أغنيات من العالم تمجّد ثورة الشعب السوري –  محمد السلوم 

أغنيات من العالم تمجّد ثورة الشعب السوري –  محمد السلوم 

الأغنية الإنسانية فنٌّ في خدمة القضايا الملحّة للدفاع عن الإنسان، والتعاطف معه ورفع معنوياته والمطالبة بحقوقه، ويُعد دورها الوظيفي هذا كافيًا للتنبيه إلى تلك القضية، وإثارة الرأي العام في ذاك البلد؛ فيتحول الفنان الرمز في ذاك البلد إلى “سفير نوايا حسنة”، لخدمة رسالة إنسانية يعبّر فيها عن تضامنه وتعاطفه مع تلك القضية.

وتُعدّ الثورة السورية عنوانًا مهمًا وقضية مركزية في عالم اليوم، وقد عمل كثير من الفنانين حول العالم على تأدية أغان تناشد الروح الإنسانية للوقوف إلى جانب هذا الشعب المظلوم، الذي تعرض للدمار والخراب والتهجير والقمع والقتل والاعتقال وكافة أنواع الاضطهاد.

وهنا سنختار عددًا من الفنانين حول العالم الذين غنوا للثورة السورية، ودعموا حرية السوريين وحقوقهم كافة، وتعاطفوا مع أطفال الشعب السوري وضحايا هذه الحرب المستمرة.

الفنانة الفرنسية كاترين فانسان

اشتهرت كاترين فانسان بعدة أغان في دعم الثورة السورية، مثل أغنيتها (سيدة دمشق) التي ترمز للحرية والثورة، وهي من كلمات جان بيير فيليو، وتمّ تسجيلها في راديو (فرانس كولتور)، وتحدثت (الليبراسيون) عن ذلك الحدث المهم لتلك الأغنية، التي تحيي الثورة السورية. وكلمات الأغنية معبّرة وواضحة في الوقت ذاته: (ولدت في عهد الأب… وكبرت في عهد الابن… أجبرت على تمجيد إنجازاتهم… وتحمل جرائمهم… لم أحلم برؤية نهايتهم يومًا… وأن أعيش أخيرًا جمال الحياة … يا لليل الطويل ويا للظلام… طال حتى أربعين عامًا… زمن الكذب وحكم اللئام… تشرّد الأهل وضاع الأصدقاء… شوقًا إليهم أتحرق… تكابرت على الآلام… وصبرت على سواد الأيام… نهضت سيدة دمشق هذا الصباح… الحرية في قلوبنا والفجر في أيادينا… هم ليسوا أسودًا بل كلابًا مسعورين… نابحين مستذئبين… بسمومهم منتشين… ملكًا لهم أمست سورية… وعبيدًا لهم أضحينا… كل الخيرات لهم… ولنا الفقر والمهانة… مئة أو مئتين كنا… يوم حطمنا الجدار… جدار الخوف حطمه الصغار… صرخة من القلب تعالت… فغمر صداها الأرجاء… الله سورية حرية وبس… نهضت سيدة دمشق هذا الصباح…). كما أنها حيّت الشهيد الطفل حمزة الخطيب الذي قتله سفاح دمشق.

أما أغنيتها الثانية، وأعتقد أنها الأجمل على الإطلاق، فغنتها مع محمد آل رشي حول المعتقلين، باللغتين العربية والفرنسية، واسم الأغنية بالعربية “مضغوط”، وهي إشارة إلى مساحة المتر ونصف المتر التي يمكن للمعتقل بالسجن استخدامها، والمضغوط بها هذا المعتقل المعذب لدرجة أنه سينفجر من هذا الموت، حيث لا يرى أمه ولا يمكنه الخروج ولا يمكنه الحركة، ولا يمكنه الشعور حتى بالزمن والوجود، وللأسف لم تأخذ هذه الأغنية حقها.

ومن أشهر أغانيها، أغنية (كاتيوشا) التي أنتجتها شبكة جيرون الإعلامية، أثناء العدوان الروسي على مدينة حلب، وتدميره الوحشي لإحدى أعرق وأقدم مدن الأرض وأعمقها حضارة، لتدمر الحجر والبشر والأطفال بلا هوادة، وبطريقة لم تعهدها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث سخرت الأغنية من البربرية الروسية، وعقليتهم العسكرية المتوحشة القائمة على العنف، وبشرت بالنصر على مختار قصر المهاجرين، مهما فعل الروس لأجله.

ومن مشاهير المغنين الفرنسيين الذين أقاموا الحفلات لأجل دعم سورية، وغنوا لها، المغني ميتر جيمس والمغني لافوين.

المغنية الهولندية كارسو

تقول المغنية الهولندية كارسو إنها زارت تركية، وانتهى بها المطاف إلى الحدود السورية التركية، حيث تكلمت هناك مع سوريين يقيمون في مخيم للاجئين، فكانوا مصدر إلهام لها، وهي فخورة بأنها كتبت أغنية لأجلهم، ولأجل السلام في سورية، ومن كلمات هذه الأغنية:

“تمهل.. لا تذهب بعيدًا… قف لبرهة حيث أنت… توقف وانظر قليلًا في هذه العيون… حيث يرى الجميع شيئًا آخر… بينما أرى فيها خوفًا لم أشعر به من قبل… أتساءل ماذا ترى في هذه العيون… روحًا تحاول النجاة… أعرف أن بإمكان الحياة أن تكون غير منصفة… ولكن هناك أناسًا لا يحفلون بذلك… فالأولوية لديهم هي للمال والسلطة… ولا يرف لهم جفن حين يموت إنسان كل ساعة… كل الشعوب تنادي من أجل حقوقها… والقليل من الأمل يملأ عيونها… حاجتها لا تنضب لمن يرعاها… وإن لم يكن… فلنرفع أيدينا جميعًا… فلنرفع أيدينا جميعًا لندعم هذه الشعوب… لنظهر لهم أن عقولنا معهم وصلواتنا لهم… ولنلوح بأيدينا لمن لا يهتم… لنشير له بأن يعود لرشده… فالحرية نادرة والحياة ظالمة… وسواء أنتظرتَ أم وليت هاربًا… لا بدّ أن ترى الشمس يومًا… يمكنهم أن يجردوك من كرامتك… يمكنك أن تفقدها ألف يوم… ويمكن للعواطف أن تتبدد… كما أن حياتك هي مجرد لعبة خاسرة… كل الشعوب تنادي من أجل حقوقها… والقليل من الأمل يملأ عيونها… حاجتها لا تنضب إلى من يرعاها… وإن لم يم يكن فلنرفع أيدينا جميعًا…”.

المغني الأميركي دايلان كونور

عبّر المغني الأميركي دايلان كونور، على الدوام، عن تعاطفه مع الثورة السورية، وغنى لها، وآخر أغنياته كانت أغنية بعنوان (الثورة باقية) عندما تم تهديد إدلب بعدوان روسي قريب، قبيل اتفاق سوتشي الذي أوقف العدوان، في الربع الأخير من عام 2018، فخرجت التظاهرات السلمية التي أعادت للثورة السورية روحها، كما كانت في أيامها الأولى، فكانت أغنيته باعثًا على التفاؤل والأمل والانتعاش والاحتفال بهذه الثورة الجميلة، ليقول في كلماته:

“الثورة باقية… الثورة لا تموت… كل الأعين على إدلب… لأنهم أبقوها على قيد الحياة… رائد فارس على الهواء (قبيل اغتياله)… راديو فريش يملأ السماء (راديو رائد فارس الشهير)… يفعل ما لايجرؤ على فعله الكثيرون… يتفادى الرصاص من الطرفين… عبد الباسط الساروت على الميكروفون… يقود تظاهرة في الشارع… مثل ما فعل قبل سبعة أعوام… لا تراجع ولا استسلام… الثورة باقية… الثورة لا تموت… كل العيون على إدلب… لأنهم أبقوها حية… محمود على الجسر… فوق لافتة الشارع في إدلب… يلوح بعلم الثورة… وعيناه مليئتان بالفخر والتحدي… رانيا قيصر بالأعلى… تصور الآلاف بصوت واحد… تقول للسفاح سوف تسقط… ويومها سوف يعم الفرح… الثورة باقية… الثورة لن تموت”.

المغنية اليابانية يايي وعازف العود الياباني سيد تشونيمي حينما غنوا (ثمرة جوز الهند) المأخوذة عن التراث الياباني وتضامنًا مع حلب عام 2016

استلهمت المغنية اليابانية يايي أغنيتها (ثمرة جوز الهند) من أغنية للأطفال اليابانيين، في ثلاثينيات القرن الماضي، وقررت هي وعازف العود الياباني تشونيمي جمع تبرعات لدعم حلب، والتضامن معها من جراء العدوان الروسي العنيف عليها الذي دمّر المدينة القديمة والتاريخية شرق حلب وبقية مناطقها، كتعبير عن عمق هذه المدينة وإرثها الحضاري الخالد، من كلمات الأغنية: “سنعود إلى الوطن… من جزيرة مجهولة وبعيدة وصلت… حبة جوز الهند رماها البحر بعيدًا… بعيدًا بعيدًا عن شطآن الوطن… كم شهرًا حملك الموج… هل أمك الشجرة تنمو وتزدهر… وأغصانها ما زالت تظلل؟… رمال الشاطئ وسادتي أنا… خشب وحيد يابس يطفو…” فجوزة الهند هي اللاجئين والحنين والغربة والحرية بعيدًا عن الظلم وتتابع المغنية: “أعزائي في سورية ألمكم ألمنا، ونصلي من أجل السلام في سورية… ولا تفقدوا الأمل”.

أيضًا من المشاهير الذين غنوا للثورة السورية، وعبّروا عن تضامنهم مع الشعب السوري، المغنية البريطانية ريكا، ومغنية الأوبرا الكندية إيزابيل نيكولاس، ومغنون ألمان وفرنسيون غنوا للطفل إيلان وغيره من رموز الثورة والقهر السوري، عبر ثماني سنوات، في حناجر دافئة تنتصر لإنسانيتها على الدوام.

 

  • Social Links:

Leave a Reply