فلورنس غزلان
خرجت من قبري صباحاً باتجاه محاولة فاشلة لرأب صدوع جسدية غلب عليها الهاجس الوحشي الذي يجعلني أتآكل شيئاً فشيئاً..أزور الطبيب…ولا طبيب سوى سورية…ولا مرض سوى داؤها المتقرح، لكنه النزع المتواصل نحو أمل أراه كخشبة نجاة تعوم فوق يم متلاطم ..أزحف كي ألتقطها ..وكلما اقتربت أبعدها الموج والريح…ولا مهرب سوى اللهاث خلفها…أرنو بعيداً في اللاشيء…توقظني أصوات آملة وضحكات ترن بكل أجراس الحياة فارضة حضورها…مجموعة من شباب المدارس…يركبون الباص…يهرجون ويمرحون ..تملأ ضحكاتهم الحافلة صخباً وتبعث في الروح أملا…لافرق بين شاب وفتاة فجميعهم يتقاذف صديقه بما فعله مع الفيزياء والكيمياء،مع لغة أفلاطون ورؤية ديكارت … يتناقشون بمرح الحياة ،يخضعون الدروس للواقع وكيف يرونه مشرقا يبعث النشاط والحركة ليبنوا وطنا يتسع لجميع ألوانهم في الدرس والحياة…لا أحسدهم أبداً بقدر ما أبارك لهم كل هذه الحرية والحيوية…أتنهد بعمق…ويمر أمامي شريط من وجوه أحبة في مثل عمرهم…قذفهم الطغيان إلى ساحات اللجوء العارية حرمهم من حقهم في الوجود ..حقهم في الابتسام ..حقهم في درس فيزياء وفي كيمياء حب وأمل..وتفاعل مع الحياة…لماذا وإلى متى…سيظل السوري طريدة الموت والعوز …؟ لماذا ومتى…يحق لشبابنا أن يعيدوا مجد الحياة لوطنهم وألق العلم والمعرفة لمدارسهم…متى يحق لهم أن يعيشوا كبقية الأمم؟
متى يخلعوا عن أكتافهم ثياب الاستبداد ومن عقولهم ماعلق فيها من تربيته وأطروحاته المغرقة في إفساد الروح والعقل ووسائل الحياة، بانتظار الخلاص كن ياشباب وطني بخير .
فلورنس غزلان -باريس
Social Links: