كيلو تحمة

عبد الكريم خشفة

بعد طول تسويف وكثرة تأجيل، قررت شراء ربع كيلو من اللحمة، هذا الموضوع يحتاج إلى حسابات دقيقة، ففي داخل الحصار كل شيء بسعر فلكي إن وجد

دار نقاش بين أفراد الأسرة حول الطبق الذي سنعدّه بهذه اللحمة، واستقرّ الرّأي على أن يكون الكوسا المحشي) لدينا كوسا طازجة من حديقة المنزل، وسيحل البرغل بدلا من الرّز في الحشوة البارحة بعث آخر سهم من أسهمي في سوق السندات العالمي، أقصد آخر جرّة غاز فارغة، وبثمنها سأشتري اللحمة.

دعوت أختي وأولادها الأيتام إلى الغداء، كما دعوت أمي وحماتي، وفي الوقت المناسب ذهبت إلى الجزار…

سألني وماذا ستفعل بكل هذه الكمية من اللحم !؟ هل لديك وليمة؟ الجائعة.

لم أستطع أن أحلل كلماته، هل هي سخرية أم كلام جدي!؟ هذا لا يهم، المهم أنني سأحصل على ربع كيلو من اللحمة الضأن. كان الجزار الجشع ذو الكرش الكبير يزن اللحمة بميزانه الإلكتروني كأنه يزن ذهبا ربع كيلو بالتحديد، لا يزيد غراماً واحداً.

علقت الكيس الصغير الذي بحجم بيضة الدّجاجة بمقود دراجتي الهوائية، وقفلت عائدا إلى البيت.

وعندما وصلت الباب كانت الصدمة والفجيعة

لم أجد الكيس في مكانه ، لقد سقط من دون أن أشعر به

عدت أدراجي بسرعة كبيرة في نفس الطريق الذي مررت به، وعيناي تمسحان الطريق أمامي كرادار الطائرات، لمحت من بعيد طفلا، لما رآني دخل بسرعة إلى بيته، ثم مد رأسه يراقبني، عرفت الآن أين صارت الكيس، كانت علامات الفقر واضحة ه بيت ذلك الطفل، سررت كثيرا أنها كانت من نصيبه ولم تكن من نصيب إحدى القطط

عدت إلى البيت دون أن أكمل البحث، قلت لزوجتي

ناوليني التلفاز بسرعة قبل أن يأتي الضيوف.
ع. خ