مسعود السرعلي
جنوبية
في قرار غير مسبوق، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية الخميس رفضها طعون إسرائيل ضد اختصاص المحكمة في قضية دولة فلسطين، وأصدرت مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وبحسب هيئة البث، سيحرم الرجلان من زيارة 120 دولة موقعة على نظام روما الأساسي للمحكمة.
قرار المحكمة
رفضت المحكمة طلبين قدمتهما إسرائيل: الأول يشكك في اختصاص المحكمة بشأن التحقيقات المتعلقة بإسرائيل ومواطنيها، والثاني يطالب باستئناف التحقيقات من جديد.
أكدت المحكمة أن اختصاصها يستند إلى نطاق الولاية القضائية على الأراضي الفلسطينية، بما فيها غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة
أوضحت المحكمة أن إسرائيل سبق أن أُخطرت في 2021 ببدء التحقيقات ولم تستجب لطلبات توضيح حينها. لذلك، لا حاجة لتجديد الإشعار
عليه، أصدرت المحكمة مذكرات توقيف سرية ضد نتنياهو وغالانت لارتكابهما جرائم شملت استخدام التجويع كوسيلة حرب ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مما أدى إلى معاناة كبيرة بين السكان المدنيين.
مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي
بوادر مواجهة مع واشنطن؟
أثار قرار المحكمة الذي كان مرتقبًا قبل أيام ردود فعل قوية من الولايات المتحدة. السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي سيصبح رئيس مجلس شيوخ، والمعروف بتأييده القوي لإسرائيل، هدد المحكمة الجنائية الدولية بفرض عقوبات إذا أصرت على ملاحقة نتنياهو. وصرّح غراهام في بيان أن إصدار مذكرة توقيف ضد نتنياهو يمثل «عملًا خطيرًا وغير مسبوق» قد يؤثر على التحالف الأمريكي-الإسرائيلي.
ووصف غراهام قرارات المحكمة بأنها «مسيّسة»، مدعيًا أنها تستهدف إسرائيل دون أي مبرر قانوني واضح. ودعا إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى اتخاذ موقف صارم ضد المحكمة وحماية إسرائيل من «استهدافها غير العادل». كما أشار إلى إمكانية تشريع قوانين جديدة في الكونغرس لمعاقبة المحكمة إذا استمرت في هذا المسار.
يذكر أن التهديدات الأمريكية ليست جديدة، إذ سبق لإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب فرض عقوبات على كبار المسؤولين في المحكمة بعد تحقيقاتها في جرائم حرب محتملة ارتكبتها القوات الأمريكية في أفغانستان. ومع أن إدارة بايدن رفعت تلك العقوبات، فإن تصاعد التوتر بسبب قضية نتنياهو قد يعيد المحكمة إلى دائرة المواجهة مع واشنطن.
قضية دولة فلسطين
قضية فلسطين أو حرفيا كما تُسمّى «الوضع في دولة فلسطين» أمام المحكمة الجنائية الدولية ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى عام 2015 عندما قدمت دولة فلسطين إعلانًا بموجب المادة 12(3) من نظام روما الأساسي، تعترف فيه باختصاص المحكمة بدءًا من 13 يونيو 2014. وفي 2 كانون الثاني 2015، انضمت فلسطين رسميًا إلى النظام الأساسي للمحكمة، الذي دخل حيز التنفيذ بالنسبة لها في 1 نيسان 2015.
في 22 أيار 2018، أحالت دولة فلسطين الوضع القائم منذ 13 يونيو 2014 إلى المدعي العام، دون تحديد نهاية للتحقيقات. وفي 3 آذار 2021، أعلن المدعي العام فتح تحقيق رسمي في الوضع الفلسطيني، بعد قرار من الدائرة التمهيدية الأولى في 5 شباط 2021 يقضي بإمكانية ممارسة المحكمة لاختصاصها الجنائي في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية
مع مرور السنوات، تلقت المحكمة إحالات إضافية للوضع في فلسطين من دول أخرى، بما في ذلك جنوب أفريقيا وبنغلاديش وبوليفيا وجزر القمر في تشرين الثاني 2023، ومن تشيلي والمكسيك في كانون الثاني 2024. هذه التطورات أكدت الطبيعة الدولية للقضية وضغطت على المحكمة لاتخاذ خطوات واضحة بشأن الانتهاكات
Social Links: