شيوعيوا امريكا يفضحون العدوان ويقفون مع غزة

شيوعيوا امريكا يفضحون العدوان ويقفون مع غزة

وصلت عقود العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني إلى نقطة اللاعودة في الأسبوع الأول من هذا الشهر، مما أثار رد فعل قوي. وكما كان متوقعًا، فقد قوبل هذا الأمر بعمليات انتقامية وحشية من جانب إسرائيل، التي ظلت تقصف غزة بوحشية وعشوائية لمدة أسبوع تقريبًا. وبينما تستعد إسرائيل لغزو بري محتمل لغزة، فقد أمرت مليون شخص بالفرار إلى الجنوب -وهي مهمة مستحيلة، حيث لا يوجد مكان يمكن أن يذهبوا إليه في أكبر سجن مفتوح في العالم.

هذه نتيجة لعقود من القمع والإذلال للشعب الفلسطيني على يد المحتلين الإسرائيليين. يجب على جميع الشيوعيين وكل من يدعم المظلومين والمستغَلين أن يقفوا بشكل حازم دفاعًا عن غزة وقضية الفلسطينيين.

لكن السياسيين ووسائل الإعلام الرأسمالية في هذا البلد يريدون منا أن نصدق قصة مختلفة تمامًا. لقد كان وابل الدعاية الحربية منذ يوم الجمعة الماضي هائلاً. ربما لم يشهد الجيل الحالي من الشيوعيين الشباب من قبل هذا الحجم من التعبئة للسيطرة على الرأي العام. تعمل وسائل الإعلام الرأسمالية من اليمين إلى “اليسار” بشكل محموم، وتسعى إلى خداع الأمريكيين والتلاعب بهم وإرباكهم بشأن الطبيعة الحقيقية لهذه الحرب.

كما قال مالكولم إكس على نحو مناسب: «إذا لم تكن حذرًا، فإن الصحف ستجعلك تكره الأشخاص الذين يتعرضون للاضطهاد، وتحب الأشخاص الذين يمارسون الاضطهاد».

الطبقة السائدة تكذب

لقد وصف جو بايدن الهجوم على إسرائيل بأنه عمل من أعمال “الشر المطلق”، ويود أن نصدق أن هجوم حماس لم يكن مبررًا على الإطلاق. ولكن دعونا ننظر إلى بعض الحقائق، ونرى ما إذا كان لبايدن وطبقته الحق في الإدلاء بمثل هذا التصريح.

السياق الأوسع هو أن الفلسطينيين تحملوا أكثر من 75 عامًا من القمع والاستغلال والإذلال الذي لا ينتهي. إن ميزان القوى بين إسرائيل وفلسطين غير متكافئ إلى حد كبير، سواء من الناحية العسكرية أو من حيث الظروف المعيشية، وهو أمر يعود إلى عقود عديدة مضت. فمن ناحية، هناك القوة العسكرية الأكثر تقدمًا في المنطقة، والتي تمولها الإمبريالية الأمريكية لعقود من الزمن، ومن ناحية أخرى، هناك شعب فقير ومضطهَد حرم من وطنه وحرم من الحقوق الديمقراطية الأساسية لأجيال.

في الفترة بين عام 2008 وسبتمبر/أيلول من العام الحالي، قُتل ما لا يقل عن 6.407 فلسطيني نتيجة مباشرة لهذا الصراع، مقابل 308 في إسرائيل، أي بنسبة 21 إلى 1 تقريبًا. وخلال هذه الفترة نفسها، أصيب حوالي 152.560 فلسطينيًا، مقارنة بـ 6.307 إسرائيليًا، بنسبة 24 إلى 1. لا يستطيع الفلسطينيون التنقل بحرية، ولا يستطيعون الحصول على الجنسية الإسرائيلية، حتى عن طريق الزواج. وتسيطر إسرائيل على 85% من مصادر المياه التي يستخدمها الفلسطينيون، الذين يقل وصولهم إلى هذا المورد الحيوي بكثير عن المستوى الذي أوصت به الأمم المتحدة. وعلى الجانب الآخر، يستهلك الإسرائيليون ما لا يقل عن أربعة أضعاف كمية المياه التي يستهلكها الفلسطينيون. ولإضافة إهانة مقيتة إلى الجرح، أظهر مقطع فيديو صدر في يوليو/تموز الماضي القوات الإسرائيلية وهي تصب الخرسانة حرفيًا في بئر فلسطيني.

تقوم الدولة الإسرائيلية الآن بقتل مئات الفلسطينيين بشكل عشوائي. وتتعرض المستشفيات والمدارس والمساجد والعائلات والمباني السكنية للقصف دون أي إنذار. في إحدى الحالات، أمرت القوات الإسرائيلية الفلسطينيين في بيت حانون بمغادرة منازلهم والتوجه إلى وسط المدينة، الذي تم استهدافه عمدًا بعد ساعات.

تتضمن حملة القصف هذه استخدام الفسفور الأبيض في واحدة من أكثر المناطق الحضرية اكتظاظًا بالسكان في العالم، والذي من المؤكد أنه سيسبب وفيات وإصابات وحشية في صفوف المدنيين. وكما أوضح أحد مسؤولي هيومن رايتس ووتش: «في أي وقت يتم فيه استخدام الفسفور الأبيض في مناطق مدنية مزدحمة، فإنه يشكل خطرًا كبيرًا بحدوث حروق مؤلمة ومعاناة مدى الحياة»، موضحًا إن المادة الكيميائية يمكن أن «تحرق الناس، حراريًا وكيميائيًا، وصولاً إلى العظم.»

لقد قامت إسرائيل، التي تفرض حصارًا على غزة، بقطع المياه والكهرباء والغاز عن جميع سكان غزة البالغ عددهم 2,3 مليون رجل وامرأة وطفل، مع تعرض الآلاف من الناس لخطر الموت في الأيام المقبلة نتيجة لذلك. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إن هذا مناسب لأن إسرائيل تحارب “حيوانات بشرية”. وفي الوقت نفسه، طالب نتنياهو سكان غزة بـ “المغادرة الآن” – كما لو كان لديهم مكان يذهبون إليه.

بعض سكان غزة الذين ما يزال لديهم وقود لمولدات إنتاج الكهرباء، نشروا مقاطع فيديو على الإنترنت تظهر مشاهد الدمار من حولهم.

هذه هي تصرفات “الديمقراطية المستنيرة” و”حليفة الولايات المتحدة” التي يحشد بايدن والديمقراطيون والجمهوريون الدعم لها. ناهيك عن أنه في هذه “الديمقراطية”، يعتبر العرب الإسرائيليون مواطنين من الدرجة الثانية، وأنه اعتبارًا من عام 2018، تمت إقرار الطبيعة اليهودية للدولة القومية الإسرائيلية في القانون الأساسي للبلاد.

“لو لم تكن هناك إسرائيل، لكان على الولايات المتحدة أن توجد إسرائيل”

لقد قال بايدن في عدة مناسبات إنه إذا لم تكن هناك إسرائيل بالفعل، فسيتعين على الولايات المتحدة أن “توجد” إسرائيل. وفي مثال حديث لهذا “الوصف”، والذي قال إنه سيكرره “5000 مرة” إذا لزم الأمر، أوضح أسبابه. ويرجع ذلك إلى الصداقة “غير القابلة للكسر ببساطة”، القائمة على المبادئ المشتركة والأفكار المشتركة والقيم المشتركة. وهذا يتماشى مع نقطة الحديث الكلاسيكية القائلة بأن إسرائيل هي “الديمقراطية الوحيدة في المنطقة”، وما إلى ذلك.

في عام 1986، كان أكثر صراحة بعض الشيء بشأن الأساس الحقيقي لهذه “العلاقة الخاصة”، قائلاً إن الولايات المتحدة تحتاج إلى إسرائيل: “لحماية مصالحها في المنطقة”. وبعبارة أخرى، قامت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بتمويل الإمبريالية الإسرائيلية، ليس بسبب أي “قيم ديمقراطية مشتركة”، ولكن فقط باعتبارها حصنا للمصالح الإمبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط.

هذا هو السبب الحقيقي وراء كون الولايات المتحدة “ودية” للغاية مع إسرائيل. لم يواجه الرأسماليون الأمريكيون ودولتهم أي مشكلة في الدخول في علاقات ودية مماثلة مع الأنظمة غير الديمقراطية في المملكة العربية السعودية، ومصر، وإندونيسيا، على سبيل المثال لا الحصر. ولم تكن لديهم مشكلة في تمويل جماعات المجاهدين الأفغان التي تطورت فيما بعد إلى طالبان.

