_سكان في دمشق يرون «الانتصار» في توفير «لقمة العيش»

_سكان في دمشق يرون «الانتصار» في توفير «لقمة العيش»

      ريف دمشق: «الشرق الأوسط»

لم يكترث أهالٍ في دمشق وريفها بتباهي السلطات السورية بـ«انتصارات» في ريفي حلب وإدلب، واعتبر بعضهم أن «الانتصار يكون عندما نشبع أكل»، ذلك بعد تزايد تردي وضعهم المعيشي، وتفاقم ذلك أكثر مع عودة أزمة الازدحام على الأفران.

عجوز في العقد السادس لم يستطع إخفاء غيظه جراء فشله في الحصول على ربطتي خبز من أحد الأفران في ريف العاصمة الشمالي بعد انتظاره لساعات، ويقول بصوت عالٍ رغم وجود عناصر من الأمن وسط طوابير المنتظرين بحجة تنظيم الدور: «ما يحصل هو إذلال للناس».

أحد العناصر الذي فهم أن العجوز يغمز إلى كميات خبز كبيرة يتم أخذها من خارج الدور وتباع على الأرصفة بأضعاف مضاعفة عن سعرها الحكومي لصالح متنفذين من عناصر الأمن والميليشيات الموالية للحكومة، رد عليه بصوت مرتفع: «كله بسبب العقوبات، لكن الانتصار الكبير قادم».

وكان الاتحاد الأوروبي فرض أول من أمس، عقوبات على 8 رجال أعمال محسوبين على النظام. وأيدت لندن وواشنطن هذه العقوبات.

العجوز ورغم حالة الخوف السائدة في أوساط الأهالي من الأجهزة الأمنية منذ زمن ما قبل الحرب في سوريا التي ستدخل عامها العاشر منتصف مارس (آذار) المقبل، رد على عنصر الأمن بالقول: «الانتصار يكون عندما أحصل على ربطة خبز وأنا محترم. الانتصار يكون عندما نشبع أكل».

ومع العملية العسكرية الواسعة التي يشنها منذ أشهر الجيش النظامي بدعم من روسيا في ريفي إدلب وحلب، وإعلانات دمشق المتواصلة عن «انتصارات» هناك خصوصاً في ريف حلب، وموجة البرد القارس التي تضرب البلاد، عادت أزمة الازدحام الشديدة على الأفران بدمشق وريفها، إذ شوهدت طوابير طويلة من الناس أمامها للحصول على مادة الخبز بالسعر الحكومي البالغ 50 ليرة للربطة الواحدة (8 أرغفة)، في حين تباع على الرصيف بما بين 150 و200 ليرة.

مدير المؤسسة السورية للتجارة التابعة للحكومة خليل إبراهيم قال قبل أيام، إن موجة «البرد» هي ما تسببت في زيادة استهلاك الموطنين للخبز. لكن موظفة في مؤسسة حكومية تقول: «يبدو أن المسؤول العتيد يخجل من القول إن الناس باتت معدمة نهائياً، والخبز الحافي صار قوتها اليومي بعد أن أصبحت الأسر عاجزة عن تأمين تكاليف الطبخ».

وخلال سنوات الحرب شهد سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار تدهوراً كبيراً، ويصل حالياً إلى نحو 1050 بعد أن كان قبل الحرب بين 45 و50 ليرة. ترافق هذا مع ارتفاع في أسعار معظم المواد الأساسية، التي ازدادت أكثر من 22 ضعفاً، في ظل مراوحة في المكان لمتوسط رواتب وأجور العاملين في القطاعين العام والخاص بين 40 و100 ألف ليرة (نحو 100 دولار) شهرياً، في حين يحتاج الفرد إلى أكثر من 100 ألف ليرة للعيش بالحد الأدنى، بينما تؤكد دراسات أن أكثر من 93 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.

ولا تقتصر معاناة الآسر على تأمين الخبز بل تشمل عدم توفر وقود التدفئة والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، وعدم توفر الغاز المنزلي الذي بدأت الحكومة مؤخراً في تنفيذ آلية جديدة لتوزيعه على الأسر عبر «البطاقة الذكية» العائلية التي تصدرها «شركة تكامل».

وتقوم الآلية على إرسال «تكامل» رسالة نصية إلى الهاتف لكل مواطن حاصل على «البطاقة الذكية»، تتضمن موعداً لتسلم أسطوانة غاز واحدة كل 23 يوماً من معتمد محدد، يكون الأقرب إلى عنوان سكنه، مع مهلة يوم واحد للتسلم، بعد أن يكون المواطن قد قام باتباع إجراءات معينة من خلال برنامج «woy – in» على هاتفه الذكي حددتها «تكامل» من إدخال لبيانات محددة واسم المعتمد ورقم هاتفه.

مواطن في أحد أحياء وسط دمشق يقول إنه ورغم مرور أكثر من شهر على إرسال البيانات للشركة وتأكيدها تلقيها «لم تصل إليّ رسالة التسلم»، فيما يوضح آخر: «على هذه الحال من ليست لديه إمكانات لاقتناء هاتف ذكي يبقى بلا غاز».

وفي مقابلة مع مراسل الشؤون العربية في هيئة البث الإسرائيلي، عيران زينغر، أوضح عرسان أنه بكلمتيّ “لديّ مجموعة” كان يقصد “أشخاصًا من جماعتي يريدون أن أكون راضيًا وأن أعمل بهدوء”.

في المقابلة مع “مكان”، قال عرسان ياسين إنه يفضل حل مشاكل الإجرام من خلال عقد الصلح، بدلًا من التوجه إلى الشرطة. “اليوم، أصبحت المرأة التي تتشاجر مع زوجها تتوجه مباشرة إلى الشرطة”، أوضح عرسان. “كيف تريدين العيش مع زوجك وأنت تزجّين به في السجن؟ أتدخل أنا، إذن، وأعقد الصلح فتراها تعبر عن الندم وتقول إنها أخطأت”. هذا يوصله إلى الاستنتاج بأن الشرطة يجب أن تعمل مع لجان الصلح، ما عدا في الحالات التي “يُقتل فيها إنسان. هنا يجب أن يُطبَّق القانون”.

في حديثه معنا، هنا، اعترف عرسان ياسين بأن الإجرام قد دخل إلى شفاعمرو خلال الفترة الأخيرة. “ربما”، يجيب على سؤال عما إذا كانت منظمات الإجرام قد “حطّت عينها” على شفاعمرو في الفترة الأخيرة، كما ادعى سعدة مثلًا. “هنالك أمور غريبة. في هذه السنة، توفي خمسة أشخاص في شفاعمرو من عالم الإجرام. هذا أمر غريب. لم يحدث في حياة شفاعمرو من قبل مثل هذا الأمر. أنا أعتبر هذا أمرًا خطيرًا جدًا”.

وهل أنت قلق من دخول منظمات الإجرام إلى شفاعمرو؟

“جدًا، جدًا. هذا أمر غير حسن. الشرطة تعرف عائلات الإجرام وينبغي عليها معالجة الأمر”.

وهل هي لا تعالج؟

“ليس كما يجب، برأيي. عائلات الإجرام معروفة للشرطة. هي تعرف هؤلاء الأشخاص، بالضبط”.

ليست شفاعمرو وحدها. في شريط تم تصويره في مجلس بلدية قلنسوة، يظهر رجل يقتحم جلسة المجلس، يهدد أعضاء البلدية ورئيسها. “أنا موجود هنا وسأبقى هنا”، يقول في الشريط، “طالما بقيت البلدية موجودة، فأنا موجود. إما أن أموت أنا وإما أن تموت البلدية… أو نعمل معًا… أتمنى أن تكون رسالتي قد وصلت”. وسواء كانت ثمة علاقة لهذا أو لا، يقول أبو راس إن ذلك الشخص نفسه افتتح له مكتبًا في بناية البلدية، يُصدر رسائل باسم البلدية ويشارك في اللقاءات والاجتماعات والمداولات التي تجريها البلدية.

رئيس بلدية قلنسوة يؤكد أن هذا الشخص نفسه، الذي اقتحم جلسة المجلس البلدي، قد حصل لاحقًا على مكتب في بناية البلدية. “كان مرشحًا ولم ينجح في الانتخابات”، يقول سلامة، “عندئذ، توجه إليّ وقال: ‘أريد أن أقدم لمدينتي تطوعًا وأن يكون لي مكتب في البلدية. طالما أن الأمر يجري تطوعًا وفي خدمة المجتمع، فليكن. لكن الأمور تحولت إلى شيء آخر. منذ ستة أشهر، توقف عن الحضور إلى البلدية، بتاتًا‘.

هل أنت الذي منعته من الحضور أم هو الذي توقف من تلقاء ذاته؟

“لا أريد الخوض في التفاصيل. هو غير موجود في البلدية منذ نصف سنة. نقطة”.

ويرى رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في البلاد، محمد بركة، الأمور بمنظور تاريخي. “ليست ثمة صناعة في المجتمع العربي، ولذا فإن السلطات المحلية هي صاحبة رأس المال الأكبر في المدن والقرى والناس يعتبرونها مصدر دخل”، يوضح بركة ويضيف: “ثمة من يحارب كي يكون رئيس سلطة محلية ويقطع وعودًا للمقربين منه، وثمة مرشحون آخرون لا يملكون الإمكانيات الاقتصادية فيستعينون بعناصر خارجية، هي منظمات الإجرام في الغالب”.

منظمات الإجرام، يقول بركة، اخترقت السلطات المحلية قبل 20 سنة في الانتخابات المحلية التي جرت في العام 1998. “هناك كانت البداية”، يقول. “تعززت قوة هذه المنظمات بالدعم الذي تحصل عليه من الدولة. محاولات منظمات الإجرام لابتزاز رؤساء سلطات محلية وللسيطرة هي جريمة كبرى، لكن الدولة لا تدافع عن القانون في القرى والمدن العربية، مما جعل عناصر الإجرام تدرك أن بمقدورها كسب أرباح هائلة عن طريق المناقصات، بصورة غير قانونية أحيانًا وبواسطة التهديد والابتزاز في أحيان أخرى. وهي تحظى برعاية الدولة والشرطة وحمايتهما”.

ويشدد المختص في علم الإجرام في كلية الجليل الغربي والمفتش القطري في سلطة مكافحة المخدرات والكحول سابقًا، د. وليد حداد، على أقوال بركة. “السلطات المحلية هي مصالح تجارية”، يقول، “إذا طلبت أنت، كرئيس للسلطة المحلية، معروفًا واحدًا من أي من هؤلاء، فعليك أن تعرف أن منظمات الإجرام لا تساعد هباءً ولوجه الله. لا شيء يُعطى مجانًا. مساعدتهم ستُتَرجَم إلى طلب. هنالك رؤساء سلطات محلية، وهم الأقلية، يفعلون ذلك بطيبة قلب ونية حسنة. هم (منظمات الإجرام) سيطلبون المقابل، وإن رفضتَ فستصبح هدفًا بالنسبة لهم. هنالك رؤساء سلطات محلية يعرفون، مسبقًا، أنهم يتعاملون مه منظمات إجرام ويطلبون منها مساعدته ليصبح رئيس بلدية أو رئيس مجلس محلي”.

د. وليد حداد

يقول حداد إن اللجان المعينة التي عينتها الحكومة (لإدارة شؤون بعض القرى والمدن العربية) ساهمت، هي أيضًا، في إضعاف السلطات المحلية العربية. ابتداء من العام 2000 فصاعدًا، ينوه حداد، كان نحو رُبع السلطات المحلية العربية تدار بواسطة لجان معينة. وهو يقدم مدينة الطيبة مثلًا، حيث تولت ثلاث لجان معينة إدارة شؤونها طوال سبع سنوات. “هذه اللجان فصلت العاملين الاجتماعيين الذين كانوا يعملون مع مدمني المخدرات، فصلت عاملًا اجتماعيًا كان يعمل في مجال تأهيل السجناء، ألغت برنامجًا لمحاربة المخدرات والكحول، قلصت وظيفة ‘ضابط الدوام المنتظم‘، كما يقول حداد. مثل هذه الأمور حصل في سلطات محلية عربية أخرى، أيضًا. “بعد فترة وجيزة فقط، بدأنا نرى ونشعر آثار هذه التقليصات وانعكاساتها، بتفشي الإجرام”.

لا يملك المواطنون العرب فرصة التأثير على الكنيست، ولذا فهم يتطلعون إلى السلطات المحلية ويطمحون إلى الوصول إليها، يقول حداد مؤكدًا على أقوال بركة. ويضيف أن ثمة مرشحين للرئاسة في سلطات محلية عربية “يدفعون لمنظمات الإجرام مبالغ باهظة للصرف على الحملات الانتخابية ولرشي أشخاص كي يصوتوا لصالحهم. وهذه أيضًا إحدى الطرق التي تستخدمها منظمات الإجرام لتبييض الأموال. إنهم يوظفون حتى مليون شيكل في الحملة الانتخابية، وبعد الانتخابات يأتون بقائمة مطالب، يستولون على المناقصات التي تُستَخدم كطريقة أخرى لتبييض ملايين الشواقل في السنة. والدولة تعرف كل شيء”.

وجهنا إلى شرطة إسرائيل أسئلة عمومية حول استيلاء منظمات الإجرام على سلطات محلية عربية وحول التهديدات بحق رؤساء سلطات محلية وحول الحادثتين في شفاعمرو وقلنسوة. في ردها، لم تجب الشرطة على هذه النقاط، وإنما اكتفت بالقول إن “شرطة إسرائيل تشن حربًا لا هوادة فيها ضد الإجرام الخطير والمنظم في إسرائيل بشكل عام وفي الوسط العربي بشكل خاص ويحتل هذا الموضوع مركز اهتمام الشرطة. وتضع الشرطة لها هدفًا تعزيز الشعور بالأمن الشخصي في المجتمع العربي في إسرائيل، من خلال استخدام أفضل الوسائل، الوحدات والقوى البشرية من أجل معالجة الجريمة بكل أنواعها وأشكالها، ابتداء من الجنوح، العنف، انتهاك القانون وانتهاء بمحاربة عصابات العنف ومنظمات الإجرام، باستمرار ودون هوادة. وفي إطار خطتها، نظمت الشرطة عددًا من المؤتمرات المهنية الهامة في موضوع تحديات المنع وفرض القانون في المجتمع العربي، بغية الدفع نحو بلورة استراتيجية وسياسة معالجة الموضوع، بمشاركة جميع الأطراف ذات العلاقة”.

  • Social Links:

Leave a Reply