عولمة آليات العصيان المدني عالمياً …

عولمة آليات العصيان المدني عالمياً …

م.ب.ك

لعل ظاهرة العصيان المدني في أي مجتمع أو دولة بسبب احتلال أو فشل سياسات متعددة يقود الى سقوط حكومات وتغييرات جوهرية في السياسات المرسومة والمخططة .

وتأتي جائحة كورونا وفايروس COVID 19  وانتشارها عالمياً على مستوى العالم كله  والإجراءات الاحترازية الهامة والضرورية للحد من انتشار الوباء، وإسقاطاً على العصيان المدني لنكتشف أن هذا الوباء قد نجح في تنفيذ عصيان مدني عالمي ليس في منطقة أو مكان محدد، بل على مستوى العالم قاطبة وفي جميع مدنه ومناطقه وقراه وتجمعاته السكنية الصغيرة منها والكبيرة، وألزم الحكومات في وقف النقل والانتقال ومنع الحركة والتجمع وإغلاق الدوائر الرسمية والمدارس والجامعات والنشاطات الرياضية، واجبر الناس على المكوث في منازلهم التزاماً بالتباعد الاجتماعي، وجميع هذه الخطوات تقودنا الى ترجمة فعلية للعصيان المدني الكوروني، والذي بالنتيجة سيؤسس لتغيير كبير وعميق في السياسات المحلية والإقليمية والدولية تبعاً لنتائج هذا العصيان الكوروني .

”  آلان تورين المفكر الفرنسي يتحدث ويقول فيروس كورونا جعلنا نعيش اللاّمعنى في بيوتنا.. وستكون هناك كوارث أخرى ، ويخلص إلى أن العالم لم يعد كما كان، حيث إنه يشعر اليوم بالخوف ، مضيفاً ما نعيشه اليوم مواجهة بين ما هو إنساني واللا إنساني. وأعتقد أننا نعيش في عالم دون فاعلين .حيث لا وجود لحركة شعبوية، وليس لدينا اليوم فاعلون اجتماعيون، او سياسيون او ثقافيون  …

لدينا أشخاص ومجموعات دون أفكار، دون قيادة ولا وجهة، دون برنامج، دون استراتيجية، ودون لغة. إنه الصمت.

ربما قد ساد الإحساس نفسه إبان الأزمة الاقتصادية سنة 1929، حيث اختفى كل شيء، لكن سرعان ما ملأ الفراغ ( هتلر – ألمانيا ) في الحقيقة، هناك غياب الفاعلين، وغياب المعنى، وغياب الأفكار، بل حتى الاهتمام. نحن في فراغ، ونُختزل إلى لا شيء. نحن لا نتكلم، ويجب ألا نتحرك، بل أكثر من ذلك نحن لا نفهم ما يجري.

ويعتبر تورين  من المثقفين القلائل الذين ينتمون إلى جيل رفع شأن العلوم الاجتماعية ومرجعا لما يطلق عليه في فرنسا اليسار الثاني، ذا الطابع الديمقراطي الاجتماعي والمناهض الاستبداد.”

أعتقد أننا سنخرج من هذه التجربة ونحن أكثر وعيا بالمشاركة، لدرء الخطر و للتعاون مع الآخرين.. فيروس كورونا أثبت مدى هشاشة الفرد، وأثبت حاجتنا الى التكاتف انسانياً وعدم التمييز بين البشر بعيداً عن  الدين أو المذهب أو العقيدة،

وسوف تقل النزاعات الطائفية والعنصرية، وسوف يتعلم الناس أن اصحاب الثروة والسلطة لم يكن في استطاعتهم وقف الفايروس ، وعليهم تتوجب المشاركة الفعالة في المسؤولية الاجتماعية وبرامج التكافل الاجتماعي بعد تأطيرها قانونياً والزامياً ، وستتغير ثقافات استهلاكية وترفيهية وسياحية ومعيشية … بمشاركات أساسية وضرورية لمنظمات المجتمع المدني ليس فقط كونه داعم للخطط الحكومية بل كونه شريك في تحديد سياسات اجتماعية – اقتصادية – ثقافية ..

‏في ضوء ما كشفه ‫كوفيد_19 من حجم عدم المساواة الفاحش في الدخل، بدأ النقاش يزداد في كثير من الدول حول أساليب تطبيق نظام ” الدخل الأساسي” Universal Basic Income لضمان حياة كريمة لكل مواطن. يجب أن نكون جزءا من هذا النقاش الذي يصب في جوهر كل العقائد والقيم الإنسانية .

إن طبيعة الاختلاف المتعددة ضمن دائرة الظروف المتغيرة تولد تفكيراً وسلوكاً متغيرين تؤمن بقاء الانسان واستمراره و يضمن حياة كريمة لكل فرد باعتباره اللبنة الأولى لبناء مجتمع آمن عبر تغيير السياسات الاقتصادية والاجتماعية لحماية الفقراء الذي للدفاع عن هويتنا الإنسانية ، و‫سيساهم تعزيز مشاركة المرأة وتمكينها وعلى الأخص في قطاع التكنولوجيا لخدمة قضايا الاستدامة، بإيجاد حلول للتحديات العالمية مثل التغيير المناخي والأمن الغذائي، كما يدعم خلق الفرص للنساء لكسر الصور النمطية للتعامل معها في بناء مستقبل مستدام للجميع .

