بين “قسد” والإسلام السياسي.. أين تسير المعارضة السورية؟ – سميرة مبيض

بين “قسد” والإسلام السياسي.. أين تسير المعارضة السورية؟ – سميرة مبيض

بين “قسد” والإسلام السياسي.. أين تسير المعارضة السورية؟
تبدو المعارضة السورية مقدمة على مرحلة جديدة في مسار ديناميكيتها المستمرة منذ عام 2004، والتي شهدت تحولات عميقة منذ عام ٢٠١١ وبدء الثورة السورية، وصولاً لمؤتمر الرياض ٢. اليوم، تشير دلائل متعددة إلى محاولات ضم ما يعرف بمجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، لجسم سياسي معارض معترف به دولياً.

تسيطر “مسد” وهي الجناح السياسي لـ”قسد”، من حيث فرض سلطة الأمر الواقع، بدعم غربي، على مساحة تقارب ثلث الأراضي السورية، لكن ذلك لم يتح لها الحصول على الشرعية الشعبية بعد، متمثلة بقبول الشارع السوري المحلي لها، وأسباب ذلك معروفة، موثقة وواضحة ومنها نذكر: تورط قسد بعمليات تهجير قسري لمكونات سورية أُخرى، وتورطها بعمليات اغتيال واعتقالات لأصحاب الرأي، وكذلك تورطها بتجنيد الأطفال وعمليات التجنيد القسري للشبّان، إضافة إلى تورطها بمحاولات التلاعب بالإحصاءات السكانية، بهدف تحقيق انزياح لمصلحتها.

يضاف إلى ذلك ارتباط قيادات في “قسد” وعمودها الفقري حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) بحزب تركي راديكالي هو حزب العمال الكردستاني (PKK)، المصنف كحزب ارهابي عالمياً، وحملها لأيديولوجيا وقضية تخص أطرافاً ليست سورية، وهي القضية الأوجلانية والتي لاتعني أو تهم السوريون بشيء. تبعاً لذلك تعد “مسد” في وضع صراع سياسي مع أطراف أُخرى من المعارضة السورية، ليست منحصرة في المعارضة المهيمن عليها من قبل تيارات الإسلام السياسي فقط، بل أيضاً مع جهات ديمقراطية علمانية وذلك للأسباب التالية:

مفهوم العلمانية الذي تمارسه “قسد” ينزاح نحو التطرف الرافض والمحارب للأديان والمستمد من أيديولوجيا يسارية راديكالية، في حين تحمل التيارات السورية العلمانية مفهوم العلمانية الحقيقي، كونها منهجاً لإدارة شؤون الدولة والحكم بحياد كامل عن أي دين، ومع احترام حقوق الجميع بحرياتهم الفردية والمتضمنة لايمانياتهم وعقائدهم.

لا تعترف “قسد” بمفهوم الثورة السورية التي دفع الشعب السوري ثمن نهوضه بها مليون شهيد، مطالباً بالحريات واحترام الحقوق والقوانين، بل تفاوضت مراراً مع نظام الأسد، على أمل الحصول على مكتسبات واتفاقات معه، وفشلت.

لا تعترف قسد في أدبياتها بأن التطرف له أشكال متعددة، منها الدينية على اختلاف الأديان، ومنها القومية على اختلاف القوميات، ومنها الأيديولوجية الراديكالية، على اختلاف الأيديولوجيات، بل تربط التطرف بالدين فقط، رغم أن الأحداث والمجازر التاريخية في المنطقة تثبت وجود أشكال متعددة للتطرف.

لهذه الأسباب جميعها فإن هيمنة “قسد” ممثلة بـ”مسد” كحامل رئيسي لأي معارضة رسمية قادمة، يُنبئ بالفشل مسبقاً، وينقل المعارضة من هيمنة تيارات الإسلام السياسي التابعة لتركيا، لتيار “قسد” التابع لتركيا أيضاً بشق معاكس.

أين المسار الوطني السوري إذاً، وهل ستنجح “مسد” والائتلاف بالاقتراب منه؟

لابد أن مرحلة الصراع العسكري السابقة على الساحة السورية أنتجت فاعلين من صلب هذه المرحلة، لكن ذلك لا يعني أنهم قادرون على حمل وقيادة مرحلة الصراع السياسي، متمثلة بالجهود الساعية لإطلاق عملية الانتقال السياسي في سوريا، سعياً ودعماً للتغيير الجذري. فهذه المرحلة تتطلب حوامل ترفع المصلحة السورية عن المصلحة الحزبية، وكلا الطرفين من “PYD” وتيارات الإسلام السياسي المتمثلة بشكل خاص في المعارضة السورية بالإخوان المسلمين، ليست لديهم القدرة على تفضيل المصلحة الوطنية على مصالحها كأحزاب وأيديولوجيات وتبعيات غير سورية.

لذلك، يبدو أن المسار يتجه بديهياً لمقاربة هذين القطبين مع الشارع السوري وتطلعاته، عبر إعادة هيكلة داخلية تستبدل التيارات المتشددة بتيارات وطنية غير عدوانية تجاه أي مكون سوري، قادرة على التعامل مع أطراف سورية أُخرى، لمصلحة السوريين وإدارة أمورهم، وهو الأهم.

وعليه، تعتبر أي دعوات لمؤتمر لقوى المعارضة من جهة واحدة، تهدف للسيطرة على المسار المستقبلي، محكومة بالفشل، فالتعددية قانون سوري يفرض نفسه، ومن لا يعترف به من الصعوبة بمكان أن يدعي تمثيل سوريا في أي موقع وقرار.

  • Social Links:

Leave a Reply