فرح العاقل
تمّ مؤخراً الإعلان عن التشكيلة الوزارية التي ستقود الدولة السورية خلال الثلاثة سنوات القادمة على الأقل، ورغم تباين ردود الفعل حولها، خاصةً مع احتفاظ الدائرة الضيقة المقربة من الرئيس السوري بالوزارات السيادية، إلا أنها لاقت قبولاً لدى شريحة لا بأس بها من السوريين، ويظلّ الجميع متّفقاً على أنها تواجه مجموعة من التحديات الصعبة والمعقدة، والتي ستساهم إذا ما تمّ تجاوزها ببدء إرساء الاستقرار على عدة مستويات في سوريا بعد أن تركها النظام المخلوع متهالكة وبحاجة إلى الكثير من العمل الشاق والجاد لاستعادة عافيتها.
ولعلّ أبرز هذه التحديات هي:
1 لاستقرار السياسي وإعادة بناء الثقة:
حيث سيكون على الحكومة العمل بكامل طاقات كوادرها لتلبية تطلعات الشعب السوري بتنوعه الغني حيث ستكون مُطالبة بإعادة بناء الثقة بين مختلف الفئات والطوائف السورية، في ظل الانقسام السياسي والديني والعرقي الذي تغذّى عليه النظام المخلوع لسنوات عدة لإطالة عمره.
٢ـ الانتقال الديمقراطي وإصلاح المؤسسات:
التركيز على إجراء إصلاحات حقيقية في المؤسسات الحكومية وضمان أن تكون هذه المؤسسات مستقلة وفعالة من خلال ضرورة تطبيق معايير الشفافية والمساءلة بما يتوافق مع تطلعات الشعب السوري.
٣ـ إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية:
تقع على عاتق الحكومة الجديدة مهمة وضع خطط استراتيجية لإعادة إعمار سوريا، بما يشمل البنية التحتية، القطاعات الاقتصادية، والتعليم والصحة والقضاء، وجذب الدعم الدولي لغاية إعادة الإعمار وتعزيز الاستثمارات المحلية والدولية والعمل سريعاً وبشكل فاعل وملموس على تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين من خلال خلق فرص العمل، وتوزيع المساعدات بشكل عادل.
٤ـ الحقوق والحريات:
عملاً بمبادئ الثورة السورية وتكريماً لتضحيات السوريين سيكون لزاماً على الحكومة الجديدة ضمان حقوق الإنسان والحريات الأساسية بما في ذلك حرية التعبير، وحرية الصحافة، وتوسيع المشاركة السياسية لجميع أطياف المجتمع السوري، من خلال دستوريصون كُل ما سبق، كما يجب أن تكون الأولوية لمعالجة قضية المعتقلين والمفقودين السوريين والتي تعد واحدة من أكبر القضايا الإنسانية العالقة.
٥ـ التحديات الأمنية:
معالجة الوضع الأمني من خلال تفعيل دور الأجهزة الأمنية بشكل قانوني يحترم حقوق الإنسان دون تمييز ديني أو عرقي أو طائفي، ويحقق الأمن والأمان للمواطنين.
كما يجب عليها التعامل مع التنظيمات المسلحة والمجموعات غير القانونية بشكل شامل، وضمان عدم هيمنة أي طرف على القرار السياسي.
٦ـ العلاقات مع المجتمع الدولي:
بناء علاقات جديدة مع المجتمع الدولي، خصوصاً في ظل تطورات المنطقة والتقارب السياسي مع بعض الدول لتكون مبنية على الاحترام لسيادة الدولة على كافة أراضيها والتعاون في شتى المجالات بحسب الاتفاقيات الدولية والقرارات الأممية المنصوص عليها.
٧ـ ملف اللاجئين والنازحين:
التأكيد على حقوق اللاجئين والنازحين السوريين في العودة إلى ديارهم ووضع خطة قابلة للتنفيذ لمساعدتهم في إعادة تأهيل مناطقهم للعودة إليها.
٨ـ التحديات الاجتماعية:
معالجة الانقسامات المجتمعية والتوترات بين مختلف الفئات في المجتمع السوري من خلال البدء بتطبيق العدالة الانتقالية لمحاسبة المجرمين ممن تلوثت أيديهم بدماء السوريين، و التأكيد على وحدة البلاد وسلامتها الإقليمية.
كل هذه النقاط تمثل تحديات كبيرة، لكن إذا تم التعامل معها بحذر واهتمام وأمكن تجاوزها، فسيكون تشكيل الحكومة السورية المقبلة خطوة مهمة نحو إرساء السلام والاستقرار في سوريا.
Social Links: