بقلم م. سامر كعكرلي
سكرتير المكتب السياسي في حزب اليسار الديمقراطي السوريأثارَ بيانَ حِزبُنا – حزبَ اليسار الديمُقراطي السوري – الصادر بتاريخ 23/09/2023 حَولَ الهَجمةَ العُنصريةَ ضِدَ السوريين في تِركيا، حَفيظة بَعضِ الشَخصياتِ الَتي تَختَبئ خَلف مُكَوناتٍ سوريةٍ أصيلةِـ لتَجعَلها دَرئَيةٌ لِتحقيقِ مَصالِحها الشخصيةِ. وقَد اعتبرَ هَؤلاء، بأنَ بيانَ حزبَ اليسار المَذكور يُسَببَ الفِتن بَينَ مكوناتِ الشعبِ السوري، لأَنَهُ يُحَرضَ ضدَ السُّوريين من أصولٍ تُركمانِيةٍ، وهذا مُنافي للحقيقةِ بشكلٍ مُطلقٍ.ولكن قَبلَ الخَوضَ بذلك، لا بد من ذكر بعض النقاطِ التي أراها تَستَوجِب التَوضيح. أولى تِلكَ النقاطَ، أن من نقدَ حزب اليسار الديمقراطي السوري، قد تَرحَم على أمينِ عامِ الحزبِ الأسبق الراحلَ الكبير “منصور أتاسي رحمه الله”، ولا ضَررَ بذلك، لا بالعكس، فهذا واجبٌ أخلاقي أولاً، ووطني ثانياً، لأن الراحل “منصور أتاسي رحمه الله”، قامةٌ وطنيةٌ كبيرةٌ، قبل أن يكون قامةٌ حزبيةٌ نَعتزُ بها نحن أعضاء الحِزب، أما أن يكونَ التَرحُم عَليه مِن بابِ الغَّمزِ واللَّمزِ، بأن الحزب قد أضاع بوصَلتِه بعد وفاة الرفيق “منصور أتاسي رحمه الله” ، فهذا لا نقبله، وأنا أجزُّم بأن الراحلَ الكبير “منصور أتاسي رحمه الله” لو كان بيننا اليوم لما قَبِلَهُ، لأنَ المؤسسَ الحقيقي لحزب اليسار هو مَجموعةُ من الرِفاق، اجتمعوا على رُؤية سياسية واحدة، وأخذوا على أَنفسهم (وأولهم “منصور أتاسي رحمه الله”) بِأنَهُ لا عودة لِمفهومِ عبادةِ الفرد، وأنَ مفهومَ القائد الأوحد المُنقذ قد ولى دون عَودة. ولِذلكَ فَنحنُ كأعضاءٌ في حزب اليسار الديمقراطي السوري، وكما كًنا نعتز بالرفيق الأمين العام الأسبق “منصور أتاسي رحمه الله”، فإننا أيضاً نَعتزُ بأميننا العَام السَابق الرفيق “عبد الله حاج محمد” وأميننا العَام الحالي الرفيق الدكتور “سلامة درويش”. ولكن لا يعني هذا الاعتزاز بهُم بحالٍ من الأحوَال، أنهم -أي الأمناء العامين – مُنَزَهين عنِ المُساءلة والمُحاسبة في حال الخطأ. ونؤكد بأننا في حزبِ اليسارِ الديمُقراطي السوري، يساريون صلبون، نَمتلك يداً فولاذية غير مُرتَجِفة، طَردَت من صُفوفِ الحزبِ – كما يُطردُ الكلبُ الأجربُ – كَلَ من حَاولَ استغلالَ وفاةِ الراحلِ الكبير “منصور أتاسي رحمه الله”، لجَّرِ الحزبِ للعَقليةِ اليساريةِ الانتهازيةِ القديمةِ الاستبداديةِ. وبِذكرِ الاستبدادِ، فإنَنا في حِزبِ اليسارِ الديمقراطِي السوري نُؤكد للمَّرةِ المَليون، بأننا ديمُقراطيون في التَعامُلَ مع بَعضِنا البعضِ، ولا مَجالَ هُناك لِهيمنةِ أي شخصٍ أو مجموعةٍ من الأشخاصِ على الحزب، وأنَ تَمَسُكَنا بالديمُقراطية الحَقيقة، جَعَلتنا لا نَنخَدِع كَما خُّدع الكثير من فِلولِ اليسارِ الانتهازي، بِكلمةِ الديمُقراطيةِ التي تُّلمِعَ اسم بَعضِ سِلطاتِ الأمرِ الواقعِ، التي تحكُم بعض مناطق وطننا العزيز، فأنجَروا وراء أكاذيب تلك السِلطات، وبدأوا بِالتَرويجِ لها تَحتَ ذَريعةِ أنهُم ديمُقراطيين، وهم أبعد ما يُمكن عن ذلك.