نحن “العرب”والعالم:-

نحن “العرب”والعالم:-

فلورنس غزلان

أيتها الأيدي الخفية القابعة خلف الكواليس، أو تلك المتصدرة موائد العالم ، الراسمة لخرائطه السياسية والاقتصادية، المهندسة لمآسيه …نترقب أخباركِ …ننتظر قراراتك ، لأن آثارها تبدو واضحة على مسار أيامنا، وسطوتها قاتلة لأحلامنا….هانحن نتناقص، نتباعد …نختلف ونتحارب …نسرق النوم من عيون أمهاتنا ، نتواطأ مع عدوناً ضد أهلنا….هانحن نسقط في شباكك كطرائد سهلة …لأن مناعتنا وصلت أدنى من الصفر.
هانحن نتمطى في أسِرةِ الكوابيس والأوهام، نتخبط على أطراف المدن المغلقة في وجوهنا، هاربين من المدن التي أسلمنا قيادتها …للطغاة والعتاة والزُناة…وتجار السياسة.
هانحن نرتجف برداً، او من شدة الحُمى…محمومون من هول مانعيشه ، مدحورون من هول ما نفعل بأنفسنا، ومازلنا لانفقه الأسباب ولا نقرأ النتائج!…مازال العُشى يعمي أبصارنا، الغيب والتغييب يفتك ببصيرتنا، مازالت بوصلة الطريق بأيدينا….لكنا نقرأ اتجاهها خطأً…نتوه في فجوات أرضنا التي نعرف طوبغرافيتها وتكوينها!، ونسقط في الخديعة …نستمر في تيهنا ..نمخر عباب الهروب مستسلمين لنواقيس غدٍ ضبابي…
منذ عشرات السنين ونحن نغوص في هزائمنا، ونحيلها لانتصارات، ننتقل من عارِ إلى عار، ثيابنا ضيقة تتمزق حين نخوض تجارب فرضت علينا،…مع سطوة الحدث وهول الفجيعة، وضآلة المردود… نقف عُراةً ..عراة بعارنا ، لكنا لانرى عُرينا ولا فقرنا لرداء خارجي، لحكمة عقلية وفكرية لاتمتطي الوهم رغم الثمن الفادح المدفوع دما حارا، هل نملك من الحكمة مايصُد عنا هَوامنا وكبح التراكم في فضائحنا؟…نهرب ونستمر في الهروب…دون أن نرقب التاريخ وحساباته التي لاتنساها العيون الفاقدة للمكان والزمان ..لكنا نحرص على التناسل، ونتمسك بالخطاب الحماسي، والسكاكين في أيدينا …جاهزةٌ للإجهاز على ماتبقى فينا من أرواح يقظة ، لانترك لأولادنا سوى الخراب والرمال، وعظاة تودي بهم إلى جحيم أكثر حريقاً ووحلاً من جحيم آبائهم، نرسلهم ليمارسوا طقوس الأنخاب على أبواب الماضي الحالم بأعراس الأرواح المدحورة عبر التاريخ، والعمامات المحشوة بأخطاء لاتحمل سوى صرخات الذرائع الهشة لتقتنص براءتهم، ونحن نسهو ونغط في غفلة الايمان الزائف!.
هانحن ياتاريخ هنا…وهناك في أي زاوية من زوايا الأرض تسمح لنا بالعبور بالنفاذ من جحيم الأخوة الأعداء إلى جنة العدو المتآخي معنا في الإنسانية…نهرب من وحوش إنساننا إلى وحشة غربة وتيهٍ لانعرف لها مآلاً أو نهاية.
هانحن نجتمع، نفترق ..مع أحقادنا …ننصب الشراك ثم نصلي ، فلا تغسل الصلاة حزننا ولا تمحو كآبتنا، ولا ينفع معها خشوع أو تضرع…لأن أعماقنا تتهدج بالمكنون الكثيف الخافت تارة والمشتعل أخرى…ينطلق في فوضى التضارب الذهني والتشتت المبني على ضياعِ مزمن…بين التزاحم العاطفي والخراب التربوي …يكمن بعض هوامنا..لأن العقل مؤجل ، مُستَبعدٌ ، مجمدٌ لايُحتفى بانفعالاته، ولا تُستشار شهقاته وتساؤلاته…
فإلى متى ياعقلي وقلبي ستبقيان قادرَين على التوازن… مستعدان للاستيعاب؟! …إلى متى سأظل أكنز وأخفي وأحمي وأؤازر…مع أني مجرد شظايا قابلة للانفجار ، كبركان تخرج حممه وغباره رويداً رويدا…وماتلبث أن تتمدد وتنصهر أو تقترب من الانهيار؟!.

  • Social Links:

Leave a Reply