سامر كعكرلي
سكرتير المكتب الإعلامي لحزب اليسار الديمقراطي السوري
مر في الأسبوع الماضي حدثان لا يجب أن يمرا مرور الكرام على شعبنا السوري وعلى ما يسمى قواه الوطنية التي وقفت مع ثورة الشعب السوري، لأنهما يؤشران لمؤشرات هامة في خضم هذه الثورة العظيمة.
الحدث الأول هو قيام هيئة تحرير الشام بحفر خندق حول مناطق سيطرتها دون بيان الأسباب التي دفعتها للقيام بذلك الأمر الذي دفع السوريين في تلك المناطق للتفكير بأن هيئة تحرير الشام تقوم برسم حدود إمارتها الظلامية في خطوة ربما تكون باتجاه تثبيت أمر واقع وجودها وفرضه بأي حلول سياسية قادمة.
والحدث الثاني جرى في منطقة إعزاز عندما قرر قاضي عسكري أن يطلق سراح مجرم قام بالقتل والاغتصاب وذلك لقاء رشوة مقدارها ألف وخمسمائة دولار أمريكي.
وبكل تأكيد لا يقصد هنا بموضوع المؤشرات التي يجب أن تستخلص الحدثين بحد ذاتهما لأنه وبالنسبة للحدث الأول المتعلق بهيئة تحرير الشام التي فرضت سلطتها كأمر واقع بقوة السلاح ،بعد أن قضت على معظم فصائل الجيش الحر الذي أفرزته ثورتنا العظيمة فإنه من غير المستغرب عليها القيام بمحاولة تحديد حدود إمارتها عبر حفر خندق، وبالنسبة للحدث الثاني فإنه أيضاً بات معروفاً للجميع مدى الفساد والمحسوبية التي تسود في مناطق سيطرة الفصائل وأمراء الحرب التي أيضا فرضت نفسها بقوة السلاح كسلطات أمر واقع مدعومة من جيش أجنبي تركي يقوم على تحقيق مصالح دولته تركيا دون الالتفات لمصالح الشعب السوري سواء في مناطق نبع السلام أم غصن الزيتون.
ولكن القصد بالمؤشرات هو ردات فعل السوريين لهذين الحدثين، حيث أستنفر السوريين في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام وقاموا
بالفرض على الهيئة للتوقف على ما يمكن أن يكون مستقبلاً حدود انفصالية لإمارة ظلامية. وأيضاً قيام أهالي إعزاز بالاستنفار والتظاهر ومحاصرة مقر المحكمة التي قررت الإفراج عن المجرم القاتل والمغتصب وإجبار الهيئة القضائية بالعودة عن قرارها واتخاذ قرار بمحاسبة المسؤولين عن الإفراج وصولاً لوزير العدل في الحكومة المؤقتة المسؤول بشكل أو بأخر عن تلك التجاوزات.
فعلى الرغم من ضَنَكِ العيش الذي يَعُم مناطق مكان حدوث الحادثين، وعلى الرغم من قسوة الاستبداد ولا سيما في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام وعن سجونها وقسوة التعذيب فيها وكل ذلك كنا قد ذكرنا هنا على صحيفة الرافد جزءً منها في العدد السابق، فإن شعور السوريين بأن هناك مخططاً لتقسيم سورية إلى كانتونات جعل استنفار السوريين كبيراً لدرجة أرعب هيئة تحرير الشام وأجبرها على التوقف عن حفر الخندق، أيضاً فإن شعور السوريين بأن ثورتهم بالأساس قد قامت لمحاربة الفساد والمحسوبية لا تسمح بانتشار فساد ومحسوبية بلون وصيغة جديدة فأجبروا على التراجع عن قرارات فاسدة.
تلك هي المؤشرات التي يجب أن تدرس جيداً لأنها تلخص بأن الشعب السوري ما زال يتمسك بثوابت ثورته بالحرية والكرامة التي انطلقت في عام 2011 وأنه على الرغم من الشدائد فلا يمكنه أن يغض الطرف عن ما يحاك من مؤامرات تقسيميه أو غيرها لهذا الوطن الذي دفع دماءً غالية على مذبح حريته.
ونحن في حزب اليسار الديمقراطي السوري وبعد توجيه التحية لهذا الشعب السوري سواء في منطقة سيطرة هيئة تحرير الشام أو في مناطق سيطرة الفصائل الإسلامية وأمراء الحرب المدعومة تركياً على مواقفهم التي تنم عن وعي وطني عالي الحدود فإن الحزب يؤكد بأنا كان وما زال وسيظل يراهم على هذا الشعب السوري العظيم ولن يراهن على القوى السياسية التي تسلقت على ظهر أطهر ثورة عرفتها البشرية وأنه كحزب لن يكون إلا طوعاً لإرادة الشعب السوري وثورته لأنه بكل بساطة خرج من صفوف هذا الشعب ومن رحم ثورته.
Social Links: