د منذر ابو مروان اسبر
اصحاب الفكر المثالي الأيديولوجي وخاصة المثقفين والاحزاب التي تقوم على مايسمى بالبورجوازية الصغيرة شبه الفلاحية وشبه العمالية أو بعض فئات البورجوازية الوسطى في الدولة يتعاملون مع الديكتاتورية والديمقراطية تعاملا أيديولوجيا حسب الظروف .
فهم كما أثبتت التجربة ثوريون تقدميون وبالتالي فإن الثورة تأتي عادة من فوق أي من الدولة التي تقوم بالعملية الثورية وتلتف حولها مختلف الكتل الاجتماعية ذات المصالح في المكاسب التقدمية التحررية التي تنتجها وضعية المجتمعات الانتقالية الطرفية أو التابعة.ولكن جدل الواحد هنا ينقسم إلى اثنين كما يقول الصينيون بمعنى أن الثورة بعد أن تحقق بعض مكتسبات التغيير فإنها تواجه من قلبها ثورة مضادة لإيقاف مسارهاوبالتالي فإنها تتخلص من رفاق وأصدقاء الامس باتجاه معاكس تماما كما حصل في سورية ومصر بوجه خاص بعد عام 1970 وبما أنتج دكتاتورية مضادة مناهضةلماجرى .
بيد أن البورجوازية الصغيرة وبعض الفئات الوسطى تنقسم هي ايضا إلى اثنين :قسم يستمر مع الثورة المضادة حفاظا على مكاسبه وقسم أخر يعارض الثورة المضادة ليطرح في وجهها الديمقراطية .هل لأن هذا القسم الديمقراطي المعارض الراديكالي قادر على إقامة قطب ديمقراطي واسع ؟ايديولوجيانعم وعمليا لا كماتبين وقائع اليوم .ذلك أن الثورة المضادة تنتشر في كافة جوانب المجتمع شطرا للقوى الاجتماعية على بعضها بعضا وبالتالي فإنها تشمل بذلك الأحزاب والمثقفين بما يجعل قسما منهم مع الثورة المضادة وقسما آخر ضدها .
يمكن أن نعطي مثالاعلى سورية إذ لايوجد من حزب إلا انشطر الى ماهو داخل جبهة الثورة المضادة الحاكمة والى ماهو خارجها في معارضة راديكالية لها .ومايزيد الأوضاع تأزما أن قوى أخرى تطرح المعارضة ليس من أجل الديمقراطية وانما من أجل الحلول سلطويا محل النظام القائم بحيث انها بنيويا وايديولوحيا ضد القوى المعارضة السلمية الديمقراطية وضد السلطة الديكتاتورية العسفية خاصة وأن بعضها يمكن أن يستخدم الانتخابات العامة ليفرض سيطرته التامة المزدوجة ونكرر على الدولة وعلى المجتمع أيضا عبر سلطة ايديولوجية دينية شعبوية كما حدث في مصر ومجئ السيسي إلى الحكم .
من هنا نستطيع أن نتعرف فيما مضى على ثلاثة قوى في الثمانيات:_قوى الإرهاب الحاكمة
وقوى الإرهاب المضاد في المعارضة الشعبوية الإسلامية
_والقوى المعارضة الوطنية الديمقراطية التي وقفت ضد الإرهاب والإرهاب المضاد معا لان الوطنية والديمقراطية لا يمكنها تسويغ الإرهاب أو الإرهاب المضاد وهذا ماتم أيضا بين ثلاثة قوى أعوام ٢٠١١_ ٢٠١٣ ،اي بين قوى تقول :
لا للعنف ، لا للطاىفية لا للتدخلات الخارجية وتطرح التغيير الوطني الديمقراطي السلمي هيئة التنسيق الوطنية
٢_ وثانية تستخدم العسكرة
والتطييف والبطش والاستقواء بالخارج وتريد استمرار الديكتاتورية التي انتقلت من ثورة مضادة مناهضة كما أشرنا إلى الفاشية.
_ وثالثة تستخدم العسكرة والتطييف والاستقواء بالخارج وتريد استبدالا عنيفا سلطويا شعبويا_ المجلس الوطني وملحقاته .
وبما أن الديمقراطية مسألة وطنية و سياسية واجتماعية وتصطدم كليا بواقع الاحتلات الأجنبية واستمرار الحرب وبالفاشية الحاكمة وقوى معارضة متمحورة أجنبيا ، وفي وضع من إن القواعد الاجتماعية والشعبية الضرورية للديمقراطية مفككه بسبب الوضعية الاقتصادية المتدهورة للشعب كله والذي تحول إلى بروليتاريا فقيرة ومفقرةإن صح التعبير ، فإن الأزمة شاملة تغكك المسألة الوطنية والديمقراطية والاجتماعية ، إي جدل جديد من انقسامات وانشطارات لا تتوقف، تغذيها القوى الخارجية وبالتالي صعوبة قيام قطب وطني ديمقراطي متحد واسع .
هل يمكن للقرار ٢٢٥٤ أن يكون الحل ؟ كيف ؟ وبمن ؟ ومتى ؟
هذا ماسنطرح لاحقا .
Social Links: