الانتماء

الانتماء

رؤى عبد الصمد



أعمل في مصنع للحديد يضم حوالي 500 عامل ، من مختلف الجنسيات و لكن من العرب فقط انا و شخص آخر لست متاكدا” إن كان عربيا” ام لا ، ملامحه توحي انه سوري و لكنني لست متاكدا” ..
هذا الشخص يعمل معنا منذ ثلاث سنوات،عمره بحدود الخامسة و العشرين ، و بحكم عملي انا اتنقل بين اقسام المصنع لذلك اصادف يوميا” كل العمال ، و القي تحية الصباح على كل من التقيه ببساطة morgen ، كل منهم يبتسم و يرد علي التحية ..
إلا ان صاحبنا ذلك تتغير ملامحه ، و يدير وجهه ، يتجاهلني و لا يرد علي ..مرة مرتين ثلاث عشر مرات ، ثم اتخذت منه الموقف نفسه ، صرت اتجاهل وجوده ، امر بقربه و لا اسلم و لا انظر إليه.
ثلاث سنوات على هذا الحال ، في الحقيقة كنت افضل لو كان عربيا” ، كنا نتعاون و نتبادل الخبرات ، خصوصا” ان لغتي الالمانية ضعيفة ، و يبدو ان لغته جيدة جدا” ..
المهم ، استغنيت عنه و عن اية فائدة ترجى من شخص وقح ..
اليوم و اثناء الاستراحة في العمل كنت املأ كاسي من آلة القهوة في المعمل و إذ مر بقربي ، حملق إلي بشدة ، انا اولا” اردت ان ادير وجهي , و لكن لشدة نظراته واجهته بنظراتي ، ظننت انه سيفعلها و يسلم علي ، و لكنه قال لي بغضب و احتقار :

  • مفطر ؟! ، ما بتخجل على شيبتك ؟!
    انا تفاجات انه يتكلم معي باللغة العربية ، و بشكل لاشعوري و قبل ان استوعب ما قال قلت له :
    -انتي بتحكي عربي ؟ انتي سوري؟
    هنا قال :
  • سوري شو ما شايفني !
    هنا استرجعت ما قاله لي و بدا يتسرب إلي إحساس الإهانة ، فقلت له :شو ؟!
    اردت ان ارد عليه إهانته و لكنه مشى قبل ان اقول شيئا” ..
    اخي المواطن العربي السوري ، و لعلك ابن مدينتي حلب غير متشرف بك :
  • الآن فقط تتذكر انني ممن يهمك امره ؟ متى ؟ بعد ثلاث سنوات من التجاهل غير المهذب ، و لماذا ؟ لانني مفطر و يجب علي إقامة الحد؟!
    اليوم ادركت انني انتمي إليك ، كعربي كسوري كمسلم ، لماذا ? لانني يجب ان اعاقب ؟
    ثلاث سنوات حين كنت بحاجة إليك لم اكن انتمي إليك ، لم اكن مسلما” يهمك امره ، حين احتاج ترجمة بعض إعلانات الشركة او ارسال الإجازة المرضية حين اكون مريضا” ، حين كنت احتاجك لنتحدث و نتبادل الخبرات و المعارف لم اكن مسلما” ، بل اليوم فقط عندما وجب علي إقامة الحد : صرت مسلما” ، من اهل البيت و يجب ان ينضبط اهل البيت بقوانينه ..
    كنت قبيل الثورة محتاجا” لدرجة انني كنت انام بعض الايام جائعا” انا و زوجتي وقتها ، – و على إثر ذلك فارقتني – يومها لم اكن مسلما” يجب على المسلمين الآخرين مساعدته و النظر في امره ، و حين بدات الثورة طلب مني حمل السلاح ، ( لازم ندافع عن ديننا عن امتنا عن اهل السنة و الجماعة ضد النصيريين الكفرة ) قبل ذلك لم اكن من اهل السنة و الجماعة .. كنت مفارقا” للجماعة ..و من اهل الشهر ..
    الوطن يناديك لتدافع عنه لتحميه لتحرر الاراضي المحتلة منه .. و حين كنا نحتاج اية ورقة او وثيقة يعاملك كل موظف ، كغاصب محتل ..
    دافع عن وطنك و ثروات بلداك عن البترول و الغاز الذي كان يذهب جل ثمنه لحسابات القيادة في الخارج و ما تبقى لشراء السلاح لقتلك ..
    دافع عن وطنك ، اجمل البلدان عن البحر و الساحل و جمال الطبيعة ذلك الساحل الذي بيع للشبيحة و إذا اردت يوما” الوصول إلى هناك يسرقونك و يهينونك ..
    ماذا كان مباحا” لي من الجمال في وطني ؟ و ماذا كان في متناول يدي من خير و من طيبة اهله إلا اذى الجيران و الزملاء و كل من تصادفهم في يومياتك ..
    بيت عبد الاحد اعتدوا علينا قوم خود بتارك ما انتي واحد من بيت عبد الصمد ، و قبلا” كل الود و الولائم و الفوائد لم تكن لي انا ابن عبد الصمد ..
    قم يا عربي ضد الاكراد و يا كردي ضد العرب ، رغم ان كل الاذى يلحقك يا عربي من العرب و يا كردي من الاكراد ..
    انت بلا انتماء في السراء،و لكن وقت الغرم انت مسلم انت عربي انت سوري انت من آل عبد الصمد ..
    فقط انتماؤك حين عليك دفع الثمن ..

  • Social Links:

Leave a Reply