عبد الله حنا
انضمام عدد من أبناء وجهاء العلويين إلى الحزب
أثناء الجولة الميدانية في عام 1984 لدراسة تاريخ الحركات الفلاحية في سورية لاحظنا من خلال ما سمعناه من المتقدمين في السن من الفلاحين كثرة انتساب أبناء مشايخ ورؤساء العلويين إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي .
الفلاح علي هلال من رأس الخشوفة بالقرب من صافيتا , ذكر لنا إن أول حزب ظهر في المنطقة عام 1936 هو الحزب السوري القومي , الذي كان الناس يظنون أنه ضد الإقطاعية ” وإذا بأولاد المشايخ والأفندية يدخلون في الحزب ” . وظاهرة انضمام عدد كبير من أبناء مشايخ ورؤساء العلويين إلى الحزب السوري القومي , ثمّ تحوّل قسم منه باتجاه حزب البعث العربي الاشتراكي بعد وصوله إلى السلطة في الثامن من آذار 1963 , ظاهرة بحاجة إلى دراسة تتميز بالجرأة والصراحة واقتحام المحرمات …
كما سمعنا من مصادر عديدة أن أحد أسباب انتشار القوميين السوريين في الساحل وجباله هو ” مصلحة الريجي ” . فهذه المؤسسة كانت تضم عددا كبيرا من القوميين السوريين , الذين يقومون بعملية تخمين الدخان ( التبغ ) . ولهذا قام قسم من زارعي التبغ بمصانعة موظفي الريجي هؤلاء كي يخففوا الأعباء المالية عنهم . والمصانعة تعني هنا الانتساب للحزب السوري القومي الاجتماعي . ولكن ذلك لم يكن يعني أن الجميع دخلوا بسبب المصلحة . فكثيرون دخلوا الحزب عن قناعة وإيمان بمبادئه …
في حزيران 2005 التقيت في جبلة مع مدرس اللغة العربية جهاد جديد , الذي قدّم لنا معلومات دقيقة عن حياة اثنين من قادة الحزب السوري القومي في المنطقة وهما فاضل الكنج وجميل مخلوف , الذي كان من قادة الحزب على المستوى السوري منذ عام 1951 . وفيما يلي ننقل مع اضافات توضيحية من كاتب هذه الأحرف ما ذكره معاصر الرجلين جهاد جديد :
انتشر الحزب السوري القومي في ريف جبلة بفضل شابين من عائلتين معروفتين هما :
– جميل مخلوف معلم الابتدائي المولود 1920 وكان عفيفا صادقا في معتقده أصوليا في الفكر القومي الاجتماعي , حسب شهادة الأستاذ جهاد جديد . وعندما طلب حاكم سورية أديب الشيشكلي من الموظفين حلف يمين الولاء للنظام رفض جميل حلف اليمين انسجاما مع مبادئه , فسُرّح من التعليم وبقي بلا عمل وعاش في فقر . وبعد جريمة قتل معاون رئيس الأركان عدنان المالكي واتهام الحزب السوري القومي بالتخطيط للجريمة وتنفيذها لوحق جميل مخلوف فالتجأ إلى لبنان رافضا هناك أي امتياز . كان لجميل مخلوف دور بارز في نشر ” الفكر القومي الاجتماعي ” في ريف جبلة وجواره . وقد استند جميل على عائلته القاطنة في بستان الباشا وسلورين . واستطاع جميل مخلوف أن يضم إلى الحزب السوري القومي أعدادا من الشباب وفي مقدمتهم أقرباؤه من آل مخلوف . وجاء زمن , في أوائل خمسينات القرن العشرين , أُطلق فيه على بستان الباشا اسم ” بستان سعادة ” تعبيرا عن اعتناق أكثرية القرية , وهم من آل مخلوف ,مبادئ انطون سعادة .
– فاضل الكنج وهو كجميل من مؤسسي الحزب القومي الاجتماعي . وهو ابن أخ إبراهيم الكنج الزعيم العلوي المشهور ورئيس عشيرة الحدادين من بني علي في ريف جبلة . وتميّز فاضل بخروجه على الولاء العشائري ودعوته الخالصة للفكر القومي الاجتماعي العلماني والمناهض للعشائرية والطائفية . وهو أيضا أصولي في الفكر القومي الاجتماعي ” عفيف سياسيا وماديا وعاش في ظلم ” حسب تقويم جهاد جديد له . نافس فاضل الكنج في الانتخابات قريبيه شفيق إبراهيم الكنج وبهجت حسن نصور. ومع أن النجاح لم يحالفه في معركته الانتخابية إلا أن دخوله المعركة الانتخابية دلّ على أمرين هامين :
– رغبة أبناء الدرجة الثانية في العشيرة في الوصول إلى القمة . وهذه الظاهرة نجدها في أماكن كثيرة سواء في الجبل العلوي أو على نطاق سورية .
– خروج الصادقين في العقيدة من الأحزاب العقائدية العلمانية ( الشيوعي والبعث والسوري القومي ) على تقاليد العشيرة وأعرافها وسعيهم لنشر فكر جديد داع إلى الوحدة الوطنية , وهو على طرفي نقيض مع الفكر العشائري أو الطائفي .
Social Links: