عبد الرزاق دحنوان
في ذكرى رحيل الشيوعي الأخير في السعودية!
بقيت ربطة عنقه الحمراء تميزه عن غيره من السعوديين، لأكثر من ثلاثة عقود، كان صالح المنصور يلفت أنظار المشاركين في فعاليات الرياض الثقافية، حيث كان يُطلق عليه الوسط الثقافي السعودي ” الشيوعي الأخير” عاش حياته متجولاً بين رفوف المكتبات وأروقة معرض الكتاب في الرياض، يُجادل، يُناقش، وينتصر لفكرة لا تجد لها رواجاً بين السعوديين الذين كانوا أكثر انفتاحاً قبل أربعة عقود مثلما يرى “أبو نضال” كما كنى نفسه. لن تجده حاضراً في كل ما يتعلق بالثقافة والأدب، ولن يُلفتك زيه الدائم، والذي بات علامة فارقة في كل المناسبات، بدلة بسيطة وربطة عنق حمراء ترمز لأفكاره، ستفارقه أخيراً بعد أن سلَّم روحه إلى بارئها إثر حادث دهس تعرض له يوم الاثنين الثالث من شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 2016 ورحل عن عمر ناهز الستين عاماً.
يتنقّل صالح المنصور على عصاه التي أتعبتها الأيام بين طاولات المكتبات العامة باحثاً عن كتب الشيوعية والاشتراكية، زار في أواخر ثمانينيات القرن العشرين الاتحاد السوفييتي وعاد حاملاً معه أفكاراً جعلت اسمه أشهر من النار على علم في مدينة الرياض. واشتهر أكثر من خلال رواية الروائي إبراهيم الوافي “الشيوعي الأخير” والتي تتمحور شخصية بطلها حول شخصية صالح المنصور، والذي من جانبه عكف على تأليف رواية للرد على رواية إبراهيم الوافي بعنوان “شيوعي الرياض” وقال إن رواية “الشيوعي الأخير” هي التي حركت مشاعره لكتابة “شيوعي الرياض” وهي رواية تحاول أن تحكي عن المجتمع السعودي عندما كان يعاني من العزلة، قبيل انتشار وسائل الاتصال.
آمن صالح المنصور بالفكر الاشتراكي لعقود طويلة، ودعا دومًا للتوجه شرقًا نحو روسيا والصين؛ محذرًا من أن الغرب “لا يؤمن جانبه” والشراكة معه تقوم على المصلحة والنفعية البحتة، لا على استراتيجية طويلة المدى. وكان يؤكد في كل حديث له أنه مسلم ويحفظ القرآن الكريم، ويؤكد أيضًا أن فكره الشيوعي لا يتعارض أبدًا مع الشريعة الإسلامية وما جاء فيها من تعليمات. ومن الغرائب التي تجدها في شخصية صالح المنصور، إنه لا يقود السيارة، ولا يستخدم في كتاباته سوى القلم الأحمر، بجانب اختياره العزلة عن الأسرة والأهل، وعلق على ذلك بقوله: اتجنب التواجد بين أسرتي كي لا أسبب لهم حرجًا، كون أفكاري وهندامي وطريقة عيشي؛ تجعلهم محرجين أمام الآخرين.
Social Links: