عضوة المكتب السياسي في حزب اليسار الديمقراطي السوري
نسرين مجدل
لا بد لأي متابع لأحداث ومجريات ثورتنا السورية العظيمة أن يكون قد رأي عظيم التضحيات التي قدمتها المرأة السورية لهذه الثورة، ونتيجة لطمس حقيقة الحركة النسوية السورية من قبل سلطة البعث التي انقلبت على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بانقلاب عسكري يوم الثامن من آذار من عام 1963فمن الممكن أن لا يعرف الكثير من السوريين وخاصة الشباب منهم بأن تلك التضحيات النسورية هي نتاج طبيعي لإرث نضالي نسوي ساهم بشكل فعال في حصول سورية على استقلالها في عام 1946 وسأورد خلال الأسطر القادمة جزأً يسيرا من هذا الإرث النضالي لنساء سورية.
لم تكن المرأة السورية بيوم من الأيام كما صورها مخرجي نظام الأسد ومنتجيه من أمثال بسام الملا ومحمد قبنض عندما حاولوا وبأوامر مخابراتية تصوير المرأة السورية على أنها تلك الكائن المختفي خلف ردائها الأسود (الملاية) والتي لم يكن أي هم لها سوى إرضاء سيدها وبعض أحاديث النميمة بين نساء الحارة، بل كانت المرأة السورية عنصراً فعالاً في الحياة الإقتصادية والسياسية والاجتماعية للمجتمع السوري، ولم لا وهي حفيدة الأميرة الفينيقية “يوربا” التي أعطت اسمها لقارة كاملة ((قارة أوربا)) وهي حفيدة زنوبيا ملكة تدمر. ولتأكيد ذلك لا بد لنا بالعودة إلى فترة الاحتلال العثماني لنرى رائدات العمل السياسي والأدبي والاجتماعي اللواتي كسرن قيودهن فها هي السيدة لبيبة هاشم كانت قد أصدرت في عام 1906 مجلة ((فتاة الشرق)) التي كانت تهتم بالهموم العامة، والحياة السياسية، وماري عجمي التي واجهت الاحتلال العثماني ومن ثم الاستعمار الفرنسي والتي أسست بدورها في عام 1919 مجلة ((العروس)) إضافة لتأسيسها العديد من الجمعيات النسائية. ولا يمكن للتاريخ إلا أن يذكر عادلة بيهم الجزائري التي شاركت في النضال السياسي ضد العثمانيين، وحمت هي ورفيقاتها أناساً كثيرين من أعواد المشانق التركية، وأسست عدة جمعيات نسائية، لأهداف سياسية في المرحلة الأولى، ثم لأهداف ثقافية واجتماعية، وأسست عام 1933 ( الاتحاد النسائي العربي السوري ) الذي ضم عشرين جمعية نسائية. إضافة إلى تأثير النهضويات اللبنانيات كزينب فواز، التي عاشت جزءاً من حياتها في سورية، ودعت إلى مشاركة المرأة في الشؤون السياسية.
ولعل السيدة ثريا الحافظ، صاحبة المنتدى الشهير ” منتدى سكينة الأدبي ” في دمشق، من أهم الأسماء التي شاركت في الحياة السياسية، والتي قيل عنها إنها “بطلة المظاهرات وخطيبة الجماهير”، التي لا يعرف الخوف قلبها، أحبت لغتها، وعشقت قوميتها.. إن من يقرأ روايتها ” حدث ذات يوم” يطلع على نضال المرأة السورية ضد الاستعمار الفرنسي، وعلى كفاح الفتيات السوريات اليافعات ضد الطغيان، الذي يعد مفخرة في تاريخ النضال النسوي السوري، وقد وصف منتداها بأنه صالون أدبي فني سياسي حيث خصص أياماً خاصة بالثورات، الثورة السورية الكبرى، الثورة الجزائرية.
كما ساهمت ثريا الحافظ في توعية النساء وتحريضهن ضد الاستعمار الفرنسي بمحاضرات وأحاديث إذاعية، وتمريض جرحى المظاهرات ضد المستعمر الفرنسي، ومواساة أسر الشهداء ورعاية أطفالهم مادياً ومعنوياً، وتوجيه النساء لممارسة حقهن المشروع في ممارسة الحق الانتخابي، ومن ثم حق الترشيح، كما قامت على رأس مئة سيدة، برفع النقاب عن وجوههن في مظاهرة تحررية قمن بها في شوارع دمشق، تلك الخطوة التي شقت الطريق للنساء كلهن ليمارسن أبسط حقوقهن وحرياتهن.. كما فاخرت بأنها أول امرأة سورية رشحت نفسها لانتخابات عامة.
هذا غيض من فيض حول مشاركة المرأة السورية في النضال ضد الاستعمارين العثماني والفرنسي، أما بالنسبة للنضال الوطني خلال فترة الاستقلال ونظراً لغنائه فسأخصص له مقال منفرد.
Social Links: