الشيخ ابو لهب ..

الشيخ ابو لهب ..

رؤى عبد الصمد

الشيخ نبهان من طفولته كان يحب سورة المسد ( تبت يدا ابي لهب و تب ..) و كان يستمتع بترتيلها و يتغنى بأحرف قلقلتها بأسلوب جذاب ، مع صوته العذب الفخم المتناسب مع معنى و مقاصد السورة ..
كبر ، درس الشريعة صار إماما” في إحدى القرى النائية ، و هناك صار ديدنه قراءة هذه السورة ( على الطالعة و النازلة ) في صلاة الفجر و ا و المغرب و العشاء و الجمعة و التراويح ..كأنه لا يحفظ غيرها ..
انتبه أهالي القرية عليه و صاروا يتندرون عليه ،ثم تطور الامر و لقبوه الشيخ أبو لهب و اطلقوا على المسجد الذي يؤم المصلين فيه ، مسجد ابو لهب ثم تطور ألأمر فإطلقوا على زوجته لقب أم لهب ..
و لكن الشعرة التي قصمت ظهر البعير ، كانت حين زارة جماعة من قرية أخرى و صاروا يخاطبونه باسم الشيخ ابو لهب ظنا” منهم انه اسمه الحقيقي ، احتمل الأمر و هو مغتاظ من الداخل و لكنه لم يرد ان يقاطعهم ، إلى ان دخلت زوجته لتقدم لهم الشاي ، عند ذلك قدم ااشيخ نبهان زوجته قائلا” المدام ..حمالة الحطب !!
عندها غضبت ( ام لهب ) و طلبت من ان يترك القرية او تذهب لبيت اهلها ، حاول تهدئتها فلم يفلح ، قال لها هنا رزقنا و معيشتنا ، فلم تقتنع و حملته طبعا” المسؤولية قائلة :

  • ما بعرف شو اللي عجبك بابو لهب لتحبه كل ها المحبة ؟!
  • انا ؟ انا بحب السورة مو بحبه اله ، انا ما بطيق ذكره
  • كذاب ، لو ما بتطيق ذكره ، ليش دائما” ذكره على لسانك ؟!
    رضخ ابو لهب تحت التهديد و الوعيد ، بحث عن عمل في قرية اخرى في مدينة اخرى كإمام مسجد طبعا” ..
    في القرية الجديدة تحاشى قراءة سورة المسد ، بعد ان اقسم لزوجته انه لن يقرأها بحياته بعد الآن ، و لكن في إحدى المرات و في رمضان يقرا كل يوم مع الناس لتعليهم جزءا” من القرآن ، و في آخر يوم و عندما وصل إلى تلك السورة تجاوزها ،و عندما سألوه عن ذلك قال : قرووها لحالكم ..!!
    تكرر الامر عدة مرات ، انتبه أهل القرية للأمر ، ارادوا ان يعرفوا السبب ، صاروا يحرجونه فمرة سألوه :
  • شيخي شو قصة ابو لهب ، و اجاب وسط دهشتهم :
  • ما عندي علم !!
    شيخ ضروب طراح ما بيعرف قصة أبو لهب ؟!
    مرة اخرى سألوه ان يرتل عليهم سورة المسد ليتعلموا كيف تنطق احرف القلقلة ،فتلى عليهم : قل هو الله أحد
    قالوا له : و لكننا طلبنا منك قراءة تبت يدا ابي لهب ..
    فقال بعفوية : كله قرآن ، اش معنى بالذات اقرأ سورة المضروب على قلبه ..
    المضروب على قلبه ؟!
    هنا تاكد اهل القرية ان لديه عقدة مع الرجل ، و صار بعضهم يتندر عليه ، و تطور الامر من جديد و اطلقوا عليه لقب أبي لهب ..!!
    و في إحدى المرات بينما زوجته كانت تمشي في الطريق ، صار الاولاد الصغار يصيحون أم لهب حمالة الحطب !!
    جاءت مزبدة مرغية غاضبة ، و عندما عرف زوجها القصة قال لها :
  • لا تغضبي يا امراة قدرنا ان نكون ابو لهب و ام لهب ، سواء” احببا هذا المضروب على قلبه او كرهناه..!!
    انتهت القصة
    ……………………………………..
    هكذا هو الانسان متهم بطائفته و قوميته و وطنه و عشيرته و اسرته سواء” رضي عن تصرفاتهم او رفض ..انت سني قتلت الحسين ..ان شيعي سلمت بغداد للمغول ..تركي قتلت الارمن ، ارمني خنت الدولة العثمانية ..كردي عربي ..و غير ذلك ..
    بالمختصر : انا ادافع عن طائفتي و قوميتي و وطني اذا صحت الروايات التي علموني إياها عنهم
    و لكن إذا كانت هذه الروايات كاذبة و كانت الحقيقة هي ما يتعلمه الآخرون فأنا بريء من هذه الطائفة و القومية و الوطن
    فمشكلتنا اذا” ليست في انتماءاتنا لطائفة او قومية او وطن انما بما يغرس في عقولنا عن هذه الانتماءات و ما يغرس من نقيض ذلك في عقول الآخرين ..هذه هي مشكلتنا ، اذا” من حيث المبدأ نحن متفقون على رفض الظلم و الخيانة و لكن مختلفون على نسبة هذا الظلم لهذا او لذاك ..
    خلافنا فقط حول مصدر المعلومات الذي نستقي منه عصبياتنا و جهلنا و انتماءاتنا

  • Social Links:

Leave a Reply