صحيفة فزغلياد: الولايات المتحدة الأميركية تستعدُّ لتوجيه ضربةٍ قاسية لسورية ــ سمير رمان

صحيفة فزغلياد: الولايات المتحدة الأميركية تستعدُّ لتوجيه ضربةٍ قاسية لسورية ــ سمير رمان

 

جيرون :

مقدّمة :

هدَّد البيت الأبيض بأنَّ بشار الأسد وقواته المسلَّحة “سيدفعون ثمنًا باهظًا”، إذا استخدموا الأسلحة الكيماوية، وليست هذه المرَّة الأولى التي تتهم فيها الولايات المتحدة الأميركية الحكومةَ السورية بـ “تحضيراتٍ محتملة” للجوء إلى السلاح الكيماوي. ويرى السيناتور الروسي فرانس كلينسيفيش أنَّه سبق لمثل هذه الاتهامات التي لا أساس لها، أنْ أدَّت إلى توجيه ضربةٍ صاروخية لسورية. وتستعدُّ الولايات المتحدة الأميركية مرةً أُخرى للقيام باستفزازٍ جديد وتوجيه ضربةٍ قاسية لسورية.

واتهمت الولاياتُ المتحدة الأميركية نظامَ الأسد بالقيام بـ “استعداداتٍ محتملة” لشنِّ هجومٍ باستخدام أسلحة كيماوية، وقال البيت الأبيض: إنَّ “أعدادًا كبيرة من الضحايا المدنيين، بما فيهم أطفالٌ، قد يسقطون نتيجة لذلك”. وأشار سبايسر إلى أنَّ التواجد الأميركي في سورية يهدف إلى محاربة التنظيم الإرهابي “الدولة الإسلامية”. ولكنَّه أردف: “إذا قام الأسد بهجومٍ آخر، ولجأ فيه إلى استخدام السلاح الكيماوي، فإنَّه وجيشه سيدفعون ثمن ذلك”.

البارحة، اتصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بوزير الخارجية الأميركية ريكس تيليرسون، وذكَّره بعدم القبول بالاستفزاز ضدَّ الجيش السوري، وأشار لافروف وتيليرسون بلهجةٍ دبلوماسية إلى ضرورة تعزيز نظام التهدئة في مناطق “خفض التوتر” في سورية. إلا أنَّ تصريحات البيت الأبيض تشير إلى نوايا مغايرة تضمرها الولايات المتحدة الأميركية: تحويل الحكومة السورية إلى خصمٍ “مشروع”.

تبدو الاتهامات الحالية مقلقةً للغاية. ونذكِّر أنَّ الولايات المتحدة الأميركية قد بررت الضربة الصاروخية على مطار الشعيرات السوري باتّهام “غير مبرر” لدمشق باستخدام الأسلحة الكيماوية، وكانت الذريعة هي الحادث الذي وقع في مدينة خان شيخون، في الرابع من نيسان الماضي. وعلى الرغم من ذلك، تحدثت وسائل إعلامية غربية فيما بعد: السلطات السورية لم تستخدم الأسلحة الكيماوية في خان شيخون، وأكثر من ذلك، كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب على علمٍ بذلك.

“الولايات المتحدة الأميركية تحضِّر لضربةٍ على سورية”

قال النائب الأول، لرئيس لجنة الاتحاد الفيدرالي للدفاع والأمن، فرانتس كلينسيفيش، لصحيفة (فزغلياد): إنَّ التحذيرات الأميركية الحالية تشير إلى أنَّ الولايات المتحدة الأميركية نفسها تستعدُّ لتوجيه “ضربة قاسية جدًا” لسورية. وأشار النائب إلى أنَّ “الاستفزاز سيكون قويًّا. وستكون الضربة قاسيةً للغاية”. وبرأي كليننسيفيش أنَّ الولايات المتحدة الأميركية توصَّلت إلى استنتاج بأنَّه ليس هناك “مقاربة مؤكَّدة تفضي إلى استبعاد الأسد وإدارته. وستجري فيما بعد محاولةٌ لتفتيت سورية”. وذكَّر النائب أنَّه سبق أن ألصقت بالأسد تهمة المصادقة على القيام بهجومَين كيماويَين. ففي عام 2013، بحث الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما إمكانية توجيه ضربةٍ لسورية بذريعة استخدامها الأسلحة الكيماوية. ولكن، بفضل التدخل الروسي، تمَّ التوصّل إلى اتفاقٍ على إخراج مخزون سورية من الأسلحة الكيماوية خارج البلاد، تحت إشراف المنظمة الدولية لمنع استخدام وانتشار السلاح الكيماوي؛ سمح هذا الاتفاق بالحفاظ على ماء وجه الإدارة الأميركية حينئذٍ.

بعد التخلّص من الأسلحة الكيماوية السورية وإخراجها خارج البلاد، أصبحت الاتهامات التي توجَّه للأسد بخصوص استخدام قواته السلاح الكيماوي سخيفةً. ويقول كليمنتسيف: “ببساطةٍ لم يعد يمتلك المكونات اللازمة. وفي الوقت نفسه، تعلم أجهزة الاستخبارات في العالم كلِّه أنَّ تنظيم (الدولة الإسلامية) يمتلك هذا السلاح، وأنَّ لدى هذا التنظيم أماكن لإنتاجه بطرقٍ بدائية”.

منذ ذلك الوقت، يبدو أنَّ سياسة الولايات المتحدة المعادية لسورية، أخذت تكتسب زخمًا. ففي 18 حزيران قام التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، بإسقاط مقاتلة سوخوي -22 السورية. وفسِّرت أسباب الهجوم بأنَّ المقاتلة السورية قصفت مواقع قريبةً من مواقع “قوات سورية الديمقراطية” (قوات موالية لأميركا تتألف من مجموعاتٍ كرديّةٍ وعربيَّة). أعقب ذلك قيام وزارة الدفاع الروسية بوقف العمل في إطار مذكرة التفاهم الموقعة مع الولايات المتحدة الأميركية، للحيلولة دون وقوع حوادث في سورية.

يمكن عَدّ الأسدِ مذنبًا بسببِ هجومٍ يقوم به آخرون

يقول عضو لجنة المجلس الفيدرالي الروسي، للشؤون الخارجية، أوليغ ماروزوف، لصحيفة (فزغلياد): “إذا كان الأميركيون يعرفون باستعدادات الأسد للقيام بهجوم كيماويِّ، فإنّ الأسد يعرف، على الأرجح، عواقب هذا العمل التي ستترتَّب عليه من جانب الولايات المتحدة، في حال شروعه بهذا الهجوم الكيماوي. وفورًا يطرح سؤالٌ نفسه: هل جُنَّ الأسد ليقدم على ذلك؟ أم أنَّ الأمر برمتِّه يبدو غريبًا!”.

وأضاف السيناتور: “لمَاذا يقوم الأسد، اليوم، بما يضعه في موقفٍ محرجٍ جدًا، ليس في مواجهة المجتمع الدولي والأميركيين فحسب، بل أمامنا نحن، أمام روسيا التي تدعمه”. ويرى أنَّ كلَّ القصص حول الأسلحة الكيماوية لها هدفٌ دعائيُّ واضح، وفي مكانٍ آخر ربما هدفٌ تبريريّ. “إذا قام أحدٌ ما آخر، غدًا، باستخدام الأسلحة الكيماوية (وهي متوفِّرة لدى الإرهابيين)، فإنّ الأنظار ستتوجَّه إلى الأسد”، أوضح السيناتور. وأضاف: “سنسمع صراخًا، لقد حذَّرنا، ولن تكون هناك ضرورةٌ للبحث عن مذنبين”. وبرأيه “إنَّها من مستلزمات الحرب الدعائية، والقصَّة تتمحور حول ممارسة الضغط علينا (الروس)، وعلى الأسد. هي محاولةٌ مبيَّتةٌ لاعتباره مذنبًا في كلِّ مصائب سورية”.

لخَّص ماروزوف كلامه قائلًا: “أستطيع الشكَّ أنَّ كلَّ ذلك يُفتعل كمقدمةٍ لظهور قصَّةٍ كيماويةٍ جديدة، ولكي نصرف الانتباه عن الفاعلين الحقيقيين، يجب الإشارة فورًا إلى مَن عُدَّ سلفًا مذنبًا في أيِّ حادثٍ كيمياوي، يمكن أن يقع في هذه الحرب”.

الهدف- تخفيض نشاط الجيش السوري و”اختبار” روسيا

يشاطر الخبراء النائبَ رأيَه؛ فها هو الخبير في معهد الاستشراق لدى أكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير سوتنيكوف. وتنقل وكالة (ريا نوفوستي) مقتطفاتٍ من كلام المستشرق الذي يقول: “لم تعجب النجاحات التي حققها الجيش السوري في حربه على المجموعات المعارضة وضدّ “تنظيم الدولة الإسلامية” الأوساطَ التي يرعاها ترامب. الآن، لا يتمُّ التصريح عن موقف الشركاء الأميركيين من الرئيس السوري، ولكنَّه موقفٌ لم تتغيَّر، ذلك بأنهم لا يريدون رؤيته في السلطة”.

في هذه الأثناء يشرح كليمنسيف أنَّ أهداف الولايات المتحدة الأميركية من ضرب القوات السورية هي متعددة: “حماية خبرائها الذين يعملون هناك، إرغام القوات السورية الحكومية على خفض جهوزيتها القتالية بشكلٍ حادّ، وفي النهاية جسّ نبض روسيا ومعرفة ردَّة فعلها حول هذه المسألة”.

بالنسبة إلى روسيا، فإنَّ تطور الأحداث على هذا النحو هو أمرٌ سلبيٌّ جدًا. “في كلِّ الأحوال، سنكون نحن المذنبين”، يقول كليمينسيف. وخلُص السيناتور إلى “لن يطول انتظارنا للوصول إلى الاستفزاز المباشر، عندما سيكون علينا التصرف. بشكلٍ أو آخر، سنضطَّر للتكشير عن أنيابنا”.

  • Social Links:

Leave a Reply