من المؤكد أن الأمر لا علاقة له بكون الديمقراطية البرجوازية الأمريكية “صديقة للشعب اليهودي”. دعونا لا ننسى أن مئات الآلاف من اليهود الفارين من الاضطهاد في أوروبا في عهد هتلر مُنعوا بقسوة من الدخول إلى الولايات المتحدة بسبب قوانين الهجرة العنصرية والمعادية للسامية – وأن العديد منهم انتهى بهم الأمر في معسكرات الاعتقال النازية.

وبينما يشجبون وحشية حماس وحجم الوفيات بين المدنيين في إسرائيل، فإن النفاق وعدم النزاهة من جانب أبواق الإمبريالية الأمريكية تفوق الوصف. لم يكن لدى الطبقة السائدة في الولايات المتحدة أي مشكلة في إسقاط الأسلحة النووية على مئات الآلاف من المدنيين اليابانيين الأبرياء في نهاية الحرب العالمية الثانية، رغم أن اليابان كانت بالفعل جاثية على ركبتيها. كما أنها لم تتردد في إصدار أوامر بقتل “أي شيء يتحرك” أثناء حرب فيتنام، حيث تعرض مئات الآلاف من المدنيين للتشويه والتعذيب والقتل على أيدي القوات الأميركية. ودعمت بشكل مباشر انقلاب عام 1953 في إيران، فضلاً عن نظام بينوشيه الوحشي في تشيلي، الذي أطاح بحكومة سلفادور أليندي الاشتراكية المنتخبة ديمقراطيًا، ثم قتل في وقت لاحق الآلاف من الناس.

دعونا نلقي نظرة على التاريخ الأحدث لـ “السياسة الخارجية” للولايات المتحدة. يوضح معهد واتسون في جامعة براون، الذي يدرس تكلفة الحرب:

لقد تسببت حروب الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر في العراق وأفغانستان واليمن وسوريا وباكستان في خسائر بشرية هائلة في تلك البلدان. اعتبارًا من سبتمبر 2021، لقي ما يقدر بنحو 432.093 مدنيًا في تلك البلدان حتفهم بسبب أعمال العنف نتيجة الحروب. اعتبارًا من مايو 2023، مات ما يقدر بنحو 3,6 إلى 3,8 مليون شخص بشكل غير مباشر في مناطق حرب ما بعد 11 سبتمبر. يمكن أن يصل إجمالي عدد القتلى في مناطق الحرب هذه إلى ما لا يقل عن 4,5 إلى 4,7 مليون شخص وما زال العدد في ازدياد، على الرغم من أن الرقم الدقيق للوفيات ما يزال غير معروف. كما نتجت وفيات بين المدنيين عن العمليات العسكرية الأمريكية بعد 11 سبتمبر في الصومال وبلدان أخرى.

علاوة على ذلك، ترسل الإمبريالية الأمريكية “مساعدات” بمليارات الدولارات إلى إسرائيل كل عام، وقامت بتسريع نقل الذخيرة الإضافية وغيرها من الإمدادات العسكرية لاستخدامها في غزوها الوشيك لغزة، وأرسلت مجموعة حاملات الطائرات الأكثر تقدمًا للعمل قبالة ساحل غزة.

بالتالي، فإن جو بايدن ومعاونيه من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، هم آخر الأشخاص على وجه الأرض الذين لديهم الحق في إثارة الضجة والبكاء على “الشر” و”العنف” و”الوحشية”. ولنقارن بين إداناتهم المنافقة للهجوم الذي شنته حماس وبين استجابة البيت الأبيض المتعاطفة للأمر الذي أصدرته إسرائيل بإخلاء شمال غزة. وصف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي الجريمة المروعة بأنها “أمر صعب”، وقال: «نحن نفهم ما يحاولون القيام به». إن أيديهم ملطخة بدماء عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل، وعدد لا يحصى من الذين سيموتون في الأسابيع المقبلة.

فشل “اليسار”

من الجدير بالذكر أنه على الرغم من سنوات من الدعاية المناهضة لفلسطين، فقد جاء المزيد والمزيد من العمال والشباب الأمريكيين لدعم القضية الفلسطينية. ذكرت مجلة تايم هذا الصيف أن «التعاطف مع الفلسطينيين بين البالغين الأمريكيين وصل إلى مستوى مرتفع جديد قدره 31%، في حين أن نسبة الذين لا يؤيدون أيًا من الجانبين وصلت إلى مستوى منخفض جديد قدره 15%». وقد لاحظت المجلة «التحول الملحوظ عما كان عليه الحال قبل عقد من الزمن فقط، عندما بلغ التعاطف مع الفلسطينيين 12% فقط. خلال الفترة نفسها، انخفض التعاطف مع الإسرائيليين من 64% إلى 54%».

