نجم الدين السمان
لا أقصد.. الروسيّةَ: بأخمَصِ طَيّ، ومِن غَيرِ.. طَيّ .
وإنما الخروجَ إلى الدنيا.. رأساً تلوَ رأسٍ، وليسَ.. الكلاشنكوف؛ هذه الجُوكر بين أيدي الجميع. حتى رأيناها من أقصى يسارٍ إلى أقصى يمينٍ : مِن هوشي مِينِه ولومومبا وغيفارا إلى ابن لادن والبغدادي والجولاني؛ وكانت أيضاً.. رمزاً للفدائيّ الفلسطينيّ، وكنتُ أنا وأخي عامر.. ننخرِطُ في باحةِ المدرسة مُنشِدِين : ” أنا يا أخي.. يا أخي.. يا أخي.. آمَنتُ بالشَعبِ المُقيَّدِ والمُكبَّل “.
ثمّ نختلفُ أنا وأخي ونتناقَرُ ونتشاجَرُ، لأننا.. روسيّة !.
لا أقصِدُ الروسيّةَ: خَمصَاءَ الخَصرِ والطَيَّ، مُنفلِتةً مع أترابها.. من دروس التربية الأمميّةَ، إلى كازينوهات العالم، يتمُّ الاستعانة بشبابها الرَهِيفِ في المعاركِ اللذيذةِ الحَواسِمِ.. رَشاً ودِرَاكاً .
ما أكثرَ الروسيّات: مِن خلفنا، وعِندَ كلّ مُنعطفٍ، في مداخلِ الأبنية، وعند التقاطعات، عند كلّ ناصيةٍ، في كلّ الشوارع: راجلاتٍ، وفوق كلّ رُكوبَةٍ: راكباتٍ!. ونحنُ بمُواجهَتِهِنَّ في أحدِ أمرين: أن نرتجفَ من الخوف، أو.. نرتجفَ مِن السعادة !.
مَن منّا لم يرتجف لِمَرأى روسيةٍ ممشوقةِ القَدّ، مُوجَّهةٍ نحوَهُ.. بِقَصدٍ، وبغيرِ قَصد ؟!. حتى رأيناها علانيةً مطلعَ الثمانينيات؛ وكنَّا خارجينَ من بروفةٍ للمسرح الجامعيّ بحلب، والشوارع خاليةُ من حَظرِ التجوّل، نقطعُها راجِلِين، وقد وضعنا خُطةً طارئةً لإيصالِ صبايا فرقتنا.. أولاً، فلمّا بقينا خمسةَ شبابٍ بِلحًى مسرحيّة تُشبِهُ لِحَى جلجاميش وأنكيدو في أوروك، أحاطت بِنَا الروسيّاتُ.. مِن كلّ حَدبٍ وصَوب.. ما ألذّ.. أن تُحِيطَ بك الروسيَّات!!.
زمجروا بنا.. وقد خرطشوا كلَّ روسيةٍ.. صارخين: – ارفعوا إيديكُن.. ولاهْ.
رفعنا أيدينا بينما أحاول أن أشرحَ للملازم أول.. مَن نَحن، صرخ بي :
- لَفوق.. يا إخوَنْجي، وجهَك عَ الحيط .
صرختُ بكلَّ ما تبقّى لي من سبعةِ أرواحٍ في رئتيَّ : - إخوَنِجي، الله يسامحك، أنا.. نِسوَنجي !.
ضَحِكَ المُلازم، ضَحِكَ الجُند، ضحِكَت الروسيّات لأولِ مرَّةٍ؛ فنَفَدنا بِجِلدِنَا.. سَالِمِين !.فلمّا بقينا إثنين فقط، سألني وديع عبد المسيح سؤالاً فلسفيّاً عند مدخل البيت : – ماذا لو زَحَطت سَبَّابَةُ أحدِهِم على الزِنَاد مِن فَرط الضحك ؟!.
قلت: – كنّا فَرَطنا.. أجمعين؛ مُسلمين ومسيحيين؛ مُؤمنينَ ومُلحدين؛ فهذه الكلاشنكوف لا تعرِفُ مَن ستقتلُ منَّا؛ بل.. متى سيُقتَلُ صاحِبُها !.
بيني وبينَ أخي عامر: أحدَ عشرَ كوكباً قمريّاً أنثويّاً، لهذا نحنُ.. رُوسِيّة!.
ما أكثرَ ما حَلُمنَا يا أخي بالرُوسِيَّات يسترجِعنَ لنا حقوقنَا المُغتصَبَة في اسكندرون السَلِيب وفي الجولان وفي فلسطين، حتى رأيناها بعينِ اليقينِ.. تقتلُنا عام 2011 وما تزالُ بينَ كُلّ يَدٍ تُعِيدُ إنتاجَ استبدادِ وفسادِ أنظمتنا.
Social Links: