ماذا بعد ؟

ماذا بعد ؟

عمر عبيد
رأيٌ شخصيّ ..

دعوني أبدأ من الحقائق التالية:
1/ الحراك السلميّ ظاهرةٌ جديدة في منطقتنا وهو نضال محقّ ومشروع وإنسانيّ وحضاريّ.
2/ النظام الحاكم في سوريا صادر البلد وأهلها واستولى عليها بقوة السلاح وجعل الحياة الكريمة مستحيلة على معظم السوريين.
3/ إن الصراع بين القوى العظمى والإقليمية وقدرة النظام على تسويق نفسه وعرض خدماته على الجميع وضد الجميع هو ما يبقيه حياً رغم إدراك الجميع لخطره على الإنسان في كل مكان، ولكن طالما أن الإنسان السوري وحده من يدفع الثمن فلا بأس بذلك.

بناء عليه أقول:
إنّ النضال السلميّ السياسيّ هو هامشٌ أتاحته صراعات المنطقة وتوازناتها والتكاليف المهولة التي دفعها الشعب السوري منذ 2011 بل منذ 1970، لكنه نضالٌ (ممسوك) ومحدود بعوامل كثيرة ونتائجه بعيدة المدى .

إنّ الانتقال من النضال السلميّ السياسيّ إلى أشكال أخرى تبدو متاحة ونتائجها أقرب، لابد أن يصحبه إجابة على بضعة أسئلة بوضوح وصراحة وصدق:

1/ هل تستطيع بقواك الذاتية الوقوف بوجه جيش منظّم بسلاحه الثقيل ومنظومته الأمنية القاتلة ؟
2/ هل هناك حليف خارجي أعطى وعوداً معيّنة تمنع النظام من التصعيد والولوغ في دم الناس ؟
3/ هل قاعدتكَ الشعبية التي ستدفع من دمائها وأرزاقها وبيوتها ثمن ذلك التصعيد، هل توافق على دفع ذلك الثمن ؟
وهل أنت مستعدّ لإيجاد بدائل لخدمات العيش الأساسية (ماء، كهرباء، طحين، وقود ..الخ) وهل تملك أصلاً ما يكفي من ذخائر وأسلحة أو خطوط إمداد في حال طال الصراع ؟
4/ هل إنّ المقولات المكرورة من نوع : (الجبل يلتفّ أهله معاً عند أي تهديد خارجي) ، هل تمّ وزنها بدقة؟
يعلّمنا التاريخ أن مقتل ثورة 1925 كان في جزء كبير منه بسبب تواطؤ البعض مع المحتلّ (اللافت أنّ معظمهم رغم شجاعتهم المشهودة كانوا بتطرّفهم قد جرّوا الثوار لمواجهات قاتلة /معركة المسيفرة/ وعند خفوت وهج الثورة اندفعوا وراء المحتلّ بالتطرّف ذاته لقمع الثورة).
هذا ولم يكن وقتها شيء يشبه تورّط الكثير من الناس مع أجهزة الأمن كما هم الآن (تورّط في الدم وفي نهب المال العام) ، إذن ربما سيكونون خنجراً حقيقياً في ظهور أهلهم ودون تردّد.

إذا كان الجواب على ما سبق : /نعم أستطيع/ ،
فلا تتردّد وعليكَ بهم، وكما قال أبو الطيب:إذا كنتَ ذا رأيٍ فكن ذا عزيمةٍ
فإنّ فسادَ الرأي أن تتردّدا
فوضعُ الندى في موضعِ السيفِ في العُلا
مُضِرٌّ كوضعِ السيف في موضعِ الندى

وإذا كان جوابك: /لا أدري أو لا أستطيع/ ،
فعليك الرجوع إلى سلميّتك والتشبّث بها واجتراح حلول ووسائل أخرى للنضال السلمي ليس أقلّها توسيع حاضنتك الشعبية والابتعاد عن المهاترات المخجلة وتكوين تمثيل سياسي إعلامي صلب يعبّر عن نضالك ويدفعه إلى الأمام.

لنضع في بالنا ما قاله الحكيم زهير عن أهوال الحرب :
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً
وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها
وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ
فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم
كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِمِ

ومرحباً بكل الآراء العاقلة المتوازنة التي تريد النقاش بعد قراءة وتفكير.

  • Social Links:

Leave a Reply