الخلية الحرة-2013 (5من7) ــ عمران كيالي

-وين الممرضة ؟ (يتساءل الإبن الأصغر . -يا الله يا بابا إصحا (قالت الإبنة) … ذهب الإبن الأكبر إلى غرفة الممرضة مسرعا، فتح باب الغرفة و قال فورا دون مقدمات : بابا صحي . نهضت الممرضة، لحقت بالإبن الأكبر إلى غرفة المصاب، ثم، و بعد أن دخلت، أبعدت الأم و الأولاد عن سرير والدهم المستلقي، وضعت يدها على جبينه، ثم فتحت جفني العين اليمنى و حدقت فيها عن قرب، كذلك فتحت جفني عينه اليسرى و حدقت فيها عن قرب، بعدها ضربت خده الأيمن بلطف ضربتين متتاليتين، كذلك فعلت بالخد الأيسر . لم يستجب صاحبنا إلى هذه الحركات، بقي كما هو …  -كيف قلتلي صحي ؟ (الممرضة تسأل الإبن الأكبر بنزق) -أنا شفتو و الله، حرك شفايفو . -هادا فعل منعكس، لساتو تحت البنج . – بس، يا . -خلوه، لسا بدو ساعتين حتى يصحى … تعب أهل المصاب، و تعب الطاقم الطبي، و نحن خلايا الكبد تعبنا أيضا، فقد وصلتنا كريات حمراء ميتة كثيرة، و جثث خلايا نسيجية، و جراثيم، و جزيئيات تعقيم، قمنا بمعالجتها و ابتلاعها فورا، أما الحالات الميئوس منها فقد أرسلناها إلى المستقيم … تذاكرت مع ماماتي في قضية علمية شغلت بالي، كيف ننجو، نحن الخلايا، من تأثير البنج، في حين أن صاحبنا في سابع نومة ؟ فتبين أن البنج لا يؤثر فينا أبدا، فقط يؤثر في الخلايا العصبية، و الدماغ طبعا، أما باقي الخلايا في أعضاء الجسم، كجهاز التنفس و جهاز القلب و جهاز الهضم و أجهزة الطرح و الكبد و الكلية، فتستمر في عملها المعتاد، إلا إذا كان التخدير موضعيا … عادت رغبتي في مغادرة جسم صاحبنا إلى الشاشة، بل أنها ازدادت شدة، و تكررت هذه الرغبة في ملايين الخلايا القريبة و البعيدة، إنها مثلي تحتج على الاستعمال السيء لجسم الكائنات و الاستهتار به . فهل من عاقل في الكون يعرض روحه للخطر من أجل كيلو بندورة ؟ و هو القادر على شراء مزرعة من الخضار و الفواكه بقليل من الأوراق النقدية التي يملكها ؟…..

يتبع …..