لبيب سلطان
.
- محاور نقد الماركسية العربية
ساتناول بعض المحاور التي هي ظواهر منظورة معروفة واخضعها للتحليل للوقوف على جذورها وطرح تناقضاتها، وساتناول اربعة من هذه الظواهر وهي ما يتطلب مراجعة وتوضيحا للمواقف منها امام الرأي العام ، اذا اعتبرته الاحزاب والحركات واتباع الماركسية العربية هاما لها. - تناقض الخطاب (يد تنادي واخرى تشتم بالحضارة الاوربية )
تضع الاحزاب الماركسية العربية، كما والحركات الليبرالية والمدنية والوطنية والثقافية العربية، معارك العلمانية والحقوق والحريات الفكرية والحريات الخاصة والعامة واقامة نظم الديمقراطية والتنمية الاقتصادية خطابا ومنهجا مشتركا للخروج من التخلف العربي، وهي اليوم تخوض هذه المعركة الوطنية مشتركا وجميعها تقف ضد صعود وسطوة السلفية الدينية والميليشيات ومافيات الفساد الحكومية واجهزة القمع للنظم العسكرية الديكتاتورية . هذا ما نراه في اليد اليمنى للاحزاب الماركسية العربية، وتشترك به فعلا مع كافة القوى المدنية والليبرالية لخوض هذه المعركة الصعبة اجتماعيا . ولو قمنا بترجمة شعارات هذه المعركة وارجاعها الى جذورها الفكرية سنجد ان كل اسسها وادواتها واصولها ترجع الى المدرسة الفكرية العلمانية الليبرالية ( أي الحقوقية ) الاوربية بشقها السياسي (مثل علمانية الدولة وحقوق المواطنة واقامة ركائز الديمقراطية والحريات الفكرية وهي ركائز دولة المواطنة والحريات الاوربية).
اما شقها الاقتصادي الذي يقول بالتنمية فيترجم الى تشجيع ودعم الاستثمار الوطني والاجنبي في التنمية الوطنية، وتعني تنمية الاقتصاد الرأسمالي الاستثماري في القطاعات الانتاجية والخدمية كأنجح نماذج التنمية تجربة ، ومع اي نماذج اخرى ، فجميعها تستند الى قوانين الاقتصاد الرأسمالي الاستثماري، أي قوانين علم الاقتصاد المعاصر بفروعه المالية والادارية.
والتناقض مع الشعارات يأتينا من اليد اليسرى ، ففي نفس الخطاب الماركسي العربي الذي يقول بالعلمانية والديمقراطية والحريات والتنمية يأتيك هجوما واتهامات تشنيعية لنفس اسس ومفاهيم الحضارة الاوربية ، يأتيك تحت تسميات تتراوح بين الرأسمالية اللاانسانية والنيوليبرالية والعولمة المتوحشة اضافة طبعا للاستعمار والامبريالية ، ويأتيك معها ان ديمقراطيتها كاذبة وحرياتها زائفة وانها حضارة استغلالية وان الغرب ضدنا وهو من يقف وراء تخلفنا وتراجعنا ، اي مبدئيا ، يناقض الخطاب على اليد اليسرى ما دعا اليه في اليد اليمنى. انه تناقضا واضحا حتى امام المواطن البسيط فكيف بالرأي العام المثقف ، انه موقفا هيبوكراتيا Hypocritical” ” ، أي منافقا ونفاقيا.
لو امعنا في البحث عن اسباب هذا الانفصام وهذا الموقف المعيب، لوجدنا ان التناقض ناتجا عن سطوة المقولة الستالينية ( اليد اليسرى) على القراءة للواقع المادي ( اليد اليمنى ، وهو ما يمثل ايضا المنهج المادي الماركسي النظري) . انه الخضوع المطلق للمقولة الستالينية الايديولوجية في سب الرأسمالية ( وهو موقف مثالي يضع المقولة ” الوعي” قبل الواقع ، وهو عكس المنهج المادي الماركسي) ، وهكذا نرى الاثنان يرفعان رغم تناقضهما. ان هذا التناقض هو نفاقا، المواطن يرى فيه نفاقا ، والمثقف يراه معه ، ان تدعو في اليمنى الى الديمقراطية ( والمواطن يعرف معناها من ممارسة اوربا والغرب لها ) ، والاخرى تقول له ان الديمقراطية الغربية مزيفة وكاذبة، انه نفاق وخطاب متناقض. ونتيجته الشلل الذي نراه، حيث تبقى الشعارات دون اليات وحلول وبرامج لترجمتها للواقع ، كون اليمنى تقول شيئ واليسرى تقول انه زائف وكاذب، ومنه لا فعلا ولا حلا للشعارات. ومثل تناقض الديمقراطية ، تجد شعار ودعوة التنمية الاقتصادية. اليد اليمنى تقول بالاستثمار لخلق فرص العمل في الانتاج والقضاء على البطالة ( وهو يترجم بوجوب التوجه لدعم الاستثمار الرأسمالي واقامة ظروف نجاحه) وفي اليسرى تجد المقولة الستالينية في ادانة الرأسمالية ووصمها بشتى الالقاب الادانية والدونية ، كما وتترجمه الماركسية العربية انه ضد المصالح الوطنية. انها حيرة ولخبطة حقا لابد للماركسية العربية من حل تناقضها، واراه وبكل اختصار ، اما الاخذ بالمنهج المادي الماركسي النظري والتخلص من المقولات والقوالب الستالينية المؤدلجة المبرمجة فقط لسب اوربا والرأسمالية ،وماركس لم يقم يوما بسبها مثلا، وأعتبر الرأسمالية تقدمية وأعلى مرحلة وصلتها البشرية . والاحزاب الماركسية الديمقراطية الاوربية مثله ، ولم تسب حضارتها وانجازاتها ، ومنه نجحت في مجتمعاتها، فهي لا تعتبر قوالب الستالينية ماركسية، بل تخلفا ديكتاتوريا، وتطرح برامج عملية كونها تتعامل مع واقع مجتمعاتها وليس بشعارات على اليمنى وسبها على اليسرى. انه امرا متروكا للاحزاب الماركسية العربية ان تختار بين فكر واسس الحضارة الغربية التي من ضمنها الماركسية، حالها حال نظيرتها الاحزاب الاوربية وبين الستالينية. ولا اعتقد انه لو تبنت كالاحزاب الاوربية هذا الموقف سيبعدها عن الماركسية، بل تمارسها وفق منهجها المادي وليس بتعاويذ قرآنية ستالينية، فهما مختلفان، ومنها يتم التخلي عن هذا التناقض الفاضح.، ،،
Social Links: