يوم علقت صورة الرئيس في عنق كلب؟

يوم علقت صورة الرئيس في عنق كلب؟

نهاد الغادري



في الأربعينات من القرن الماضي خرجنا في مظاهرة ضد الرئيس شكري القوتلي وكان رئيسا للجمهورية وعلقنا صورته في رأس كلب ، ألقيت كلمة في المتظاهرين ضد النظام والرئيس ،
أصدر وزير الداخلية صبري العسلي أمرا بنفيي إلى القامشلي وإقامة جبرية فيها لمدة عام ،
حملني الدرك من البيت ومضى بي في سفرة طويلة إلى القامشلي، هناك سلمني الدرك للأمن العام مع أمر الإقامة ،
كان رئيس الأمن العام من بلدي في أريحا وهو الملازم أحمد سخيطة فيما أذكر ، وبموجب الإقامة الجبرية أستطيع أن أعمل وأتواصل وأفعل ما أريد فقط يجب أن أحضر كل يوم في الثامنة صباحا للأمن العام لأوقع في دفتر دوام أؤكد فيه وجودي، كانت أياماً شديدة ولم أكن أملك موردا للرزق أعيش به ،
اتصلت بالصديق عمر أبو ريشة ورويت له ماحدث معي ، طلب مني أن أذهب إلى دائرة الميرة وأقابل مديرها خيري رضا، قال لي إنه سيكلمه وهو صديق له، ذهبت في اليوم التالي، طلبت مقابلة المدير، انتظرت ، ثم أدخلني الآذن ،
نظر إلي مستغربا ربما أن أكون صديقا لعمرأبي ريشة وهو يكبرني سنا وموقعا ،
سألني ماالذي أتى بك للقامشلي فرويت له القصة، نظر إلي ضاحكا وقال :
عال عال تشتم الرئيس وتعلق صورته في رأس كلب وتريد التعيين في الدولة؟!،
ثم طلب مني أن أنتظر، خرجت أنتظر وقد غلبني اليأس، انتظرت طويلا وحين هممت بالمغادرة ناداني الآذن أن أدخل، دخلت نظر إلي خيري رضا رحمه الله وقال : يابني اتصلت بفخامة الرئيس القوتلي ورويت له قصتك، هل تعرف بماذا أجاب؟ هززت رأسي بالنفي، قال: لقد أمر الرئيس بتعيينك وقال : ياخيري، شاب وغلط «شوبدك ياه يموت من جوعو؟!! عينو ياخيري عينو»، وتم تعييني في الميرة بمرتب تجاوز مرتبي في حلب بالصحيفة حيث كنت أعمل، ثلاثة اضعاف أو أربعة فيما أذكر
هذا نموذج لذلك الزمن ورجاله،
وأضيف : حاول أن تشتم الآن الرئيس ، أو أي حاكم عربي عسكري أو مدني في اي دولة عربية كانت وعلق صورته برأس كلب وانتظر، لا أعرف إذا كنت تبقى حيا .

ذلك كان زمن الرجال، أقول هذا ولم أكن من أنصار الرئيس القوتلي لامن قبله ولامن بعده ، ولكن ضوابط النظام والأخلاق هي التي منعته يومذاك من الإنتقام أوالتأديب وكان قادرا ان يعاقبني بالقانون، ولم أكن شيئا مجرد شاب في مقتبل العمر يمارس حرية التعبير “خطأ أو صواباً” لافرق، بعد زمن طويل التقيت الرئيس القوتلي في لبنان زرته مع الصديق أحمد عسه رحمه الله أيضا ذكّرته بالقصة،
لم يذكرها طبعا ولكنه قال : يا نهاد، من أجل هذه الحرية قاتلنا فرنسا وأردنا الإستقلال .
جميل رائع انت أيها الرئيس وليرحمك الله كنت رئيساً صادق الوطنية .

  • Social Links:

Leave a Reply