د. سلامة درويش
عضو المكتب السياسي لحزب اليسار الديمقراطي السوري
يحتفل السوريين في 17 نيسان بكافة انتماءاتهم السياسية والعرقية والأثنية بذكرى الجلاء ليتذكروا بهذه المناسبة تضحيات الثوار الأوائل الذين توحدوا من أجل تحرير الوطن من الاحتلال الفرنسي، وكان شعارهم (الدين لله والوطن للجميع) ، وعندما أنهوا مهمة التحرير سلموا قيادة الوطن للسياسيين الوطنيين الذين صانوا العهد ووضعوا دستور وطني ديمقراطي الكل تحت سقفه لبناء وطن للجميع متحررا من كل اشكال التبعية والاستبداد، فكانت التجربه الوطنية الديمقراطية هي التجربة الاولى في الشرق أعطت المنافسة الديموقراطية بالانتخابات بين الكتل والاحزاب السياسية وساوت بالحقوق والواجبات لجميع السوريين بما فيها المرأة ، لكن مالبثت ان تستمر الا وعاد الاستعمار من الشباك عبر اتباع الإقتصاد له موكلا بذلك ازلامه من العسكريين والسياسيين المستفيدين من اتاوات وسخاء الشركات الاستعمارية وبدأ الانقلاب على التجربة الديموقراطية وتبديل عسكري بآخر الا ان جائت الوحده بثوب عربي وتبعية اقتصادية للاقوى وتبديل حكم مدني بعسكري اخر، مالبثت ان سقطت وحل بعدها انقلاب عسكر البعث وانقلابات ضمنية لتستقر بتحويل المجتمع إلى مجتمع أمني مغلق وتحويل البعث لتابع لفروع المخابرات وأنهوا بذلك اي روح وطنية كان يحملها ثوب الجلاء وتحويل بطولات الثوار الأوائل إلى مهرجانات تصب لصالح حكم العسكر المتمثل بشخصية رجل واحد هو حافظ الأسد الذي شرعن للفساد والسرقة والاستبداد واضعف الروح الوطنية وحولها لولائات امنية وعرقية وطائفية وحتى عشائرية لاضعاف المجتمع من أجل أن يتحكم في السلطة والاقتصاد وتفكيك بنية المحتمع ،،،
لذلك أصبحت روح الجلاء عبارة عن ذكرى باهته، فبدلا من الاستفاده من التلاحم الوطني وزرع الروح الوطنية واستثمارها بتطوير بنية المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية واستكمال المشروع الديموقراطي لتكون سوريا في مقدمة دول العالم، كان هناك شعار اخر شعار للهدم وافقار البلد وتحويل الولاء الوطني إلى ولائات متنافرة مع الولاء الاكبر لصالح الأمن وصالح الديكتاتور الكبير الذي بث روح الطائفية في ربوع الوطن،، وكان متماثلا مع هذا الطرح تيارات أخرى قومية وطائفية يقودها الإسلام السياسي لتحويل الصراع إلى صراع مذهبي والقضاء على الصراع السياسي والطبقي الذي يفضي للصعود إلى الأمام،،
وبعد كل هذه التراكمات في ظل القمع والاستبداد وتفكك المجتمع لن ينسى الشعب السوري وحدة أبطال الجلاء وكسر شوكة المستعمر فانطلقت ثورة ربيعه ثورة هزت اركان النظام وهزت مشاعر العالم بحجم تضحياتها وتحول الحلم الى ثورة شاملة على رقعة الوطن، اخافت دعاة الاستبداد ودعاة الوطنية الزائفة وخصوم المدنية والديمقراطية،، وتجار الدين وجماعة الحلم الثوري الطوباوي الإصلاحي،، فهؤلاء انقضوا على الحلم الثوري الجامح على الساحة السورية،، وخرج من جحور الظلام الإسلام السياسي المتمثل بالإخوان وشتاتهم محاولين الركوب على ظهر الثورة واسلمتها وحرفها عن مسارها الوطني الديموقراطي رافعين شعارات مذهبية وشعار عودة الخلافة والاسلام هو الحل متناسين طبيعة المجتمع السوري وطبيعة تطور العالم،،
لم يتعلموا من علمانية ووطنية شعار (الدين لله والوطن للجميع ) الذي التف حوله كل الثوار بكل سوريا بنضالهم ضد الفرنسيين، عندما حلموا بوطن يليق بتضحياتهم،،، لذلك تاجر الإسلام السياسي بدم الشهداء وتاجر بالدين مستغلا طبيعة الشعب السوري المسالم بطبيعة إيمانه اللا اقصائي لذلك بدأ التبني بطرح شعارات شعبوية خداعة تدغدغ مشاعر البسطاء من شعبنا ليتمكنوا عن طريق المال السياسي شراء ذمم البعض عن طريق أموال الإغاثة او عن طريق ضخ المال الخليجي لكتائب أمراء الحرب الذين اتخذوا اسماء إسلامية او للمجلس الوطني الذي سيطر عليه الاخوان المسلمين ومن بعده الائتلاف بدعم سياسي تركي _ قطري _ سعودي، وتفريخ تيارات متطرفة إسلامية مثل النصرة وداعش وجيش الإسلام إلى بقية التسميات والمليشيات التي تتعدى المئة فصيل،،
للأسف لم يمتثلوا لايمان رجالات الجلاء الذي لم يكن انتمائهم الا وطني ممثلا بكل مكونات الشعب السوري ولم تطرح خصوصيتها العرقية او الطائفية لان همهم الوطني كان تحرري،..
للأسف لقد قام ضعاف النفوس اللا وطنيين بوسم الثورة بالاسلامية السنية بفصائل متناحرة متقاتلة فيما بينها ساعية لتفكيك البنية الإجتماعية للمجتمع ولم تقدم بديلا ديموقراطيا عن النظام بل قدموا الأسوأ عنه ، فقاموا بذبح للوطنيين والمخالف لهم عن طريق السجن او الاخفاء او الاغتيالات الفردية، وجمع الاتاوات من الناس وتكفير الديموقراطية، التي خرج من أجلها الشباب السوري مضحيا بدمه من أجلها للخلاص من الاستبداد والفقر والتهميش.
لقد اغتالوا الحلم الثوري و قدموا صورة سيئة عن عدالة الثورة بإحلال القضاة الاشرعيين المتخلفين خريجي مواخير الظلام والنظام، استبدلوهم عن القضاة حاملي الشهادات الجامعية وجاؤوا بدلا منهم رعاة الغنم الاميين لايفقهوا بالقضاء الا عن طريق أطالة الذقن وتقصير الجلباب على ان يحفظ كلمتين من آيات ربه ،،، وليعبروا عن إماراتهم التي يقودها أمراء حرب فاسدين قتلة مأجورين،،،،
الجلاء درس كان للحرية والكرامة وللوحده الوطنية.
على القوى الوطنية الديموقراطية الاستفادة من دروسه وتعبئة الشعب للوحده حول مضامينه الوطنية،، وأن دماء الشهداء ستوحد الجميع في وطن حر ديمقراطي تسوده العدالة والحرية،، وتعبئة الجميع بتكنيس النظام القاتل المستبد مع مليشياته الطائفية التي جلبها من إيران ولبنان وبقية العالم،، وأن هذا النظام سقط من اول صرخة بوجهه، وفي نفس ألوقت فضح كل من تاجر بدم السوريين واستغل الثورة لمصلحته الشخصية او مصلحة مكونه السياسي وخاصة التيارات الإسلامية وامراء الحرب وتجار الدين او الوطنية الزائفه،،
فليعرف تلاميذ السياسة عندما حاور رجالات الاستقلال المحتل الفرنسي لم يساوموا على دم الشهداء او على بيع الوطن فكان الاستقلال عن الوطن ثمنه الموت او النصر ،،
فليكن درسا لنا لتحرير وطننا من الاحتلالات وطردها ونخص بالذكر الروسي والايراني بتكنيس وإنهاء واجتثاث كنتونات الحرب المتمثلة بحكومات الأمر الواقع وطرد المليشيات الدخيلة ،، من أجل الدفاع عن وحدة الأراضي السورية،، والذهاب إلى الأمام من أجل بناء وطن خالي من الاستبداد والفساد وطن يحكمه دستور يحمل فيه علمانية الدولة فالكل متساوين تحت سقفه بدون تمييز بين مكوناته عرقية او اثنية،، مع القطع مع الماضي المستبد الاقصائي او التكفيري.
Social Links: