت «القدس العربي» نسخة منه، عن قلقها الشديد تجاه المعلومات الواردة في تقرير الخارجية الأمريكية، وقالت: «في حال حدوث هذه الانتهاكات فإنها لا تنبع عن توجيهات عسكرية أو أوامر مسبقة بتجنيد الأطفال» في تصريح لا ينفي تماماً هذه التهمة بقدر ما يعتبرها ممنهجة. وأكدت الفرقة التزامها القوانين الدولية ذات الصلة، مثل القانون الإنساني الدولي، واتفاقية حقوق الطفل للعام 1989.
وأضافت الفرقة أنها ستتعامل مع المعلومات الواردة في التقرير بمنتهى الجدية، مشددة على أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لحصر هذه الحالات، ووضع الخطط لإعادة دمج الأطفال المجندين في حال وجودهم في الحياة المدنية.
«حماية السكان»
واختتمت الفرقة بيانها، بالتأكيد على أن هدفها الأساسي هو حماية السكان الذين يعيشون في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة.
وفي أحدث ردود الافعال التركية الشاجبة للقرار الأمريكي، أعرب الناطق باسم حزب العدالة والتنمية التركي، عمر جليك، عن رفض بلاده القاطع لمزاعم الولايات المتحدة المتعلقة باستخدام تركيا «مقاتلين أطفال» معتبراً ذلك جزءًا مما سماه «الدعاية السوداء». وأوضح جليك أنه لا يمكن حتى الافتراء على تركيا بهذا الملف، مبينًا أن التقرير الأمريكي يشير في مزاعمه إلى استناده على عدد من منظمات المجتمع المدني.
وكانت الخارجية الأمريكية قد نشرت في مطلع تموز/يوليو الجاري، تقريراً بعنوان «الاتجار بالبشر عام 2021» أكدت فيه أن فصيلاً من فصائل المعارضة السورية تؤيده أنقرة منذ زمن طويل، قام بتجنيد واستخدام الأطفال كمقاتلين، في ليبيا، وسوريا.
وعلق مسؤول كبير في الخارجية «بما يتعلق بتركيا على وجه الخصوص، هذه هي المرة الأولى التي يدرج فيها بلد عضو في حلف شمال الأطلسي في قائمة قانون منع تجنيد الأطفال» مضيفاً: «بوصفها (تركيا) قائدة إقليمية ذات شأن وعضواً في حلف الأطلسي، فهي تملك الفرصة لمعالجة هذه القضية».
وقال المتحدث الرسمي باسم «الجيش الوطني السوري» الرائد يوسف حمود، إن ما ينفي هذه الاتهامات أن «الجيش الوطني» لا يفرض التجنيد الإجباري في مناطق سيطرته، مشيراً لـ «القدس العربي» إلى أن إصدار «الجيش الوطني» منذ بداية تشكيله تعميم بمنع تجنيد الأطفال دون سن الـ18.
وأكد أن «الجيش الوطني» أعاد توزيع التعميم على الفيالق التابعة له في مطلع العام الجاري 20201، للتأكيد على عدم قبول أي مقاتل دون أن يتجاوز سن الطفولة القانوني.
وقال مسؤول المكتب الإعلامي في «هيئة الأركان العامة» التابعة لـ«الجيش الوطني» رياض الخطيب، إن التهم الأمريكية للجيش الوطني مثيرة للاستغراب، بحيث لم يُطبق في المناطق الخاضعة لسيطرة «الجيش الوطني» قرار «التجنيد الإجباري» كما هو حال بقية الأطراف المسيطرة (النظام، قسد).
وتساءل لـ«القدس العربي» عن السبب الذي سيدفع بـ«الجيش الوطني» إلى قبول تجنيد الأطفال؟، وقال: «يخضع الجيش الوطني لدورات حقوقية في القانون الدولي الإنساني، وفي نهايتها يحصل المقاتل على وثيقة رسمية». وحسب المسؤول الإعلامي، فإن الغرض من هذه الاتهامات هو شيطنة «الجيش الوطني السوري» ومنع تطوره، إلى مؤسسة عسكرية تطبق المعايير الدولية.
والأهم، من وجهة نظر الخطيب، هو تجاهل واشنطن قيام «قسد» بتجنيد الأطفال، رغم توقيعها على مذكرة مع «الأمم المتحدة» بغرض الكف عن استخدام الأطفال وتجنيدهم في الحروب.
«العمال الكردستاني يجند الأطفال»
وأثار القرار الأمريكي، حفيظة الأتراك، وتساءل العديد منهم على مواقع التواصل الاجتماعي، عن السبب الذي دفع الولايات المتحدة لعدم تصنيف اسمها على قائمة الاتجار بالبشر، علماً بأنها تقدم الدعم لوحدات الحماية الكردية، التابع لحزب «العمال الكردستاني» الذي يجند الأطفال باعتراف منظمات حقوقية دولية.
ووصف الكاتب الصحافي التركي، عبد الله سليمان أوغلو، قرار الخارجية الأمريكي، بـ«القرار السياسي» الذي لا يعبر عن الحقائق على الأرض.
وقال لـ«القدس العربي» القرار يأتي في إطار المماحكات الأمريكية- التركية، معتبراً أنه «لو كانت الولايات المتحدة جادة، لكانت صنفت نفسها ضمن الدول لأنها تدعم العمال الكردستاني وأفرعه السورية، وهم لهم تجربة طويلة في تجنيد الأطفال، تؤكدها الأمهات التي ينظمن كل يوم وقفات احتجاجية في جنوب شرق تركيا، بسبب اختطاف الحزب لأبنائهم».
ومن أبرز تقارير المنظمات الحقوقية التي تحدثت عن تجنيد تركيا للأطفال في فصيل السلطان مراد، تقرير صدر عن المرصد السوري لحقوق الانسان قبل نحو شهرين من بيان الخارجية الأمريكية، وجاء في التقرير ان عدد الاطفال المجندين في ليبيا بلغ نحو 150 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين الـ16 والـ18 عاماً غالبيتهم من فرقة «السلطان مراد» جرى تجنيدهم للقتال في ليبيا «عبر عملية إغراء مادي في استغلال كامل للوضع المعيشي الصعب وحالات الفقر» حسب المرصد السوري. وروى المرصد السوري قصة أحد هؤلاء الأطفال الذي يبلغ عمره 15 عاماً.
وحسب المرصد فإن الطفل ترك عائلته في مخيم النازحين، وذهب إلى عفرين للعمل في مزرعة، ثم انقطع الاتصال به، وبعدها صدم ذويه عندما رأوه في أحد المشاهد المصورة وهو يقاتل ضمن الفصائل السورية في ليبيا، ليعلم اهله لاحقا انه جند في فرقة «السلطان مراد» للقتال في ليبيا.
Social Links: