كم من إنسان يشبهني انتفض من أجل الحرية؟

كم من إنسان يشبهني انتفض من أجل الحرية؟

فلورنس غزلان

لم أكن الانسان الوحيد في الكون ، الذي انتفض على الطغيان وهب ينافح عن كرامته وإنسانيته، فلماذا طاب لكم أن تستفردوا به. ..أن تهدروا دمه…أن تمثلوا بجثته؟!..ألم تدَّعوا في قممكم ومحافلكم أنكم أولياء الحق ومناصري المظلومين؟ ألم ترسلوا مبعوثيكم يجوبون أصقاع الأرض بحثاً عن رزق تنهبوه من أفواه الجياع؟…ألم تساومونا على حفنة من تراب الأرض رأيتم أنها حق للتائهين في سيناء…ورأفة بضحايا هتلر؟…وها انتم تستعيدون مدارس هتلر في أقبية العسف الممارس علينا؟وعلى يد من كانوا ضحايا هتلر ..
وتطالبوننا اليوم أن نكون أكثر رأفة بالأسد ونيتنياهو من أطفالنا.!..تطالبوننا اليوم أن نكون أكثر مرونة في الرضوخ والطاعة لمن يقتلنا!…فكيف تستقيم موازين عدلكم في أعماق ضمائركم؟.
لماذا أنا السوري وأخي الفلسطيني دون سائر الضحايا؟ …لماذا أنا الإنسان دون سائر البشر، من يقع عليه عداد بورصتكم في قوائم الربح السياسية، والتقسيمات الجغرافية، والمصالح الاقتصادية؟ …عليَ أن أعترف كذلك أنكم رميتم بكثير من جثث الأبرياء في مياه المحيطات..غذاء لأسماك القرش المتوحشة عابرة القارات ودفنتم الكثير تحت ركام منازلهم … القيم الإنسانية اليوم تغيرت حسب موازينكم المتقلبة …رغم أن أهرامات الضحايا عانقت سحب السماء ، فلم يعد بإمكانكم أن تغرقوا في مستنقعات الدم دون أن تجدوا من يقف لكم في حلوقكم الشرهة كشوكة تسد منافذ بلعكم المتواصل…واستباحتكم المتوحشة.
ألم تقرأوا وصايا من تؤمنون بهم..وأساطير من تزعمون أنهم مثلكم الأعلى في نشر المحبة والوفاق؟…أم أنها مجرد أيقونات تتجَملون بها وتفخرون بإنتمائكم لجذورها؟..
أيها الشعب المنكوب في شرقنا الغارق في دمك …المستباح لكل دخيل ولكل مغامر…أيها الوطن الضائع على دروب السياسة وتجاذباتها…أيها الوطن الحزين…لأن أبناؤك أول من أكلوا لحمك..وأول من حملوك إلى نعشك…أيها الوطن الصريع …المريض بمخلفات العالم الثالث ..أيها الوطن المنتظر لنسمة فجر مختلف ينشلك من ربق الجوع ..ومن عسف المقربين قبل الغرباء…أيها الوطن ..كفاك تيهاً ..كفاك ندباً ..فقد آن الأوان لتستيقظ ..ولتشق دربك على طريق سلام ينعش أرواح أجيال تموت قهراً..لأن حكامك المهزومين، ومعارضيك ومقاوميك كحماس وحزب الله ، لم يستوعبوا بعد مقدار أوجاعك ..ولم يتفاعلوا مع آلامك يحاصروك ويقاتلوا بدمك ..انهض وحاصرهم ..انهض واضرب بمهماز المحبة أولاً… واقرع طبول الوطنية ثانياً..اجمع أشلاءك في جرة الألم ونادي العالم الغافل…ليرى أجزاء لحمك المتطاير ..علَّ إنسانيته تستفيق…فيعترف بحقك في الحياة …بحقك في الحرية..بحقك في أن تكون إنساناً له حقوق تستند لما شرعوه وما سنوه من قوانين…قم لأحفادك وخذ بيدهم …فربما يكونوا خيراً من آبائهم فيمسحوا عن قلوبهم آثار الحقد المدفون ..في أعماق تربيتهم…ربما يمكنك انتشالهم من صفحات تاريخ العار…إلى صفحات الإشراق والنور. لتصل لحريتك في حياة كريمة ووطن حر قابل للعيش بسلام.

  • Social Links:

Leave a Reply