على المقلب الآخر تبدو الولايات المتحدة مصممة في موقفها الذي يفيد بأن النظام الإيراني لن يتمكن من شراء أسلحة تقليدية من روسيا أو الصين أو أي دولة أخرى بحلول شهر تشرين الأول/أكتوبر 2020 ( مهلة حظر توريد الأسلحة المفروض على إيران وفق قرار مجلس الامن الدولي 2231 وتعمل من أجل تمديده )، وهو موقف متأصل في المصالح الأمنية القومية الأمريكية ويمثل جزءا أساسيا من جهودها الرامية إلى ضمان السلم والأمن الدوليين في الشرق الأوسط وصولا إلى أمريكا اللاتينية ، “حسب ما صرح به الممثل الأمريكي الخاص لشؤون إيران والمستشار الأعلى لوزير الخارجية براين هوك “.

بالإضافة إلى المزيد من العقوبات التي تدرجها وزارة الخزانة الامريكية على شركات وشخصيات تابعة للحرس الثوري أو الحكومة في ايران على حد زعمهم، ‏في الوقت الذي تتطلع فيه الأسرة الإنسانية في كل مكان إلى سياسات موحدة لمواجهة التحديات، تبدو الحاجة العاجلة إلى إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن وآليات عملهما ليتواكب مع النظام العالمي المتجدد والوليد اذا أردنا ان ننقذ مفهوم الأمن الجماعي في العالم .

في حين أظهرت إحاطة السيد غير بيدرسون، المبعوث الأممي الخاص الى سورية ، في مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء الماضي 29 نيسان / ابريل ، أنّ الموعد القادم لانعقاد اجتماع اللجنة الدستورية سيبقى معلقاً حتى تتوفر إمكانية انعقاده .

وأضاف بالقول: «إنني على تواصل دائمٍ معهما -الرئيسان المشاركان عن المعارضة والنظام – حول هذه الأمور وحول كيفية استئناف الاجتماعات في جنيف وقتما تسمح الظروف بذلك».

ووفق مدونة السلوك التي تم التوافق عليها في بداية تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 تضمن (احترام سرية مداولات اجتماعات اللجنة، والامتناع عن استخدام وسائط التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل )، في الوقت الذي يجب أن تكون مداولات اللجنة الدستورية حول الدستور علنية ليتمكن الشعب السوري من متابعة مستقبله ويشارك فيه ، بما يساهم في بناء الثقة وتعزيز الشفافية والسلام المستدام .

في الوقت نفسه نلاحظ التنسيق مع القوات الامريكية المتواجدة في شمال سورية ، بشأن  قرار تشكيل جيش عربي ( اجتماع الشدادي منتصف الشهر الماضي / ابريل ) في منطقة الجزيرة والفرات من أجل الاعتماد عليه مستقبلا في إدارة المنطقة ؟

في المقابل تعمل القوات الروسية أيضاً على تأسيس جيش عربي آخر ( اجتماع تل تمر والقامشلي) على غرار الفيلق الخامس الذي تم تأسيسه قبل ثلاث سنوات وضم الكثير من أبناء المناطق التي استعادت الحكومة السورية السيطرة عليها في حمص وريف دمشق ودرعا والقنيطرة .

كل هذه التداخلات والتدخلات في الأرض السورية والملف السوري وتواجد العديد من القوات الأجنبية عليها  وتزايد الاعتداءات الاسرائيلية ، واحتدام النزاعات والمصالح الإقليمية والدولية لتلقي بظلالها وصراعها فوق الأرض السورية وتحميل شعبها ويلات هذه الصراعات ، يستدعينا التفكير الفوري بضرورة العمل الجاد إلى تصويب الإصبع نحو المشروع الذي يلزم وحدة سوريا واستعادة سيادتها وتحقيق التغيير الشامل والتحول الجذري في البنية السياسية نحو الديموقراطية واللامركزية الادارية وسيادة القانون وتحقيق دولة المواطنة التي تحتاج بدورها إلى برنامج يحقق الانتماء/ الهوية السورية/ ، انطلاقاً من أنَّ تاريخ سورية هو تاريخ كلِّ التنوُّع الثقافي والسياسي والديني والاجتماعي الغني فيها، وليس تاريخَ عرقٍ بعينه أو دينٍ أو مذهبٍ دون سواه ، بما يعزز السلم الاهلي والعدالة وتكافؤ الفرص .

و توفير المساواة والحرية والتنمية المستدامة العادلة والمتوازنة للحد من التخلف والجهل والفقر وتوزيع الثروة بعدالة والتي تعتبر وتشكل أهم  المؤثرات على التماسك الاجتماعي ، لحماية المواطنين من مخاطر الحياة  وحقهم في العيش بكرامة وحرية .

قد تفتح مدن الخارج أبوابها للغرباء، ربما أدمجتهم أو شاركتهم بزخم الحياة ، غير أن شيئا ما يزداد إصراراً في الإنسان على تذكيره بوطنه الأصلي مبتعداً عن اعتباره عابر سبيل وإن طال الزمان خارجه .

والى لقاء آخر …

  • Social Links:

Leave a Reply