د. منذر ابو مروان اسبر
قامت امريكا بوضع فيتو على مشروع قرار مطروح على مجلس الأمن يوم الاربعاء ،٢٠- ١١-٢٠٢٤ لوقف إطلاق النار في غزة .
اي متابع لماقامت به الإدارة الأمريكية بالدعم والمشاركة العسكرية والمالية والاستخباراتية مع اسرائيل في حربها على غزة قتلا و فتكا وتدميرا ، يستنتج أنها تريد استكمال الابادة كما فعل الاباء قبلها في أمريكا الشمالية .
لايمكن تفسير موقف امريكا إلا بالموروثات العميقة لإحلال شعب محل شعب اخر من جانب ومن جانب أخر سوى بسياسة إخضاع عدوها لفداحة بل وجريمة ممارسة الموت المطلق كما فعلت في هيروشيما وناكازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية اغسطس ١٩٤٥ سبيلا للسيطرة والهيمنة العالمية .
وهذا نفسه يطرح الاستمرار في إتقان الأسلحة بكافة أنواعها خاصة وأن التشكيلة الاقتصادية العليا الأمريكية تسمح لها باستخدام المعارف العلمية والتكنولوجية لإنتاج مختلف هذه الأسلحة الفتاكة بمايجعل العنف العسكرى والتهديد به جزءا من البنية الاقتصادية التكنولوجية الليبرالية وحاجة هذه البنية إلى العنف العسكري نفسه لدعمها و استمرارها.
يكفي أن ننظر إلى أن سقوط حلف وارسو وانتهاء الحرب الباردة عام ١٩٩١لم يدفع امريكا إلى إنهاء الحلف الاطلسي العسكري بقدر ما قامت بتوسيعه واقامة مختلف الاحلاف العسكرية والقواعد العسكرية في العالم بما يجعل امتلاك سلطة الموت وصولا إلى الإبادة إزاء الآخر المقاوم لها استراتيجيتها كلما لزم الأمر ، وبما يضع العالم على أبواب حرب عالمية جديدة .
واذا كانت الوقائع تدلي إن الحالة الاقتصادية التكنولوجية العلياالغربية قدأدرجت اسرائيل في منظومتها الإمبريالية في الشرق الأوسط اقتصادا وسلاحا وتكنولوجية وأن هذه الحالة العليا تتغلب بالضرورة على وضعيات اقتصادية تكنولوجية عسكرية دنيا بسبب هذا التمايز الهائل بينهما فإن هذا يفسر علميا وبالضرورة هزيمة الجيوش النظامية العربية عام ١٩٤٨ و١٩٦٧ .
ذلك أن أي حرب لاتقوم بين جيوش نظامية والسلاح المستخدم فيها وحسب وانما ايضا بين أنماط اقتصادية تكنولوجية تفرز القوى المتحاربة عدة وتنظيما وعتادا .
الاان هذا لايشكل قانونا عاما لأن تجربة عديد من الشعوب تبين أنه يمكن لوضعيات إنتاجية اقتصادية وتكنولوجية دنيا أن تهزم الحالة الإنتاجية الاقتصادية والتكنولوجية العليا وجيشها كما حدث بالنسبة لفرنسا مع الجزائر أو بين الفيتنام وأمريكا أو بين أفغانستان وامريكا ….بسبب العوامل التالية :
١ـ عامل المحاربين الأشداء في هذه الشعوب
٢ ـ عامل التنظيم قوة واستراتيجية للمقاومة
٣ـ عامل تلاحم الشعب حول هذه المقاومة .
وهذه المقاومة باعتبارها تطرح استعادة الأرض والحقوق المشروعة المستلبة لها فان عامل وجود دعامة لها في الشعوب الاخرى أمر ضروري لها .
وبهذا فا ن القول إنه لا سبيل لمقاومة قوة عظمى متقدمة إنتاجا وتكنولوجيا وسلاحا كما أن تفسير المقاومة بالايديولوجية الدينية أو السياسية كما الأمر بالنسبة للجزائر أو فييتنام أو من دعمهما ،لايغير شيئامن مشروعية هذه المقاومة ضد الاحتلال والاستيطان والاغتصاب .
النظرة العلمية وهي ترى الايديولوجيات و القوة الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية للمستعمر ، فإنها تتوقف أمام مقاومة شعب في التحرر والحرية .
هذا هو شأن المقاومة الفلسطينية منذ بداياتها عام ١٩٦٥ بما يسمح بالقول ، وبالرغم من التردي العربي المشين اليوم ، وبالرغم من أسلحة القتل الجماعي للمدنيين العزل و فيتو امريكا الاخير في مجلس الأمن ؛ فأن هذه المقاومة لم تنته بعد وستظل على جدول قضايا الإنسانية حقاوعدالة .
Social Links: