بقلم : المهندس سامر كعكرلي
سكرتير المكتب السياسي
في حزب اليسار الديمقراطي السوري
يتفق السُّوريون الذين وقفوا مع ثورةِ الشعبِ السوري، والمُؤمنون بِأنَ سوريةَ القادمةِ التي أرادها الشباب السوري عند إشعالهم فتيل الثورة السورية في شهر آذار من عام 2011 يجب أن تكون دولة الحرية والكرامة، الدولة التي تحترم مواطنيها على أساس أنهم مواطنين وليسوا رَّعايا، هؤلاء يَتفقون بأنَهُ هُناكَ ثلاث مشاريع وقفت ضد تحقيق أحلامهم، ولا تريد الخير لسورية، بل هي مشاريع شرٍ، ولكن وعلى الرغم من هذا التوافق فيما بينهم، إلا أننا نرى أن هناك اختلافٌ في توصيف مشاريع الشر الثلاثة. فترى البعض يصف مشروع الشر الذي تتبناه عائلة الأسد بأنه مشروع طائفي، والمشروع الذي يتبناه ما يسمى بمجلس سورية الديمقراطي (مسد) وذراعها العسكري ما يسمى قوات سورية الديمقراطية (قسد) بأنه مشروع انفصالي، أما المشروع الثالث والذي يحكم إدلب وبعض مناطق شمال سورية بأنه مشروع إسلامي يهدف إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية.
إلا أنني وإن كُنت أتفق مع السوريين على وجود تلك المشاريع الهدامة للحلم السوري، إلا أنني أختلف مع البعض في توصيفهم فالمشروع الأول وهو مشروع عائلة الأسد والذي يتم وصفه بأنه مشروع طائفي يهدف لسيطرة طائفة سورية معينة على مقاليد الحكم في سوريةـ فأنا أراه مشروعاً يبعد تماما عن أي نفس طائفي بل هو مشروع عائلي مافيوي وليس له توصيف أخر والأدلة كثيرة سأستعرض بعضا منها.
إن أي مشروع طائفي ((أي يعتمد على طائفة معينة))، فإن من أولى مظاهره هو استفادة تلك الطائفة من هذا المشروع، تماما مثل مشروع المارونية السياسية، فهذا مشروع طائفي بامتياز، ومن نتائجه حصر الرئاسة اللبنانية بالموارنة، وتسيد الجيش والمؤسسات المالية والاقتصادية هو للموارنة، وحتى الخدمات فإن المناطق المارونية مثل جزين وجونية والكحالة كانت بشكل أرقى من الأوزاعي والبسطة، وأن بيروت الشرقية المارونية، كانت تضاهي بيروت الغربية وطرابلس السُّنيتان أناقةً. ولكن في سورية فإن مناطق الساحل السوري – وبالتحديد القرى العلوية – لم تحظى بأي اهتمام خدماتي من قبل نظام الأسد – لا الأب ولا الابن – بل على العكس تماماً، قد تم اهمالِها وتفقيرها بشكل كبير ومتعمد، من أجل تحويل سكان أهل تلك القرى لوقود للدفاع عن أي حركة تستهدف العائلة. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن حافظ الأسد، ومن بعده ابنه بشار الأسد كانا يستبعدان أي شخص علوي في حال ظهر بأن ولائه للطائفة يطغى على ولائه لعائلة الأسد، ويتم هذا الاستبعاد بشكل مهين. وهذا ما حدث مع ثلاثة من كبريات الشخصيات العلوية التي كان لها الدور الرئيسي في تثبيت حكم عائلة الأسد، وهم من كان يطلق عليهم لقب “العليات الثلاثة” علي حيدر وعلي دوبا وعلي أصلان إضافة لشفيق فياض وغيرهم، فجميعهم خرجوا من الواجهة عندما استشعروا خطر انتهاء الحكم العلوي في حال تم توريث الحكم لشخص معتوه مثل بشار الأسد بعد موت باسل الأسد، فتم ابعادهم بشكل مهين جدا عن الواجهة السياسية وعن الحياة العامة. وقد يتساءل البعض ألم يجري إبعاد رفعت الأسد عن الواجهة مع أنه ينتمي للعائلة الأسدية الحاكمة، أقول لهذا السائل بالعكس تماماً فقد تم التصرف مع تمرد رفعت الأسد بشكل مغاير تماماً للتصرف مع العلويين الآخرين، فرفعت الأسد مع العلم بأنه مس الذات الإلهية (وهو حافظ الأسد) سُمح له أن يغادر سورية محملا بما تحتويه خزينة المصرف المركزي السوري، وعاش في فرنسا تحت حماية حافظ الأسد، ومن بعده أبنه بشار الأسد. وعندما لاحت بالأفق أي احتمالية لمحاكمته، تم ارجاعه فورا لسورية معززاً مكرما. ودعونا نتصور بأن من قام بالتمرد على حافظ الأسد أثناء مرضه كان غير “رفعت الأسد” فلنتصور بأنه “علي حيدر” صاحب القوة العسكرية الضاربة ((الوحدات الخاصة))، هل سيكون التصرف معه كما تم التصرف مع رفعت الأسد، بكل تأكيد لا والدليل على ذلك ما تم فعله مع “صلاح جديد” الذي بقي بالسجن عشرين عاما إلى أن فارق الحياة، أو مع “محمد عمران” الذي تم اغتياله في بيروت عام 1972 لأنهما ببساطة لا ينتميان لعائلة الأسد ولو كانا علويان. ولنتخيل تخيل أخر لو كان ضابطاً علوياً مرموقاً مكان “عاطف نجيب” في درعا، وتسببت تصرفاته بإشعال الثورة ضد حكم آل الأسد، فما كان مصير هذا الضابط. ثقوا تماماً لكان قُدم للمُحاكمة وربما تم إعدامه، أما عاطف نجيب فهو من العائلة ولو من طرف المخولة، ولكنه بشكل وبأخر من العائلة الحاكمة المقدسة، لذلك تم تدمير درعا على رأس أهلها ولم يجرح عاطف نجيب ولو بكلمة لوم واحدة.
كل تلك المعطيات تؤكد بأن الحكم في سورية هو حكم عائلي وليس طائفي، وقد تم تَطيفَهُ خدمةً للعائلة، حيث اعتمد حافظ الأسد على العلويين كوقود للدفاع العسكري والأمني عليه، و ولكنه أيضاً اعتمد على تجار دمشق وحلب السنُّة كحامي اقتصادي للعائلة، ويجب أن لا ننسى بأن من ثبت حكم آل الأسد ليس العسكر والأمن فقط، بل هم الطبقة السُّنية الدمشقية والحلبية المحاطة بطبقة رجال الدين. فكلنا نعرف قصة المصالحة التي أجراها حافظ الأسد مع تجار دمشق وحلب في بداية حكمه، ويجب ألا ننسى بأن تنظيم الأخوان المسلمين كان له دورا بارزا في إصباغ الصبغة الطائفية على حكم حافظ الأسد، وأيضاً لأهداف لا وطنية من قبل الأخوان المسلمين. وأصدق تشبيه على الخلاف الأسدي والإخواني جاء على لسان الشاعر “حسن الخير”، الذي وصف كلا الطرفين بعصابتين تتنازعان على حكم سورية، فقطع رفعت الأسد لسان “حسن الخير” ووجوه مقتولا في شوارع القرداحة في رسالة واضحة بأن من يتجرأ على آل الأسد هذا مصيره. وفي نهاية هذا المشروع مشروع حكم عائلة الأسد تحول بشار الأسد لزعيم عصابة من آل الأسد مثله مثل بابلو إسكوبار تاجر المخدرات الكولومبي ولكن الفرق بين الإثنين بأن بشار الأسد وأبيه حافظ الأسد قد حطما وأفقرا الطائفة العلوية بينما بابلو إسكوبار أنعش وأغنى سكان مدينته “ميديلين” الكولومبية لدرجة أصبح محبوباً بها.
أما المشروع الثاني من مشاريع الشر التي تتحكم في سورية في الوقت الراهن، فهو مشروع ما يسمى مجلس سورية الديمقراطي / مسد/ وذراعها العسكري المسمى قوات سورية الديمقراطية /قسد/، وتم توصيفه بأنه مشروع انفصالي يريد فصل جزء من سورية لإقامة كيان ذو أغلبية عرقية معينة، وهذا أيضاً غير صحيح بالمطلق، فقوات /قسد/ هي ربيبة حزب العمال الكردستاني، وهذا الحزب ليس له أفكار إيديولوجية قومية، بل هو خليط بين اللينينية والماوية والتروتسكية والأخطر البولبوتية (نسبة لبول بوت زعيم الخمير الحمر في كمبوديا). وحظي هذا الحزب على دعم “حافظ الأسد” كما دعم الكثير من المنظمات الإرهابية، مثل البوكو حرام النيجيرية، والجيش الجمهوري الإيرلندي، والألوية الحمراء الإيطالية، وجماعة أبو موسى الفلسطينية (منظمة الصاعقة التي انشقت عن فتح)، لتكون تلك المُنظمات في خدمة حكم عائلته عند الحاجة ((أي إرهابيين تحت الطلب)). هذه المجموعة استغلت الثورة السورية وبدعم من النظام واحتلت بقوة السلاح الجزيرة السورية. وبالطبع تحتاج لعامل يدغدغ المشاعر فاتخذت من القومية الكردية شعاراً لها ((طبعا في بدايات الثورة))، لتؤمن انخراط السوريين من المكون الكردي لمشروعها، تماما كما استغل بول بوت زعيم الخمير الحمر الأفكار الماركسية التي هي بشكل أو بأخر أفكار إنسانية ليصنع منها غطاء لمشروع دموي يكرس زعامته ولو على جماجم الملايين من الكمبوديين. وبالطبع في البداية كان لا بد من إبعاد كل سوري من المكون الكردي يقف ضد مشروعهم، فأبعدوا الشهيد “مشعل تمو” وقاموا بتهجير قرى كردية بكاملها ممن لا يتوافقون مع مشروعهم. ومما يثبت بأن مشروعهم ليس بمشروع انفصالي على أسس قومية، ذهابهم لمناطق تشكل نسبة المُّكون الكردي فيها صفراً بالمائة مثل دير الزور، أو يشكل المكون الكردي أقلية جدا مثل الرقة. أما ما تفعله “قسد” في الجزيرة السورية من تغيير اللغة الرسمية من العربية إلى الكردية، وتغيير المنهج فهذا ليس إلا لذر الرماد بالعيون، ولضمان استمرار ولاء بعض (وأقول بعض وأنا أعنيها تماما) السوريين من المكون الكردي. ولكن في الواقع فإن هذا العمل هو تكريس لفكر “عبد الله أوجلان” في المناهج الجديدة. – أي الموضوع لا كردي ولا عربي-بل هو ترسيخ فكر زعيم عصابة هو عبد الله أوجلان. وبالنسبة للعبارة التي أوردتها في مقدمة حديثي عن هذا المشروع والتي وضعتها ضمن قوسين وهي ((طبعاً في بدايات الثورة)) فأنا أقصد بها التالي. فبعد أن تم رفض مشروع الدغدغة للمشاعر القومية لبعض السوريين الكُّرد قبل العرب، لجأت عصابات قنديل المسماة قوات قسد لدغدغة من نوع أخر، وهي الدغدغة بالديمقراطية التي يتوق إليها كل السوريين بكافة أطيافهم. فبدأت بإلحاق كلمة الديمقراطية في كل مسمياتها من مجلس سورية الديمقراطي لقوات سورية الديمقراطية. وركزت على قضية بغاية الأهمية وهي فكرة التحرر. فلجأت لما يسمى “بوحدات حماية المرأة” -والتي هي الحلقة الأضعف في مجتمعاتنا الشرقية ((بكل أسف)) – وها نحن نرى امتدادات قسد لخارج حدود الجزيرة السورية، لتصل لحدود درعا والسويداء، عبر بعض السُّذَج الذي انطلت عليهم ادعاءات قسد بالديمقراطية. وللأسف فإن الكثير من النُخب السورية – ولا سيما اليسارية منها – قد انطلت عليهم كذبة هذه العصابة بأنهم يتبنون الديمقراطية لسورية القادمة، وقد فات هؤلاء النُّخب اليسارية – إما عن جهل أو عن تقصد- الكثير من الأمور التي تثبت زيف ادعاءات عصابة “قسد”، وأشاحوا بنظرهم بعيداً عن تصرفاتهم التي تنبأ عن فكرهم. فلم يشاهدوا صور الرفيق عبد الله أوجلان وهي تنتشر في كل شوارع المدن التي تسيطر عليها تلك العصابة، ولم يستمعوا لأوبرا “هكذا قال القائد أوجلان” والتي يبثونها في كافة اجتماعاتهم، والتي تشبه أداءً وتلحيناً أوبرا “سلاماً أيها الأسد” التي كتبها “محمد مهدي الجواهري”، أو ربما هؤلاء فلول اليسار الانتهازي السوري، قد شاهدوا وسمعوا ولكنهم لم يستطيعوا أن يخرجوا من عباءة عبادة الفرد، منذ عبادتهم لماركس ولينين وخالد بكداش ويوسف فيصل. فالذي يصدق بأن كل من /مسد/ و/قسد/ ديمقراطيتان كمن كان يُصدق بأن الجبهة الوطنية التقدمية التي شكلها حافظ الأسد هي بالفعل وطنية وتقدمية.
خلاصة القول عن مشروع قسد بأنه أيضاً مشروع عصاباتي يتكون من مجموعة من البشر يحملون أفكار إيديولوجية مشوهة يريدون بقعة جغرافية يثبتون بها نظريات قائدهم عبد الله أوجلان بغض النظر عن مكان تواجد تلك البقعة فقدم له بشار الأسد ما يحلمون به عندما انسحبت قواته من منطقة الجزيرة السورية ليحدث فيها فراغاً استغلته عصابات قنديل التي كانت وبالاً مريراً على السوريين الكُّرد قبل العرب.
أما المشروع الثالث وهو مشروع جبهة النصرة:
لقد تم وصف المشروع بأنه مشروع إقامة خلافة إسلامية على نهج النبوة والسلف الصالح، وهو غير ذلك، وأنه بحقيقة الأمر نسخة طبق الأصل بالنقطة والفاصلة والحرف عن مشروع حزب العمال الكردستاني، ولكن بتغير طفيف هو تغيير آلية دغدغة المشاعر. حيث اعتمد هذا المشروع على دغدغة المشاعر الدينية عند جزء من السوريين، ولم يعتمد على دغدغة المشاعر القومية – كما فعل مشروع حزب العمال – . فأبو محمد الجولاني يسعى لإقامة حكم له، ولأفكاره السلطوية. ورأى بأن نافذة الخلافة الإسلامية نافذة سهلة الولوج منها، ولذلك بدأ مشروعه بأن الديمقراطية ضرب من ضروب الكُفر، وأن البنطال بدعة وأن لباس السلف الصالح هو المعتمد في إمارته، وأن راية الثورة السورية راية حملها مرتدين مارقين وأن الراية السوداء هي الراية المُعتمدة.
وكما حدث مع مشروع عصابة “قسد” من حيث تغيير المنهج من نزعة قومية لنزعة ديمقراطية أيضاً أبو محمد الجولاتي وعند انتهائه من دغدغة المشاعر الدينية تحول في طرف عين إلى للديمقراطية، فأصبح يلبس البنطال الإفرنجي المارق، وأصبح يرفع راية الثورة راية المُرتدين الكَفرة.
خلاصة القول عن مشروع جبهة النصرة بأنه مشروع عصاباتي يتكون من مجموعة من البشر بقيادة الجولاني تحمل أفكاراً عبثية ظلامية تريد أي بقعة من الأرض لتحكمها وهذا ما حدث بإدلب التي أفرغها النظام أيضاً.
أما ما يربط المشاريع الثلاثة، فهو أن منبعها واحد. فالمشاريع الثلاثة هي من تأليف وإخراج وسيناريو وحوار وموسيقى تصويرية تم وضعهم من قبل حافظ الأسد – ذاك الداهية المجرم الذي ما زال يحكم من داخل قبره – وقد صرح بذلك علناً في مقابلته الأخيرة (وأعتقد من محطة إعلامية أمريكية) عندما سأله المذيع ماذا لو حدث عليك انقلاباً فقال حافظ الأسد حرفياً التالي (( إذا حدث شيئا ما يهدد الحكم في سورية (ويقصد حكم عائلته) فلن تروا سورية كما ترونها اليوم)) وهذا ما حدث بالتفصيل.
وفيما يخص التعاون بين المشاريع الثلاثة، فالتعاون مُتواصل، فنرى بأن مشروع عصابة آل الأسد قد ساعدت مشروع PKK ((وتفريخاتهم من مسد وقسد))، ومشروع الجولاني من تمكينهم من الأرض. ورد PKK الجميل باستمرار بيع النفط للنظام إضافة للقمح والقطن، أما مشروع الجولاني فيرد الجميل من خلال وقف الزحف نحو المناطق الساحلية، إضافة لفتح المعابر مع النظام عندما يختنق النظام.
أما بقضية الدعم الدولي، فالمشاريع الثلاثة كانوا فرصة سانحة لبعض المشاريع الدولية لتحقيق المكاسب. فوجدت كلا من إيران صاحية المشروع الفارسي التوسعي، وروسيا صاحبة حلم الإمبراطورية القيصرية الواصلة للمياه الدافئة، في بشار الأسد ومشروع حكم عائلته، فرصة سانحة لتحقيق مشروعيهما. فدعمت كلا البلدين مشروع عصابة آل الأسد، أما تركيا صاحبة مشروع إعادة إحياء العثمانية، إضافة لمصلحتها في خلق كانتون عربي بدلا من التواجد الكردي الأصيل على حدودها الجنوبية، فوجدت في مشروع الجولاني فرصة سانحة لتحقيق مصالحها، فدعمت ورعت مشروع الجولاني، أما أمريكا والغرب عموما – وبتحصيل حاصل إسرائيل – فوجدت لنفسها مصالح في المشاريع الثلاثة، فدعمتهم ولكن بصور مختلفة، أما بشكل مباشر أو بغض الطرف عنهم. فقسد تحقق لهم وقف الطموح التركي، فتركيا جارة لأوربة وقوتها لن يكون في صالح تلك الجيرة، فدعم الغرب مشروع PKK ، أما مشروع الجولاني فيحقق للغرب أن يكون نقطة جاذبة لألاف المتشددين في أوربا والعالم، فدعم الغرب مشروع الجولاني من خلال غض الطرف عنه. أما مشروع آل الأسد فإنه يحقق للأمريكان والغربيين مصلحة تأمين عدم استقرار المنطقة مما يعيق تقدم العملاق الصيني باتجاهها فدعمت مشروع ال الأسد أيضاً بغض الطرف عنه. وحمايته من السقوط الذي كان قاب قوسين أو أدنى.
أما إسرائيل فلها مصلحة مع المشاريع الثلاثة، لأنها تريد أن تكون من ناحية الواحة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، ومن ناحية أخرى تريد بجوارها دول مؤسسة على أسس مذهبية أو عرقية، حتى تُبرر قيامة الدولة اليهودية، لتحمي حدودها لأن سورية مقسمة ما بين ثلاث مشاريع ستكون ضعيفة لا قدرة لها على أي مواجهة مستقبلية معها.
أما بعض الدول العربية المتدخلة بالشأن السوري، وبالتحديد السعودية والإمارات العربية، ونوعاً ما مصر والأردن، فتلك الدول – ونتيجة طبعة أنظمة حكمها الاستبدادي والعائلي – فإنها أصغر من أن تكون أصحاب مشاريع، إنما هي لا يتجاوز دورها بأن تكون حوامل أو أدوات تنفيذية لمشاريع الدول الأخرى. تماماً كدعم كلا من الإمارات والسعودية لقوات قسد. فهل من عاقل يمكنه أن يفكر بأن كلا الدولتين مُعجبتين بما يسمى التجربة الديمقراطية التي يدعيها كذباً مجلس سورية الديمقراطي، أو إصرار الأردن بأن يكون النظام السوري هو المشرف على معبر نصيب الحدودي مع سورية، فهل من عاقل له أن يتصور بأن الأردن لم يشاهد بأنه عندما كان الجيش الحر هو من يسيطر على هذا المنفذ الحدودي، توقف تهريب المخدرات منه. أو مصر ألم ترى بأن نظام بشار الأسد حول سورية إلى نقطة اسناد هامة ومتقدمة للمشروع الفارسي الذي يشكل خطراً جسيماً على الأمن القومي المصري. كل ذلك يرونه حكام الدول العربية ولكنهم كما قلت ونتيجة طبيعتهم الاستبدادية فأنهم أصغر بأن يكونوا فاعلين وارتضوا أن يكونوا مفعولين بهم.
ولكن وبعد هذا الاستعراض لحيثيات مشاريع الشر التي تتحكم في سورية في الوقت الراهن يبقى السؤال مشروعاً حول ماهية المشروع الوطني المقابل لتلك المشاريع وماهي أليات الحل المتاحة. وهذا ما سأكتب عنه في المقال القادم.
Social Links: