أنا والكرد والعذاب وهواك ….

أنا والكرد والعذاب وهواك ….

علي صقر
نختلف لنرتقي ….
عدو جدك ما بودك …

في طفولتي كانت والدتي عندما تريد شتمي تنعتني بالكردي لشدة عنادي والتشبث بفكرتي أو رأيي … والأنكى من ذالك عدم تنفيذ أوامرها أو الاستماع إلى كلمتها وكان ذلك في نهاية الستينيات من القرن الماضي في ريف طرطوس وتضيف أمي بأنني كالكردي عنيد. يرسمون حول قدميك دائرة ولا تعرف كيف الخروج منها .
وفي طفولتي ووقت تنده لي امي باسمي يا علي
كنت انا وأكثر اطفال ضيعتي نلتفت نحو مصدر الصوت لأن اغلبنا اسمونا اهالينا باسم علي …
ولتشابه الأسماء بدأوا ينادونني ب علي هاجر نسبة لاسم امي وانا بدوري انادي رفيقي بعلي زهرة نسبة لاسم امه وهكذا دواليك صرنا ننادي بعضنا يأسم امهاتنا لدرجة اننا نسينا اسم والدنا وجدنا وجد جدنا ….
ومع ازدياد شيطنتي مع امي كانت تنده لي باسم لم أسمعه من قبل …
ولك عمر ابتبطل شيطني
هنا ترسخت بطفولتي ان اسمي الكردي العنيد وعمر الشقي ونسيت علي
وكما نسيت اسم نسبي لان الكل يناديني علي هاجر في حين انا علي صقر اسم والدي وكنيتي علي …
وترسخت اكتر انني علي الكردي وما زلت أتساءل عن معنى الكردي وعمر
كلمتان غريبتان عن بيئتي بطفولتي تلك …
في المرحلة الابتدائية ومع انتقالي مع عائلتي للمدينة أي طرطوس وهنا تعرفت على اصدقاء بالحارة والمدرسة وحينها سمعت بأسماء غريبة عني ك جورج وعثمان وغيفارا وخالد
ومع الحاحي قلت لأمي والتي دوما تسألني عن رفيقي عمر بالمدرسة وعندما يتأخر بالمجيئ لبيتنا تطالبني بالاطمئنان عنه
يومها وللأن مازالت جملة امي ترن بداني من ان رفيقي عمر طيب وشهم بس ليش اسموه عمر …. مع رحلتي ومعاشرتي لأصدقائي بتلك المرجلة مع جهاد ونضال وكفاح وناصر وحافظ وغيرهم من الاسما الثورية والرائجة بتلك المرحلة
علمت ان ابائهم كانوا ممن تأثروا بمرحلة الكفاح الثوري غير الديني
وبقيت امي تنعتني بالكردي وبعلي صقر عمر
وهي تهمس بأذني.. بيقولوا ( عدو جدك ما بودك ).

… فيما بعد ومن خلال سوقي الاجباري لخدمة العلم بالجيش ومن خلال خدمتي الإلزامية والتي استمرت لأكثر من أربع سنوات أي في منتصف الثمانينيات من القرن المنخلع تعرفت على أعداء أمي الأكراد وكانوا الأقرب لمخي وثقافتي وحتى طقوسي …. وبررت وقتها لأمي ونعتها لي بالكردي العنيد لان أمي كانت تحب الراحل جمال عبد الناصر لأنه اراحها من تربية الماعز بحجة ان الماعز يقضم الأشجار ويعذب المرأة بتربيته واعطاها القليل من الحريات ك حقها بانتخاب الرئيس جمال عبد الناصر…
وبإجازتي القصيرة دعوت صديقي خالد صديق الدورة العسكرية والذي استضافني في بيته بداريا لمرات ومرات …
احبته امي كما والدي وحملوه بالتين والعنب وحلويات التلاج المشهورة بها مدينتي
كما كان يحملني من منتوجات داريا ….
همست لي والدتي دير بالك لرفيقك خالد باين عليه ابن عيلة … وتابعت همسها بصوت خفيض انتبه عدو جدك ما بودك…
حدث كل ذالك قبل انتشار الفيس بوك وكل أدوات التواصل الاجتماعي
ونشره لثقافة العنف ونشر ثقافة ال لا عنف أيضا الا أن ضغيان ثقافة العنف على ثقافة التسامح والتي نشرها الراحل نيلسون
ما نديلا ومن قبله سبينوزا وطاغور والام تيريزا وغيرهم من مبشري ثقافة ال لا عنف والتسامح …
ومع الاستمرار بحديثي مع صديقي في المهجع واسمه ناصر ويالمفارقة الأسماء أباح لي من أن أسمه الحقيقي بالكردي ازاد أي الحرية وعند استفساري أجابني من أن شقيقه الأكبر رازبا واسمه بالدولة محمد ورازبا تعني بالكوردي عازف الهواء كما فسره لي وان والده سماه ناصر كي يحصل على الجنسية ويرضي عنه كاتب النفوس وكان له ذلك… ومجرد حصوله على الجنسية ساقوه إلى الجيش وبقي شقيقه المكتوم خال من الحقوق المدنية وأهملت خدمة الجيش عنه … وتحدث مطولا وبغصة عن الاكراد وحرمانهم من حق التجنيس ومن أبسط حقوقهم.. من اللغة وممارسة طقوسهم الثقافية والدينية وحتى أنهم منعوا من التكلم بلغتهم وتم تعريب اسماءهم كذألك تعريب أسماء مناطقهم وحتى اعيادهم كما حدث بعيد النيروز وتم تحويله الى عيد الام وحدث ذالك ببداية الثمانيات من القرن المنصرم … وهنا قلت لصديقي أزادي وناصر سابقا طبعا …
وسألته … إذا لماذا تخدمون الوطن وأنتم محرومون من ابسط حقوقكم … تنهد وعطس وتابع ليس كل الاكراد مكتومين أي لا هوية لهم …وتابع بغصة … علينا ان نخدم دون ان يخدمونا … … بعدها بسنوات حضرت فيلم ربما جزائري لا اذكر اسمه وضمن فعاليات مهرجان السينما بدمشق بنهاية الثمانيات يحكي الفيلم عن قرى منسية بريف الجزائر من البدو وغير المسجلين بالدولة تقوم الدولة بتجنيس الشباب وبعد تجنيسهم يتم سوقهم للجيش وبنهاية الفيلم يعودون إلى قراهم بجثامين مغلقة بإحكام أي شهداء… طبعاً معرفتي الأكبر بالأكراد كانت قراءتي لرواية … صالبا … للكردي العظيم المرحوم يلماز غووني والذي تابعت اخباره من أنه اخذ جوائز لأفلامه وهو في السجن …. وفيما بعد تابعت دراسات صبحي حديدي وورياض الحسين …وحديثاً تعرفت عن قرب بالساخرين الساحرين أحمد عمر ولقمان ديركلي وغيرهما … ومع وجود الشوستان ميديا والتي كان لها الدور الفعال بتعريفي أنا وغيري بالقضية الكردية وكتابها الكبار كمحمد ذادة Muhamad Zada والكثير الكثير من الكتاب والإعلاميين واجملنا روحا وقلبا ونبضا Jusef Nassan ….

سأعود إلى أمي وعلاقتها مع الكرد حديثاً أي مع التهجير الذي حصل للكرد كما لغيرهم من السورين .. كانت جارة أمي بطرطوس كردية مهجرة من عفرين وأحبتها أمي ودوما تقول لها ما أحلاكي انت وأولادك واحبهم لقلبي ابنك عمر
نفس عاداتنا وتقاليدنا وحتى لبسنا ….
هنا تدخلت مازحاً بس هدول الأكراد عنيدين وأغبياء ترسمين لهم الدائرة ولا يستطيعون الخروج منها
وهمست لها عدو جدك ما بودك …
نهرتنن وقالت لي اخرس والله محدا كردي وعمر وجوزيف وعنيد غيرك أنت وعبد الناصر ….

  • Social Links:

Leave a Reply