اول رصاصة لشباب درعا كانت باحلامنا وانسانينا

اول رصاصة لشباب درعا كانت باحلامنا وانسانينا

فرح العاقل


لطالما لازمتني نزعة الحريّة مُذ كنت صغيرة، ويعود ذلك بجزئه الأكبر لأمّي التي زرعت فينا بذور الاحترام لا الخوف للناس والأفكار والآراء..
لم أخشَ يوماً أن أقول ما يجول بخاطري، وكُنت ولا زلت إذا سكتّ فلأسبابٍ تعنيني وليس الخوفُ أحدها..
في الصف الأوّل الثّانوي تغيّبت عن مراسم التّنسيب للحزب، وتحسباً لأن أكون نُسّبت دون علمي تغيّبت عن كل الاجتماعات والاشتراكات ولم أسأل عن تفاصيلها يوماً..
أثناء دراستي الجامعية رفضت الانتساب لاتحاد الطلبة رغم أن أحد أقربائي كان يذبح بخنصرو بالاتحاد😬 وسجّلت نفسي بعد نقاشٍ قصير، انطلاقاً من قناعتي بأن من تحزّب خان، وتجنّباً للمضايقات، على أنّي “حيادي إيجابي” ولا أدري لماذا في المرتين غمرتني لذّة الانتصار واعتبرت نفسي شُجاعةً آنذاك..
❤15 آذار 2011،
في ذلك الوقت كانت موجات الربيع العربي تغمر أيامنا بالأخبار والأحداث المتسارعة،وكانت نشرات الأخبار وجباتنا اليومية ونسينا حينها حلاوة متابعة مسلسلٍ أو فيلم، وما هي متعة نقاش أشياء بسيطة لا علاقة لها بأوجاعنا الممتدة آنذاك على مدار ما يقارب الخمسين عاماً،بالسياسة ومستقبل البلاد.. وكانت وقتها دمشق لا زالت قلبي، وروحي تحتضن الذكريات والتجارب والمشاعر التي عشتها هناك و رسمت جزءًا من خريطتي كإنسانة، ولكن لطالما أرّقني عدم تذكّري أحياناً للتفاصيل على أهميتها، وأكره ذاكرتي لأنها لا تسعفني لأتذكر تفاصيل ذلك اليوم تحديداً، متى استيقظت، كيف كان مزاجي،ما الفطور الذي تناولته، هل تحدثت إلى أحدٍ ما، ما الذي كنت أرتديه، هل كان لدي خططٌ مُسبقة للذهاب إلى مكان ما، ما الذي فعلته قبل أن أتسمّر أمام شاشة التلفاز أشاهد الناس وهي تصرخ صرخة الحريّة الأولى… هناك في قلبي، ولكنني أتذكّر قطعاً الشعور الذي سرى في جسدي، هزّني و نفض الغبار عن أحلامي، عن همساتي بأن هذا يمكن أن يحصل هنا..
كان قلبي يرتجفُ أملاً، فرحاً وفزعاً..
18 آذار 2011،
أول رصاصة بأجساد شباب درعا و وبأحلامنا، أول فاجعة، أول اختبار حقيقي لإنسانيتنا وفسيفسائيتنا، أو قطرة دمّ ثم حمام دماء لم ينتهِ بعد..
توالت بعد ذلك المؤامرات علينا، إخراج القتلة والمرتزقة من السجون، تمويلهم وتسليحهم وإعاثتهم خراباً في البلاد والعباد واستقدام الغزاة تحت ذريعة محاربتهم، وما يطولُ ويؤلمُ سَرده.
اليوم، وبعد 13 عشر عاماً من القتل والدّمار، الخراب، الخوف، قتل حرية الرأي والآخر المختلف عنهم، الاعتقال، الاغتصاب، التغييب القسري، التهجير والذل لمن هم في الداخل والخارج، عادت حناجرنا لتصدح، ❤✌يا هويدلاك يبا يا هويداليا ما بدنا حكم الأسد بدنا حرية❤✌

  • Social Links:

Leave a Reply