وبالعودةِ لصلبِ المقالِ، حَولَ ما أُشيرَ بهِ بأنَ حزبَ اليسار الديمُقراطي السوري، يُرَوجَ للفتنةِ بينَ مكوناتِ الشعبِ السوري، وذلكَ عِندَما استخدمَ مُصطَلحَ “التركمانية السياسية”، فَإننا نؤكدَ بِأنَ استخدامَ هذا المُصطَلحَ، كَانَ استخداماً واعياً وحريصاً جداً، من قِبلِ الحزبِ على أهلِنا السوريين مِن الأصولِ التركمانيةِ، والذي نَعلمُ تَماماً التَضحياتَ التي قَدموها في سبَيل سورية، ولا داعي لِتَذكيرِنا بها، لأنَنا لَم نَنساها، ولكِننا كَحزبٍ، نَراها في سياقِ تضحياتِ عُمومِ الشَعبِ السوري، التي قُدِمَت عَلى مِحرابِ الحريةِ والكرامةِ، وأنَ استخدامَ هذا المُصطَلح “التركمانية السياسية”، يَهدُف من دونِ شَكٍ، إلى تَبرِأةِ أَهلُنا السوريين من أصولٍ تركمانيةٍ، من تَصَرُفات بَعضِ القادةِ التُركمان، الذينَ يَحكُمون – كَسلطاتِ أمرٍ واقعٍ – بعضَ مَناطقَ شمالَ سوريا، واللذين يَعيثونَ فساداً، تحت غِطاءٍ وحمايةٍ من قِبَلِ الدولةِ التركية، ليؤدي ذَلكَ لِظهورِ طَبقةٍ جديدةٍ من المُنتفعين، تَراهُم يتَلَظَونَ بِالتُركُمانيةِ – وهي منها براء – لِيتَقَربوا بِذَلكَ من المُتَنَفذين الفَاسدين، تَماماً كَبعضِ قادةِ الفصائلِ منَ العربِ أو غيرهم، والذين كَانوا وما زالوا، عِرضةً لِسهامِ نَقدِنا في كُلِ خِطاباتِ ووثائقِ الحزبِ، واصفينَهُم بِأنَهُم جُزءٌ منَ تيارِ “الإسلامِ السياسي” – الذي أيضاً يَقعَ تَحتَ حِمايةِ ووصايةِ الدولةِ التركيةِ -، وذَلك أيضاً للنَئي بِالمسلمينَ عن تَصرُفاتِ هذا التَيار، الذي أَضرَ بثورتِنا العَظيمةِ، ونَستَغرب هُنا مِمَن اتَهَمَنا بِبَذرِ بُذورَ الفِتنةِ، عِندما استَخدمنا مُصطَلح “التُركمانية السياسية” عَدم غيرتُهم على الإسلام عند استخدامنا لمُصطلح “الإسلام السياسي” ، كالغَيرةُ المُزيفةُ التي ظَهرت عنِدَهُم على أهلِنا السوريين من أصولٍ تركمانيةٍ، مِما يؤكد بأنَ هذهِ الفَبرَكةَ من قِبَلِهِم، تَهدُف للنَيلِ من المواقفَ الوطنيةَ لحزبنا وهذا ما لا يقدرون عليه.وفي السياقِ ذاتهُ، فإنَ حزبَ اليسارَ الديمُقراطي السوري، لا يَنظُرَ بنظرةِ الرِضا عَلى هذهِ النَزعةِ القوميةِ التي بَدأت تَجتاحُ المُكَوناتِ السوريةِ من عَربٍ وكُّردٍ وتُركمان وغَيرهم، والتي تَجَلت بتشكيلِ تنظيماتٍ وأحزابٍ وجمعياتٍ، على أُسسٍ غير وطنيةٍ، تَعتَزُ برموزٍ كالأعلام والشخصيات غريبةٍ عن السوريين، ولكن بذاتَ الوقتَ، نُدركَ في الحزبِ بأنَ بدايةَ اضمحلالِ الدولةِ السوريةِ بسببِ هَمَجية وإجرامِ “بشار الأسد” ونظامَهَ، هو السَببَ الحقيقي َوراءَ بِدايةَ الاحتماءَ بالمكونِ العِرقِي، وبالطائفةِ والعشيرةِ، لأنِ الدَولةُ لَم تَعُد بالقادرةِ على حمايةِ مواطنِيها، ولكِنَ – ومِن كُلِ بُدٍ – فإنَهُ بَعدَ سُقوطَ “بشار الأسد” ونِظَامَهُ، والبدءُ بإعادةِ بناءِ سورية كدولةِ المواطنةِ والعدالةِ الاجتماعيةِ، ،فإنَ حِزبَنا حزبَ اليسار الديمُقراطي السوري، لن يَكتَفي بالنظرةِ غير الراضيةِ، بل سَيعمَلَ كُلِ جِهدهُ، وبالتعاونِ الكاملِ مع كافةِ القوى الوطنيةِ الديمقراطيةِ السوريةِ، على إدانةِ هذا التَشرذُم العِرقي والطائفي، ومُحَارَبَتِهِ بالوسائلِ الديُمقراطيةِ السلميةِ.
Social Links: