الخلية الحرة-2013 (2من7) ــ عمران كيالي

الخلية الحرة-2013 (2من7) ــ عمران كيالي

 

أنا وحيدة جدا، أعيش ضمن هذا الكبد الكبير الشاسع الواسع، يقتصر طعامي على النفايات التي يخلفها صاحب الكبد . و حيث أنه لا فم لي، فإنني أستعمل غشائي، أذ أحيط لقمتي بغشائي ثم أغلق عليها و أسحبها إلى داخلي ….. مرة، قالت لي جارتي، أنها عندما تتذاكر مع خليتها الأم، تستفيد من خبراتها، و أنها (الخلية الأم) علمتها طريقة المحافظة على جيناتها سليمة ….. أشعر بشكل دائم بالملل، فالأعمال التي أقوم بها تتكرر آلاف المرات في الساعة، لا يتاح لي الوقت لسماع أغاني جوليا بطرس، و لا الذهاب إلى السينما، حتى الأكل الذي آكله يعتبر عملا، و بالطبع عملي غير مأجور و غير مشكور ….. تعيش الخلية مثلي (و قد علمت هذا أيضا فيما بعد) يوما أو عشرات السنين، إذ لا توجد قاعدة تحدد ذلك، رغم أننا لا نموت، نعم نحن لا نموت، و سوف أبين لكم كيف يحدث هذا في الفصل القادم، كما أنه ليس لدينا، نحن الخلايا، نقابات تدافع عن حقوقنا، الشيء الوحيد الذي يسعدنا هو أن الواحدة منا لا تتدخل في شؤون الأخرى، كل خلية مشغولة بوظيفتها، لا تنافس، لا عداوة، كلنا نعمل بصمت و بهمة عالية، لا نتشاجر، و لا نعرف ما هي النميمة أو الحسد ….. و ما يكمل حزني و يجعله أكبر، هو أن الخلايا التي أجاورها وأعيش معها أناث فقط، نعم أناث فقط، لا يوجد خلايا مذكرة نهائيا، فإذا فكرت أحدانا في الإنجاب يوما ما، عليها أن تشطر نفسها، و هذا يعني النهاية بالطبع، و لن تعيش الخلية المشطورة الأم أكثر من دقائق لتودع خلالها الخلية المشطورة الإبنة، ثم تصبح قوتا لخلية أخرى ….. أصيب صاحب الكبد الذي نحن فيه بجرح بليغ منذ لحظات، فقد سمعت كرية حمراء جريحة تتحدث إلى خلية قريبة مني قبل أن تلفظ أنفاسها : صاحبنا سيقتله طمعه (حرف القاف في اللهجة المحكية، من الآن إلى آخر النص، يلفظ (آ) إنكليزية) ….. و لم أفهم ما قصد الكرية الحمراء وقتها، لكنني بعد دخول صاحبنا إلى المشفى بدأت الأمور تتضح بالنسبة لي تدريجيا ….. -بسرعة … بسرعة (صاح أحد الممرضين) -دكتور … دخيلك دكتور (زوجة المصاب) -الدكتور للممرض رقم (1) : أوكسجين و كيس (آ ب +) و كيسين ملحي -الدكتور للممرض رقم (2) : و أنت … جهاز النبض و الإنعاش و كمامة نضيفة ….. وصل الدكتور و الممرضون و طبيب التخدير إلى غرفة العمليات و باشروا بوصل الأجهزة و قياس نبضات القلب ….. أصغيت، بكثير من الاهتمام، لأعرف كيف يقتل الطمع صاحبنا ….. قال الممرض رقم (2) : منشان كيليين بندورة روح حالو . -الممرض رقم (3) : لو تعرف كم مليون عندو . -الممرض رقم (2) : قول عشره خمسطاعش ما عدا الفيلا . -الدكتور : ولك إش أخدك ع المعبر؟ -الممرض رقم (1) : بدو يوفر ميتين ليره . -الممرض رقم (2) : لك لو كان درويش معلش، حقو . -الممرض رقم (3) : أصلا إللي متلو هني سبب البلا و سبب الغلا . -طبيب التخدير : هس س، حاج لعي ….. سادت فترة من الصمت، انهمك فيها الجميع بعملهم محاولين إنقاذ المصاب …..

يتبع …..

  • Social Links:

Leave a Reply