م .رشيد الناصر
عضو المكتب السياسي لحزب اليسار الديمقراطي السوري
لم يكاد يستفق الاقتصاد العالمي ومن ضمنه الاقتصاد العربي من صدمة مرض كوفيد 19 التي تسببت بموجة اغلاقات فرضتها الحكومات على الكثير من القطاعات الاقتصادية والتي ادت لموجة انحسار اقتصادي كبيرة، إلا وأن جاءت صدمة أخرى لتهز أركان الاقتصاد العالمي وهي الحرب الروسية الأوكرانية التي إندلعت شرارته عند بدأ روسيا بغزو أراضي جارتها أوكرانيا الدولة المستقلة في 24 شباط من هذا العام.
ولدراسة تأثير هذه الحرب على العالم العربي لا بد لنا من تقسيم الدول العربية لمجموعتين مجموعة رابحة من الحرب ومجموعة خاسرة.
وإذا ابتدأنا من مجموعة الرابحين لا بد لأنظارنا أن تتوجه على الفور للدول العربية المُنتجة للنفط والغاز وهي بالطبع الدول الخليجية حيث أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى قفزة هائلة بأسعار الطاقة وعلى رأسها النفط والغاز، حيث دفعت هذه الحرب بسعر برميل النفط الخام إلى 130 دولار للبرميل الواحد، بعد أن كان في اليوم التي سبق الحرب لا يتجاوز 95 دولار أمريكي للبرميل الواحد. ووفقاً لتقديرات بنك (HSBC)، فإن كل زيادة مقدارها 10 دولات لبرميل النفط الواحد فإنها تضيف ما يقارب 65 مليار دولار أمريكي إلى عائدات تصدير النفط لدول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي وبدراسة بسيطة فإنه في بداية الحرب تكون دول مجلس التعاوت الخليجي قد حققت حوالي 227 مليار دولار أمريكي كعائدات لتصدير النفط. واعتبر إدواردو سارافال، الباحث في برنامج الطاقة والاقتصاد والأمن في مركز الأمن الأميركي الجديد، أنه “يمكن أن يفيد ارتفاع أسعار الطاقة المصدرين في الشرق
أن “الحرب لا تعني أنباء جيدة للدول المنتجة للطاقة في الشرق الأوسط فقط، حيث ستصل كذلك تبعات تأثر الاقتصاد العالمي السلبي بالحرب وغياب اليقين وانخفاض النمو على حجم الطلب على الطاقة في المدى المتوسط.
الأوسط، وربما يعزز استقرار النظم الحاكمة، كما أن هناك مؤشرات على أن الأزمة الحالية يمكن أن تؤدي إلى بعض التحالفات الجديدة، كما رأينا مع المناقشات حول تسعير النفط بين الصين والمملكة العربية السعودية دون الاعتماد على الدولار الأميركي، ولكن مثل هذه التغييرات واسعة النطاق تستغرق وقتا طويلا. إلا أن للسيد عدنان مازاري كبير الخبراء بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي بواشنطن، ونائب مدير منطقة الشرق الأوسط السابق بصندوق النقد الدولي رأي أخر حيث أكد أن “الحرب لا تعني أنباء جيدة للدول المنتجة للطاقة في الشرق الأوسط فقط، حيث ستصل كذلك تبعات تأثر الاقتصاد العالمي السلبي بالحرب وغياب اليقين وانخفاض النمو على حجم الطلب على الطاقة في المدى المتوسط”.
أما بالنسبة لمجموعة الاقتصاديات العربية الخاسرة من الحرب الروسية الأوكراني فهي بكل تأكيد الدول العربية غير المنتجة للنفط أو الغاز وعلى رأس تلك الدول مصر حيث سيعاني الاقتصاد المصري وغيره من الاقتصاديات العربية غير المُنتجة للنفط مثل تونس ولبنان بصورة كبيرة، ولا سيما وأن تلك الدول من الدول المستوردة للطاقة من ناحية ومن ناحية مستوردة للمواد الغذائية وعلى رأسها القمح والزيوت النباتية التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير تأثراً بالحرب الروسية الأوكرانية. وأكد السيد عدنان مازاري أن أسعار القمح والذرة والشعير ارتفعت كثيرا، واستمرار الأسعار على حالها أو زيادتها سيسبب الكثير من المشكلات للدول المستوردة للغذاء مثل مصر ولبنان وتونس، ولو نظرنا إلى دولة كمصر، فأغلب وارداتها من القمح يأتي من أوكرانيا وروسيا، كذلك للحرب تبعات سلبية على صناعة السياحة التي تضررت بشدة بعد بدء القتال، ويؤثر ذلك على ارتفاع معدلات البطالة، إضافة لانخفاض مصادر العملات الصعبة”.
وأشار السفير الأميركي ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي إلى أن هناك بلدانا عربية أخرى، ولا سيما مصر ولبنان، ستواجه ضغوطا شديدة للتعامل مع ارتفاع التكاليف في وارداتها من السلع الزراعية. وفي السنوات الأخيرة، اعتمدت الدولتان بشكل كبير على الواردات من روسيا وأوكرانيا من الحبوب وبذور عباد الشمس لزيت الطهي، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى عدم الاستقرار السياسي إذا لم تتلقيا المساعدة اللازمة لمواجهة الزيادة المتوقعة في الأسعار والتي قد لا يتحملها المستهلكون، في حين أنه بالنسبة للدول الأقل حظا، مثل اليمن، قد يعني ذلك مجاعة جماعية والمزيد من المشاكل الصحية للسكان الفقراء بالفعل من جراء الحرب الأهلية هناك. ويمكن أيضاً أن نصنف بعض الدول العربية كدول متوسطة التأثر بالحرب الروسية الأوكرانية وهي الدول المُنتجة للنفط ولكنها تمتلك كثافة سكانية كبيرة مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي مثل الجزائر والعراق حيث سيكون تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على تلك الدول تأثير متعادل ما بين ارتفاع النفط والغاز المُنتج لدى تلك الدول وما بين ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تستودردهما تلك الدول.هنا يجب ان لا ننفي دور العلاقة والربط بين تأثير تداعيات الحرب وسياسة وقرارات الشركات الاحتكارية العالمية لتجاوز الازمة العالمية والحفاظ على ديمومتها دون الوقوع في مستنقع الافلاس والخسارة.
Social Links: