ما هكذا تولد الابل

ما هكذا تولد الابل

صبحي انطوان

السؤال الجوهري في خضم هذه الحرب الدائرة اليوم أي موقف يجب أن يقفه الوطنيون العرب و خاصة التيار الديمقراطي؟ مع من و ضد من ؟ لتكن الرؤية السياسية واضحة، الوقوف مع الشعوب العربية في نضالها من أجل الحرية و الاستقلال وضد جميع القوى المعادية لهذه الشعوب . مع وجوب عدم الوقوف على مسافة واحدة من الكل في صراع الكل على هذه الأرض. الوقوف يجب أن يكون على مسافات متعددة تُحدد برؤية سياسية واضحة لا لبس فيها و لا مداورة. علينا أن نمسك و نتمسك بعلم صراع المتناقضات و نجيد العمل و التعامل بوعي مع التناقض التناحري و التناقض الثانوي في المكان و الزمان المحددين. دون أن نبايع أيا يكن من هذه القوى المعادية المتصارعة.
أين نقف اليوم في الحرب الدائرة على الأرض الفلسطينية بين المنظمات الإسلاماوية الإيرانية حماس و أخواتها من جهة و إسرائيل من الجهة الأخرى؟ هناك من أضاع البوصلة وأساء التقدير معلنا وقوفه إلى جانب حماس رافعا الراية ضد إسرائيل معتبرا أنه في الموقف الوطني الأصح في معاداة إسرائيل. لنتوقف و نمعن النظر في هذا الموقف قليلا.
هذه الفصائل الإسلاماوية في غزة هي نفسها في إدلب و الشمال السوري، ولكن و يا للمفارقة طريقة التعامل و التعاطي معهما مختلفة، فمحور المقاومة و الممانعة يتعامل مع هذه الفصائل في إدلب على أنها مجموعات من الإرهابيين و التكفيريين أما في غزة فهم مقاومين، و على المقلب الآخر أمريكا وبريطانيا لها خطوط و اتصالات مباشرة مع الفصائل الإسلامية في إدلب وهم مقاتلون من أجل الحرية، أما الفصائل الإسلاماوية في غزة فهم إرهابيون!!
و الكثير من الأسئلة التي تطرح نفسها بنفسها، من سهّل نشوء تنظيمات جهادية كحماس و الجهاد الإسلامي و غيرهما؟ من دعم بالتدريب و السلاح؟ من موّل حماس و الجهاد بمليارات الدولارات لشق منظمة التحرير الفلسطينية؟ من سهل و دعم نشوء دولة غزة في وجه السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية؟ أية معركة تحرير مجنونة هذه التي أسموها ظلما معركة تحرير ؟ أليست هوشة عرب ؟
منذ بداية عملية طوفان الأقصى و نحن نستمع لبعض الجنرالات العرب المتقاعدين و المحللين العسكريين الذين يجترون ماضيهم رافعين الصوت عاليا بأن إسرائيل انهزمت و أن الجيش الذي لا يقهر .. تم قهره بألف متسلل من حماس و ما إلى ذلك من الدعايات و الهوبرة الإعلامية الرخيصة.
إسرائيل هذه المجهزة بأعلى أنواع الأسلحة المتطورة و المدعومة غربيا أيعقل أن تُهزم بهذه الطريقة وهي التي سبق لها أن هزمت العرب في ثلاثة حروب متتالية. كان آخرها حرب تشرين 1973 التحريكية ضد خمسة جيوش عربية بجنرالاتها و أكاديمياتها العسكرية (حرب تشرين التحريكية بحسب السادات بمعنى تحريك المفاوضات). حتى النصر (الإلهي) في حرب تموز 2006 فمن يتمعن بنتائجه الآن يرى بأم العين النتائج الكارثية لهذا الانتصار من انهيار كامل لمؤسسات و مرافق الدولة اللبنانية و على كافة المستويات و برعاية حزب الله.
الصراع ضد إسرائيل يتطلب الكثير الكثير من التعقل و الجهد و العمل الدؤوب الكامل سياسيا و اقتصاديا و تعليميا وعسكريا و مؤسساتيا و ديمقراطيا. إسرائيل و رغم كل المثالب و السلبيات التي تكتنف نظامها السياسي إلا أنها خاضت خلال السنوات الأخيرة الكثير من الانتخابات المحددة والانتخابات المبكرة ولم نرى في إسرائيل من يرفع شعار نتنياهو أو نحرق إسرائيل / ليبيد أو لا أحد. فلسطين لا يمكن تحريرها بأنظمة متفسخة معادية لشعوبها. لتكن الصورة واضحة أسود – أبيض الفلسطينيون منشقون على أنفسهم و كل فصيل له ارتباطاته الخارجية و كل نظام عربي أو إقليمي له منظماته الفلسطينية التي يحارب بها الآخرين.
اليوم أمست القضية الفلسطينية سلعة تباع و تشترى و تُعار، و شماعة جاهزة للتعليق تستخدمها القوى الإقليمية و الدولية و جميع فصائل اليمين المتطرف و حتى بعض قوى اليسار التي أضحت من كثرة ما تدور حول نفسها مصابة بالدوار و الحول السياسي بحيث أمست ترى اليمين يسارا من شدة ارتباطها بالأنظمة السياسية التي ترعاها.
لننتظر، هي أيام و أشهر معدودات و سيتكشف حجم المؤامرة وسيتبين للجميع من خطط لها و من أمر بتنفيذها بالحرفية التي تمت بها.
٠ كاتب سوري…..

  • Social Links:

Leave a Reply