من الطائفية إلى السلفية

من الطائفية إلى السلفية

فوزات رزق


هل هرب الشعب السوري من الدبّ ليقع في الجبّ؟ سؤال يبرز مع كل خطوة تخطوها حكومة تصريف الأعمال ذات اللون السلفي الواحد. ويوماً بعد يوم تتكشف حقائق جديدة تحملها هذه الحكومة التي تتجاوز صلاحياتها، وتنسى أنها مكلفة بضبط الأمن فقط ريثما ينتقل الشعب السوري إلى حكومة انتقالية.
إن الخطوات التي تخطوها حكومة تصريف الأعمال فوق صلاحياتها لا تبشر بالخير. وأخطر ما قامت به حديثا أنها مدت يدها إلى أخطر مؤسسة من مؤسسات الدولة وهي المؤسسة التربوية/ والقيام بتغيير المناهج الدراسية، وجعلتها أداة لتعليب الجيل وقولبته بطريقة تناسب توجهها السلفي. وهذا أخطر ما يمكن تصوره لأنه يتجه إلى تربية الجيل، ومن خسر الجيل خسر كل شيء. فمن الذي أعطاها الصلاحية لتمد يدها إلى المناهج الدراسية؟
لن نتحدث القرارات الأخرى التي اتخذتها قبل هذا القرار، ولا عن المسؤولية التربوية التي ستلقى على عاتق من يضطلع بمهمة وضع المناهج الدراسية وخطورة هذه المهمة. ولكننا سنتحدث عن أن هذه الحكومة تتجاوز صلاحياتها في الأصل. وتمد يدها إلى المحرمات. فبناء الأجيال مسؤولية لا تقل أهمية عن بناء مؤسسات الدولة. وبناء المؤسسة التربوية من أخطر المهام التي يرتكز عليها بناء الجيل.
أن الخطوة التي أقدمت عليها حكومة تصريف الأعمال بقيادة أحمد الشرع هي أول الخطوات التي تكشر فيها جبهة تحرير الشام عن أنيابها دون لبس ولا غموض. وإن الثياب العصرية التي أبدل بها أحمد الشرع ثياب تورا بورا لم تستطع أن تغطي النوايا التي تضمرها هيئة تحرير الشام تجاه الشعب السوري. ولطالما صرّح أحمد الشرع أن سورية لن تكون إفغانستان. فما هي المسافة الآن بين سورية وإفغانستان بعد هذه الخطوة الخطيرة؟!
إن خطوة تغيير المناهج الدراسية هي المسمار الأول الذي اقتلع من حذوة الجواد الذي يمتطيه الشعب السوري في سباقه نحو الخلاص من حكم الأسدين واللحاق بركب العالم المتقدم، وسيتبعه اقتلاع جميع المسامير من حذوات هذا الجواد حتى سيغدو حافيا، وسيقف في منتصف الطريق إن لم ننتبه لمواجهة الخطر.
وما لم يُعلن الشعب الآن صرخة في وجه حكومة تصريف الأعمال قبل أن يستفحل الأمر، وتضرب جذورها في أعماق الأرض فإن السوريين والله ليلومُنَّ أنفسهم ويقعدون ملومين محسورين. وبخاصة أن النية معقودة على تأخير إعلان الدستور وتشكيل حكومة دائمة وانتخابات رئاسية إلى ما لايقل عن أربع سنوات بحسب ما صرح به أحمد الشرع نفسه. ولا يقل أحد أن الجماعة ليس لها في القصر إلا أمس العصر، فإن معالجة الداء قبل استفحاله تغني عن الدواء.
أن الأصوات التي نددت بطغمة الأسد في الساحات العامة لم تنته مهمتها بعد. وإن الساحات في المدن السورية جاهزة لاستقبال الذين سينددون بهذه البادرة الخطيرة. ولتكن وقفات الاحتجاج في الساحات العامة محط اختبار لتعامل حكومة تصريف الأعمال مع حق التظاهر الذي تم التأكيد عليه من قبل أحمد الشرع قائد القوات المشتركة.

  • Social Links:

Leave a Reply