هل من مفاوضات مباشرة بين المعارضة والنظام ؟

هل من مفاوضات مباشرة بين المعارضة والنظام ؟

بقلم د. منذر ابومروان اسبر

الراي والراي الاخر

يطرح الاستاذمحمد علي الصايغ في معالجته للوضع السوري في “ظل الجمود والتعثر في العملية السياسية ” سؤالا هاما ،الا وهو :

“هل لدى المعارضة من بديل ، وماهي رؤيتها وموقفها ممايطرح لمفاوضات مباشرة بين المعارضة والنظام ” .

والواقع أن مقدمة المقال تشكل عرضا إن لم نقل تشخيصا سياسيا صحيحا للحالة القائمة في سورية وصولا الى القول : ماذا لو افترضنا قيام القوى النافذة بالملف السوري بالضغط بكل ثقلها ودعت قوى المعارضة للحوار المباشر مع النظام “من اجل انجاز عملية اصلاح في تركيب الدولة السورية خارج اجراءات القرارات الدولية ؟ ” التي لايعرف مآلها حتى اليوم ، ويضيف “ماذا سيكون رد المعارضة على هذه الدعوة ؟ “

أن الاستاذ الصايغ يريد بوضوح وجوب تفكير كافة قوى المعارضة والشخصيات الوطنية ان يكون لها خياراتها ومحدداتها لاي حوار مع النظام السوري معددا بذلك الجهات التي من شانها تحقيق الحوار سواء أكان :

أ_ بضغط من أي دولة نافذة بالملف السوري
ب_ أو بدفع من بعض الدول الغربيةالتي بدأت تعمل على التقارب مع النظام
ج_ أو أن يكون الاتحاد الروسي الاقرب إلى مثل هذه الدعوة .
دأو بتبني بعض الدول العربية لهذا التوجه ه‍ – أو أن النظام السوري ذاته يقوم بطرح هذا الحوار . و أو دعوة الصين كطرف محايد لم يتدخل مباشرة في الشأن السوري جيشا وفصائل مسلحة وباعتبار اهمية سورية في رؤية الصين فيما يخص طريق الحرير .

أن الكاتب في انتقاله من افتراض إلى افتراض ، نرى معه ضرورة طرحه ،وان كان يحتاج إلى توضيح المؤشرات عليه بما يحول الفرضية إلى حدث أو واقع ، إنما يبقي المعارضة في حالين :

اولا _ انتظار الدعوات الخمسة مضافا إليها الصين ، اي ترك المبادرة لهذه الدعوات .

ثانيا _ لايوجد من افتراض أن على المعارضة أو بعضها أن يأخذ على عاتقه اتخاذ المبادرة مع الجهات التي يشيراليها لتقوم بالدعوة إلى الحوار .

و طبقا لافتراضاته التي ذكرناها بصورة وجيزة يضع شروطا لما هو فوق تفاوضي أو ماهو تفاوضي ، سواء لبناء الثقة أو للاصلاح الدستوري أو للمرحلة الانتقالية وحكومتها اولتعديل قانون الانتخابات أو إجراء الانتخابات باشراف أممي …
.
.
والحقيقة التي تطرح نفسها أن البنود التي يذكرها للحوار والتي اوجزناها تشكل أيضا برنامج “مطاليب واهداف لانهاء الأزمة السورية وللمناداة بها وترويجها في الشارع السوري” .

هناك اذن في أطروحات الاستاذ صايغ ماهو حواري ـ تفاوضي بناء على افتراضاته الخمسة المذكورة وبين ماهو مطلبي- شعبي بما يعطي دورا للشعب ويحاول إنهاء “الوصاية التمثيلية” عليه والتي لم تستطع خلال الفترة الماضية التقدم بالملف السوري بل والوصول به إلى حالة استنقاع له .

اخيرا يسارع الصايغ بالقول :
“قد يكون ماطرحته ومايمكن طرحه من محددات لقبول المفاوضة المباشرة مع النظام خارج المألوف ولكن أليس كل مايجري حولنا وما يخطط لنا ولغيرنا خارج المألوف وخارج سياق المصلحة الوطنية السورية ، وخارج مصلحة الشعب السوري ووحدة شعبه وارضه ” وعلى هذا الاساس يجب التفكير “خارج الصندوق” أي خارج ما ساد ويسود من حلول نمطية قد لاتؤدي إلى حل وتغلق الابواب باتجاه أي حل مع الاخذبعين الاعتبار أن القرارات الدولية “لايوجد فيها من إجراءات تنفيذية ملزمة ” .

يمتاز السياسي عن غيره لا ببراغمياته الايديولوحية المغلقة ، بقدر ما يتميز بقدرته على تصور ما لايتصوره غيره ويفتح أفقا جديدا وامكانيات للعمل والتوجه .

وهذا نفسه لايتم إلا لأن ماتم ،لم يشكل حلا للأزمة السورية ولا إدارة لها ولاتمهيدا للخروج منها ،بماجعلنا نصر في هيئة التنسيق الوطنية على ضرورة خطة ب للعمل أمام انسداد خطة أ.
نخلص إلى التأكيدات التالية :

اولا ـ أن مقال الاستاذ الصايغ يشكل لا نقدا لواقع مكرس باستنقاعه وحسب وانما ايضا لاستراتيجية هذا الاستنقاع التي ظلت مهيمنة في هيئة التنسيق بسبب إصرار بعض الزملاء عليها .

ثانيا – أن مايطرحه الاستاذ الصايغ في افتراضاته التي اشرنا إليها ، يبقى عموما في إطار تحرك خارجي تظل فيه المعارضة انتظارية سلبية تحتاج الى الانتقال إلى وعي معارض مبادر جديد .

‌ثالثا _ أن الاستاذ الصايغ رغم مايتميز به مقاله من جديد وجدية , لا يتقدم بحلول على ضوء التناقضات القائمة بين قوى النفوذ نفسها حول سورية وعلى واقع التناقضات بين النظام والقوى الخارجية المختلفة ، وعلى معطيات الحركات الشعبية التي تعبر عن سخطها في مناطقها ، اوعلى مرتكز الرفض الجماهيري للادارات الذاتية العسفية في مناطقها او اخيرا على قاعدة التناقضات بين النظام وبين البلدان المجاورة حول عودة اللاجئين السوريين الآمنة . ..

لسنا هنا في معرض الخطة ب التي نصر عليها ، وانما امام حلول يطرحها الاستاذ الصايغ بما يتجاوز نمطية الحل الاقنومي البراغماتي_ التجريبي المسدود في هيئة التنسيق اوالعديد من قوى المعارضة التابعة اجنبيا او التي مازال بعضها يدعو إلى الحرب ، أو تقسيم البلاد إلى فدراليات استقلالية او استمرار انتشار الفوضى والفاشيات في البلاد .

يتميز مقال الاستاذ الصايغ بجرأة الوعي المعارض الجديد وبجديته في البحث الذي نشكره عليه بصدد حلول جديدة لأزمة البلاد تمسكا بسورية وحدة شعب وارض ودولة ، انتماءوولاء ومسؤولية .

  • Social Links:

Leave a Reply