البناء الثقافي للمؤنث، الأمثال الشعبية نموذجا

البناء الثقافي للمؤنث، الأمثال الشعبية نموذجا

لطيفة زهرة المخلوفي

في مسار تتبعنا لحضور البناء الثقافي للمؤنث، نتوقف عند مركزية الزواج والإنجاب (انجاب الذكور تحديدا)، كمعيار لنيل الاعتراف بمثالية ونمودجبة المرأة.
خاصية الإنجاب ليست مجرد دور تختص به النساء بحكم تكوينهن البيولوجي، بل هو جزء من منظومة متكاملة ترتبط أساسا بإعادة الانتاج المجتمع.
وبالرغم من كون الإنجاب نتيجة لتفاعل جنسي بين النساء والرجال، وغياب القدرة على الإنجاب وارد عند الرجال كما النساء. رغم هذا فإن وصم العقم يلحق اجتماعيا بالنساء دون الرجال للتحقير، وهو ما عبرت عنه الأمثال الشعبية بقولها : “لمرا بلا ولاد بحال لخيمة بلا وتاد”. أي أن المرأة التي لم تنجب حتى وإن كان باختيارها. تصنف على أنها لا تستطيع الصمود أمام تقلبات الزمن، فانجاب الاطفال أشبه بأوتاد للخيمة والتي يقصد بها الزواج، وبذلك فإنهم ضامن لاستمرار الزواج من عدمه.
إن هذا الربط بين الاستقرار والانجاب هو ترجمة لمنظور اجتماعي يختزل كينونة النساء في دورهن البيولوجي، ويقوم ببنائه اجتماعيا عبر التمييز في المكانة بين المرأة الأم و(العاقر) والأم لمواليد إناث في مقابل أم لأطفال ذكور.
ومنه، وجود المرأة في بيت الزوجية لا يعني شيئا دون إنجاب الأولاد، ومن هنا يرغب في الصغيرة، وتنبذ المرأة عندما تتوقف دورتها الشهرية أو تصبح غير قادرة على الإنجاب.
مركزية الزواج كبناء اجتماعي للإنجاب، يقود بالضرورة إلى الاحتقار الإجتماعي للمطلقة، وفي هذا السياق يقول “فوزي بوخريص”، بأنه يُنظر إلى المرأة المطلقة نظرة سلبية على العموم، حيث أنها مهمشة لكونها امرأة، لكنها تتعرض لتهميش مضاعف في حالة طلاقها، فتوجه أصابع الاتهام لها بأنها سبب فشل تجربة الزواج، وهذا ما يجعل النساء يخشين الطلاق هربا من الوصم الإجتماعي.
تعمل العديد من الأمثال الشعبية على إنتاج وإعادة انتاج النظرة الذكورية للمجتمع تجاه المرأة، فتختزلها في مجرد جسد، أي أنها في مقام الوسيلة المعدة للامتاع، ويجب أن تستشعر الإستمتاع بكونها مثيرا للرجل.
وعندما يفقد هذا الجسد حيويته ونضارته بفعل تقلبات الزمن وأعباء الحمل والولادة ومختلف مهام الإنتاج واعادة الإنتاج، فإنه حسب العرف الذكوري يصبح حينها “منتهي صلاحيته”، كما في حالة الطلاق “لحم الهجالة مسوس وخا دير لو الملحة قلبي عافو”.
مهام رعاية استقرار الأسرة واستمرار الزواج تلقى على كاهل النساء وهو ما يكلفهن عمرا من التضحيات التي توسم بطابع الحميمية لكنها في الحقيقة تكتنف الذكورية والهيمنة.
إن ربط مسبب الطلاق اجتماعيا بالنساء، تفننت مجموعة من الأمثال في تصويره وتحقير هذه الفئة من النساء بأنهن عديمات الجدوى ولا يرجى منهن خير، مثال ذلك قولهم : “الهجالة ربات اعجل ما فلح ربات كلب ما نبح”، والسبيل الوحيد للتخلص من صفة “هجالة” ونيل الاعتراف بها مجددا هو زواجها مرة أخرى لتبرهن أنها لازالت مرغوبة من طرف الرجال.
وكل هذا يفرض على النساء الخضوع الدائم للتقييم، والزامية الالتزام بمعايير تضعهن في مقام التابع.

  • Social Links:

Leave a Reply