بالنسبة للسياسيين ووسائل الإعلام الرئيسية، أي شخص يعرب عن تعاطفه مع محنة الفلسطينيين يعتبر بطبيعة الحال “معاديا للسامية”. لا يمكن للعمال والشباب الواعين طبقيا إلا أن يهزوا أكتافهم أمام هذا الافتراء السخيف. من الواضح أن كونك معاديا للصهيونية، ومعاديا لدولة إسرائيل، ومعاديا للإمبريالية، ومعاديا للاحتلال لا يعني أنك معاد للسامية، وأن هذا الاتهام يُستخدم كورقة تين لستر القمع الحقيقي الذي يعاني منه الفلسطينيون. إن الملايين حول العالم، بمن في ذلك أعداد متزايدة من الشباب اليهود، يعارضون نتنياهو وأعوانه الرجعيين، ليس لأنهم يهود، بل لأنهم مضطهِدون ومستغِلون إمبرياليون.

من المؤسف أن ما يُنظر إليه على أنه “يسار” في هذا البلد لم يتخذ أي نهج مبدئي على الإطلاق بشأن هذه المسألة. لقد انحازت ألكساندريا أوكاسيو كورتيز وبيرني ساندرز، بشكل أو بآخر، إلى حزبهما الديمقراطي الرأسمالي، حيث “أدانا الهجوم”، ولم يقدما أي تفسير على الإطلاق لأصل الصراع الحالي المستمرة منذ فترة طويلة.

دعا ساندرز، الذي أيد الدعم الأمريكي لإسرائيل، “المجتمع الدولي” إلى التركيز على الحد من المعاناة، كما لو أن هذه الرغبات الورعة كان لها أي تأثير على الإطلاق في العقود السابقة. وفي الوقت نفسه، يصر على “ضبط النفس” من جانب القوات الإسرائيلية. هذا مثل الإصرار على أن يأكل النمر الخس فقط.

والأمر الأكثر إثارة للاشمئزاز هو أن ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، التي دعت بعجز إلى وقف إطلاق النار، قامت بتشويه مسيرة مؤيدة لحقوق الفلسطينيين في مدينة نيويورك باعتبارها مثالا على “الكراهية ومعاداة السامية”. وهي بهذا تشارك بشكل مباشر في حملة تشهير مؤيدة للإمبريالية ضد قضية الفلسطينيين، مما يضعها بقوة في معسكر الرجعية.

انتفاضة عالمية حتى النصر!

في معركة بين داوود المضطهَد وطنيا وبين جالوت الإمبريالي، نقف مع أولئك المضطهَدين الذين يستخدمون المقاليع، في حين ندرك أن التحرر الحقيقي لا يمكن أن يأتي إلا من خلال حريق ثوري معمم يطيح بالنظام الرأسمالي الفاسد في جميع أنحاء المنطقة والعالم، بما في ذلك مصر وتركيا وإيران وإسرائيل والسعودية – والولايات المتحدة.

لهذا السبب، يجب على الشيوعيين أن يدرسوا هذه الأحداث عن كثب، وأن ينشروا الحقائق المروعة حول الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وأن يفهموا الديناميات الطبقية للصراع الجاري في فلسطين. يجب أن نوضح بحزم أن الإمبريالية الأمريكية، والإمبريالية الإسرائيلية التي تدعمها، مسؤولة بنسبة 100% عن الأزمة الحالية في المنطقة. ويتعين علينا أن نوضح أن الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء يتحملون المسؤولية بالتساوي. وإذا أردنا أن تقطع حكومة الولايات المتحدة جميع علاقاتها مع الدولة الإسرائيلية، فيجب علينا أن نناضل من أجل الإطاحة بالرأسمالية الأمريكية وإقامة حكومة عمالية، التي هي وحدها القادرة على جعل ذلك حقيقة واقعة.

يستحق العمال والشباب الذين يتجذرون بسرعة في الولايات المتحدة قيادة مبدئية للنضال الطبقي يمكنها الوقوف بحزم في مواجهة هذه الهجمات والدفاع عن قضية الفلسطينيين. إن مثل هذه القيادة لن تسقط من السماء، بل يجب أن تُبنى الآن. هذه هي المهمة التي حددها لأنفسهم مناضلو ومناضلات التيار الماركسي الأممي.

  • Social Links:

Leave a Reply