بخش غربال العدالة والإنسانية*

بخش غربال العدالة والإنسانية*

عدنان عبد الرزاق_زمان الوصل

أعترف أني رغم البحث والمساعي، فشلت كشخص، في إحصاء عدد المجازر، وليس عدد القتلى، التي ارتكبها نظام بشار الأسد وداعموه الإيرانيون والميليشيات الطائفية والروس، منذ بداية الثورة السورية عام 2011 حتى اليوم.

بيد أن بعض المجازر العلانية والفاقعة والموثقة، حفرت في ذاكرة السوريين أخاديد من ألم، لا تندمل أو تنسى. وإن كان بمجازر أخرى، لم تتكشف بعد، ربما عددا أكثر من الضحايا وكمّا أكبر من الإجرام والوجع.

بدأ سيلان دم السوريين كرمى للحرية والكرامة، منذ مقتل وسام عياش ومحمود الجوابرة وأيهم الحريري بدرعا في 18 آذار 2011، قبل أن يلحقهم، المصاب عدنان أكراد باليوم التالي، ليوغل منذ ذاك نظام الأسد الابن بالدم السوري، على مرأى ومسمع العالم الذي غرر بالسوريين وقتذاك، عبر إطلاق فقدان الأسد الشرعية بعد منعطف القتل ومواجهة سلمية الثورة بالقمع والنار والاعتقال.

لكن مجزرة فض اعتصام ساحة الساعة بحمص، وبعد شهر من قتلى درعا، وقت أطلقت قوات أمن الأسد النار، ولأكثر من ساعة متواصلة على عشرات آلاف المعتصمين، ليقضي عشرات الشبان الذين تم نقلهم أمام كاميرات الناشطين، عبر الجرافات وسيارات القمامة ليدفنوا في مقابر جماعية لم تزل مجهولة حتى اليوم.

كانت الأولى على صعيد التحدي للثورة والمجتمع الدولي وللإنسانية جمعاء، رغم الذي سبقها من اعتقالات واتخاذ نظام الأسد الحل الأمني، كطريقة وحيدة لمواجهة تطلعات السوريين للحرية والعدالة بتوزيع الدخل وتداول السلطة.

لتأخذ الجرائم، عبر مجزرة الحولة بريف حمص “القبو وتلدو” بعداً انتقامياً طائفياً، وقت أقدم عناصر من جيش وأمن الأسد، يرافقهم مدنيون من قرى مجاورة صبيحة 25 أيار مايو/ 2012، على ذبح 109 مدنيين، جلهم نساء وأطفال ومسنون، والتمثيل بالجثث والاغتصاب، بعد أن مهّد جيش الأسد للقتلة، عبر قصف مدفعي أضاف أكثر من 300 جريحاً للمذبوحين بالسكاكين، ليكون السوريون أمام “سربرنيتشا” سورية ببوسنة جديدة وصهاينة جدد يسعون للتفوق على مجزرة “خان يونس” .

لتنتقل الجرائم بعد ذاك، وبدء دخول أنصار الأسد الطائفيين معارك هزيمة الثورة وحلم السوريين، إلى بعد التغيير الديموغرافي والتطهير العرقي، فالذي حدث في “داريا” عبر سنوات، من قصف وتهجير أو في “البيضا” في أيار مايو/ 2013 من قتل وتطهير، وضع السوريين أمام الحالة الهتلرية وقت السعي لإبادة الشعوب السلافية خلال الحرب العالمية الثانية.

لتأتي الضربة القاضية للعالم وليس للسوريين وحلمهم فقط، في آب/أغسطس/ 2013، وقت ذبح نظام الأسد ومن دون دم، عبر صواريخ تحمل مواد كيماوية، أكثر من 1300 مدني سوري في غوطتي دمشق، ليكشف ديمقراطيو العالم ودعاة حقوق الإنسانية والحريات، عن وجوههم، فيقايضون بصفقة علانية بين المجزرة وأداة الجريمة ويبقى المجرم طليقاً يتابع الإيغال بالقتل التهجير والاعتقال.

ربما، اختلطت الجرائم وأدلتها على بعض العالم، أو حاولت دول التصيّد بتوزيع التهم وزج “الإرهابيين” كطرف إلى جانب نظام الأسد، لكن ما نقله “قيصر” مطلع عام 2014، من نحو 55 ألف صورة توثق مقتل 11 ألف سوي في المعتقلات، نسفت جميع الادعاءات وبددت ملامح شكوك حاول كثيرون التملص من المحاسبة عبر زرعها بجسد العدالة وحقوق السوريين.

قصارى القول: بالأمس زادت ثقوب غربال عورة وجرائم الأسد “بخشاً”، بعد أن رمى رئيس الائتلاف السوري المعارض بأدلة جديدة، موثقة ومختومة تثبت تورط النظام السوري، نظام ككل، من جيش وأمن ومؤسسات ومسؤولين مدنيين، بمقتل 5210 أشخاص، بينهم أطفال، تعود لأعوام ذروة الثورة “2012 و2013 و2014″، ودفنهم بمقابر جماعية لم تزل مجهولة حتى اليوم.

ليعود التساؤل من جديد، عن أثر هكذا أدلة، على تجريم ومحاكمة نظام وريث، يسعى العالم اليوم لإعادة إنتاجه وتسويقه، بعد أن حولوا حلم السوريين بالحرية إثر أنقى ثورات العصر الحديث، إلى “حرب أهلية” واختصروا حقوق السوريين ومساعيهم بالآدمية والديمقراطية، بمعبر يُدخل إكسير البقاء للنازحين..يمدد فتحه لستة أشهر أو لسنة أم يغلق!!.

نهاية القول: لا أمل يرجى ولو عاد القتلى والمغتصبات بالسجون وقدموا إفادتهم بالمحاكم الدولية، فما بني من آمال، بعد صور قيصر والتوثيق من داخل المعتقلات والمشافي بالأدلة والتسلسل والأسماء، وإصدار واشنطن قانون العقوبات في حزيران يونيو العام الماضي، وما شابه من اختراق بالأشهر الماضية وتجميده بعد وصول شريك أوباما بجريمة الغوطة، بايدن، يُفقد السوريين أي أمل بالعدالة والمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية.

وإن كانت ضرورة طول نفس مواجهة المستبدين تتطلب، الاستفادة من “فيكتوري حمص” كأدلة إضافية على تورط النظام، وارسالها للجان التحقيق الأممية والمنظمات الدولية الحقوقية من أجل البناء عليها في إعداد التقارير التي تدين النظام، واستثمارها كذلك مع وسائل الإعلام الدولية لمزيد من تعرية النظام الأسد وداعميه بموسكو خاصة.

بيد أن الحل الممكن والمتاح والمجدي على الأرجح، يتأتى من السعي لتخسير المستعمر الروسي على الأرض السورية، عبر حركة تحرر وطنية توجعه، إن بقتل عناصر من جيش الاحتلال أو تدمير مقراته واستثماراته، بذلك فقط، يمكن وعبر الوجع الروسي المتكرر، يمكن أن تعيد موسكو المستبد بوتين النظر بحليفها…ووقتذاك فقط، يمكن أن تفكر برمي حمولة جثة صارت تسبب لها الخسائر البشرية والمالية وتزيد من كشف الوجه الحقيقي للاستعمار الروسي بسوريا.

  • Social Links:

Leave a Reply