التيارات الاسلامية وتقييد المجتمع

التيارات الاسلامية وتقييد المجتمع

خيرؤ الذهبي


التيارات الإسلامية التي ترتكز على الدين كمرجع في تطبيق وتفسير الأمور الحياتية والاجتماعية موجودة وقديمة قدم الدولة العربية، وحتى أنها موجودة في الغرب في الإمبراطوريات الكبرى المسيحية، وهي بالطبع موجودة في الدولة اليهودية.. مشكلة هذه التيارات أنها بشكل أو بآخر تفترض أن المجتمع العربي يجب أن يبقى مقيداً في إطار وضع ما قبل 1500 سنة، أي أن الدولة العربية-وفقا لتلك التيارات- يجب أن تتبع ذات المنهج الذي ساد في صدر الإسلام، في معالجة شؤون السياسة والرئاسة وانتقال السلطة والشؤون المدنية وقوانين الأسرة، في تجاوز وإنكار لكل التطورات الهائلة والتراكمات الحضارية والتحولات الفكرية عبر القرون، وهذا بالطبع غير ممكن مطلقاً، فالعقل العربي الذي كان يقبل افتراضاً تطبيق حد السرقة أو القتل، لا يمكن له بأي شكل أن يقبل بتنفيذه اليوم في عصر التكنولوجيا وحقوق الإنسان وتطور علم الجريمة وعلم النفس، بذات المنطق لا يمكن معاملة المرأة ضمن تلك المفاهيم، وبالقياس نكمل الأمثلة.. لذلك فالقائمون على تلك الأحزاب بدمج الدين بالمجتمع وخلط الدين بالدولة، يعلمون أنهم يدغدغون سلفية ما موجودة عند مجتمع محبط، قيل له ملايينَ المرات بأن العرب والاسلام كانوا يوماً أمة حكمت العالم بفضل الالتزام بقوانين الدين والشريعة، وبالتالي “إذا أحببت أن تستعيد مجدك فلا بد لك من العودة إلى أصول الدين والشريعة حتى تستعيد روح الأمة “وهذا كلام فارغ، فلقد أثبتت التجارب فشل الدولة الدينية في قيادة مجتمع مدني متعدد الأديان والطوائف، أيًّا كان من يقود الدولة وأيًّا كانت طائفته، ولا يمكنه الاستناد إلى الحكم الديني والعشائري والطائفي، فالدولة المعاصرة تتنافى كلياً مع الشكل القديم للدولة العربية، والمواطن العربي اليوم يحتاج آلاف الأشياء التي لم يكن يفكر بها جده قبل 1500 سنة: العدالة والمساواة وحقوق المرأة والمواطنة والمشاركة الديمقراطية، والأهم تداول السلطة، وعدم قبول فكرة أن الخروج على الحاكم هو شأن ينافي الدين.. وما الدين في المحصلة سوى شأن من الشؤون القبلية، حيث تحولت كل طائفة إلى قبيلة يترأسها زعيم سياسي تحالف مع زعيم ديني، وبالتالي استمد شرعيته من تلك القوة الروحية لتلك الطائفة وبات بالضرورة قبول سياسات الزعيم السياسي شأنا يتعلق ببقاء الطائفة واستمراريتها و ووجود

  • Social Links:

Leave a Reply