يجتاح فيروس كورونا مختلف الجماعات البشرية، بسرعة مخيفة، متحولاً إلى كابوس يقض مضاجع الشعوب والدول على السواء، فهذا الخطر الداهم أصبح تهديداً صحياً للجنس البشري، عدا عن تهديده لمستقبل هياكل السلطة والحوكمة في جميع البلدان التي اجتاحها.
لكنه بالنسبة للسوريين كارثة الكوارث، فسلطات القمع (الأمر) الواقع في دمشق ليس لديها القدرة على اتخاذ قرار يمنع تدفق الفيروس، حيث تنقل المليشيات الايرانية والعراقية واللبنانية المختلفة والحجاج الايرانيون ومليشيا حزب الله الفيروس إلى عشرات الأماكن في سوريا، والتي أصبحت بؤراً ساخنة للفيروس، وأيضاً ليس لديها الامكانات لمواجهة هذا الفيروس لو سمحت لها موسكو أو طهران بمواجهته، لأنها هدرت كل إمكانيات الدولة السورية على قتل المدنيين في الغوطة ودرعا وداريا وريف حلب وأخيراً في ريف إدلب وحماه، حيث سمح النظام الدولي والمجتمع الحر بتهجير أكثر من مليون مدني وتشريدهم، بعد تدمير مدارسهم ومشافيهم قبل بيوتهم وأسواقهم، والآن أصبح لدينا أربعة ملاين مدني في الشمال المستباح أدخلت إليهم المليشيات الإيرانية الفيروس القاتل بعد أن دمر الطيران الروسي جميع مشافي إدلب ومستوصفاتها.
إن السيد فلادمير بوتين الرئيس الدائم لروسيا الاتحادية حاقد على المؤسسات الصحية السوية كحقد النازية على يهود ألمانيا في الحرب الثانية، فهو لم يترك مصحاً أو مشفى مهما صغر حجمه إلا وقصفه بأحدث صواريخ طيرانه المرعب، وقتل الطواقم الطبية والمسعفين والمنقذين الإنسانين من متطوعي الدفاع المدني، وأدمن على قصف البيوت على سكانها مرة وهم نيام ومرة ثانية أثناء إنقاذ الجرحى.
إن قيم المجتمع الدولي الأخلاقية الذي لم يدين ولم يتصدى لهذا التوحش، إلا على استحياء حين وصل عشرات اللاجئين إلى حدود الاتحاد الأوربي، اليوم تحت الاختبار، فلا مبالاته أمام مليون مشرد يزحف عليهم فيروس كوفيد 19، وهم في العراء، يشي بنزعة استعلائية لدى الغرب الليبرالي الذي يستمتع بخلع آخر رداء أخلاقي تبقى له مما وقع عليه بعد الحرب الكونية الأخيرة. متناسياً بغباء أن قتل أربعة ملايين يعيشون الآن في ما تبقى من إدلب، أو زهق أرواح نصفهم على أحسن تقدير أي ما يعادل مليوني ضحية، بفعل الفيروس الذي نقله الايرانيون إلى سوريا سوف لن يمر دون أن يشكل بؤرة عدوى جديدة، تعيد نشر الفيروس في باقي البلدان التي تحاول التخلص منه.
إن الاستقرار الهش للبنية الصحية في بلدات إدلب وقراها المهدمة، وكما هو الحال أكثر سوءاً أيضا في المخيمات المتداعية يجعل منها قنبلة بيولوجية موقوتة.
إننا في حزب اليسار الديمقراطي ندعوا إلى تشكيل لجان طوارئ إنسانية، تضم جميع القادرين من السلطات الفاعلة في الشمال السوري، أيا كانت شرعيتها، وبإشراف مباشر من منظمة الصحة العالمية أو الصليب الأحمر الدولي أو أطباء بلا حدود، بما في ذلك الحكومة المؤقتة وباقي المعنيين من الهيئات والمنظمات الطبية الدولية، الرسمية منها أو الأهلية لتأمين المستلزمات الطبية والاغاثية اللازمة لمواجهة هذه الجائحة التي تهدد ملايين المهجرين والنازحين والمتأثرين بكوارث حرب نظام الاستبداد وحلفائه على شعبنا السوري، ونعلن وضع كل إمكانياتنا المتاحة كمتطوعين في هذه المبادرة مع جميع القوى الثورية والانسانية.
إننا نهيب بمنظمة الصحة العالمية التي لم تقدم حتى أدوات الفحص لفرز المرضى بينما الفيروس يتوغل في أجساد الأبرياء، نتيجة استفحال البيروقراطية الادارية بما يهدد وظيفتها الانسانية. كما نهيب بالمنظمات الانسانية غير الملزمة ببيروقراطية المنظمات الأممية كالصليب الأحمر الدولي، أن تبادر إلى سد العجز في أدوات الفرز والعزل وأدوات الاستطباب كالمنافس والكمامات والقفازات وألبسة وقاية الطواقم الطبية والمسعفين والمتطوعين.
إن الوقت يداهم الجميع فنحن على بعد ساعات من مجزرة محققة إن لم يتم تدارك الأمر
25-3-2020
المكتب السياسي لحزب اليسار الديمقراطي
Social Links: