السباع في الشهر السابع…

السباع في الشهر السابع…

عدنان عبد الرزاق*

سنرمز اختصاراً لحكام العالم المتخفين بالحرف “حاء” وللورثة الخائفين على تبدد الثروة وضياع السطوة بالحرف “واو” ونختصر الدول المتطلعة للقوة والزعماء الساعين للأبدية بالحرف “خاء” والشعوب حول العالم، رغم التفاوت بالآمال وتحصيل الحقوق ونيل الحريات بالحرف “شين”.

أباطرة المال ومهندسو لعبة الحياة “حاء” يخاطبون الورثة، من إخوة ومهاجرين “واو”: إن أردتم المحافظة على تعاليم دستوركم والاستمرار بقيادة العالم، عليكم ألا تنسوا للحظة، أن مخاوف خصمكم هي هدفكم الأول.

سترون أن فن السيطرة علم صعب وسهل بآن، إن أبعدتم كل ما يقال عن إنسانية ورحمة وأخلاق. انظروا إلى هذه الشعوب المتمردة “شين”، لقد فلتت من أي عقال، ثارت على الأنظمة واعتدّت بنفسها بعد تلذذها مذاق الحرية، لكنها ستتغير وتعود خانعة كالعبيد.

وانظروا إلى تلك الدول “خاء” التي أغراها ناتجها القومي أو بعض صناعاتها وتوسعها، فبدأت تتناسى حدودها، لكنها أيضاً ستتغير، وتعود تابعة تطلب رحمة ولقاح أو تتوسل قرضاً لتستمر.

راقبوا ما الذي سيجري بين من يمتلك القوة والمال والخطط، وبين من يفتقر إليهم أو لا يجيد توظيفهم، وتعلموا.

الشهر الأول: كانون الأول/ديسمبر من عام 2019: تم تصنيع، أو تعديل فيروس كورونا”كوفيد-19″ في مدينة “أوهان” الصينية، أو خروجه منها أو نقله إليها.

تغاضى “حاء” وتغافل، وعوّلت “خاء” وتمادت، فانتشر الفيروس حيث يراد أن يكون موطنه الأول، من دون الكشف عن الغاية أو الاعتراف بالإصابة وكيفية توظيفها.

بهذا، يقول “حاء” لـ”واو” يحصل الإغراء وبداية التوريط.

الشهر الثاني كانون الثاني/يناير: “حاء” يقول لـ “واو”: ليمت أولاً الطبيب لي وينليانغ وحده.

وأبقوا على أسرته وزملائه بالمشفى، فهو مسكين ولا يعلم، لذا حذر من تفشي المرض بمشفى “أوهان”، ولم يستجب لـ”اصمت”.

وليبدأ تسريب أخبار الإصابات وأن الفيروس صيني، ولد من سلوك همجي بدائي بعد أكل طيور وحيوانات بحرية وتلوث وفوضى بالأسواق.

وفي حين تستمر رحلات الطيران بين “أوهان” والدول بمن فيها الولايات المتحدة، وفق الجدول تحديداً، على أن تعوا دور منظمة الصحة العالمية، فهي هدف هذه الخطة، ولها كل ما تريد.. فهمتم، كل ما تريد.

ولتبدأ المنظمة بالطمأنة اليوم، بأن تقصيّاتها تؤكد أن إجراءات “أوهان” مواكبة ومنهجية، هكذا “مواكبة ومنهجية” ولا صفات أكثر، وأن ثقة المنظمة بما وصلت إليه الصين علمياً، كبيرة، ولا تشك بفحوصاتها المخبرية وطرق التقصي، وليكن الجهاز التنفسي موطن الإصابة ولا يعلن سوى عن حالة وفاة واحدة منتصف هذا الشهر، وليقال” كان المصاب يعاني أصلاً من مشاكل صحية خطيرة”، وليكن إعلان المنظمة في 30 يناير “أن تفشي الفيروس يشكل حالة طوارئ تبعث على القلق الدولي”.

الشهر الثالث شباط/فبراير: يبدأ هذا الشهر بالتأكيد أن “تقارير الوضع لمنظمة الصحة العالمية هي تقارير رسمية مستقلة” ويعلن منذ يومه الأول عن إصابات بأستراليا واليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية واسبانيا وفيتنام، ولمزيد من المصداقية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية. على أن يتبع باليوم الثاني من هذا الشهر، إعلان الإصابة بالهند ومنطقة بالشرق الأوسط، لتكن الإمارات.

وعن الصين، يسأل واو؟!

ليعلن تفلت ضبط الانتشار وموت أكثر من 100 خارج أوهان، والانتشار في 188 دولة حول العالم.

التركيز أولاً على طرق الانتقال، أي أن التقارب هو السبب، وهذا لا يعني تغافل زيادة جرعات الخوف من الموت والخوف على المؤونة والسلع من التفاد أو تصعيد تحميل المسؤولية للصين، فالفيروس كما اتفقنا صيني.

وبنبرة الآمر، يقول “حاء” لـ”واو”: الإعلام هو الهداف بدءاً من هذا الشهر، ليزيد الضخ والتضارب حول مصدر الفيروس وطرق الوقاية، ولتبدأ نشرات الأخبار بأرقام الوفيات حول العالم، ونشر التفاوت حول حرص الدول عبر إعلان حالات الطوارئ والغلق والبدء بتوقف المبادلات التجارية والتوقف التدريجي للرحلات الجوية والبحرية، فالأسواق هي خطة الشهر المقبل، بعد إعلان إلغاء المعارض والأنشطة والصفقات، ولكن انتبهوا، مع بعض آمال، إلغاء وتوقف إلى أجل قريب، ليكن نهاية الشهر المقبل، وبعد ذاك نمدد.

الشهر الرابع آذار/مارس: تؤكد جميع الدول الإصابات، وروسيا أول إصابة وسويسرا أول وفاة، على أن تبقى الصين المصدر وإيران وإيطاليا البؤرة، ولتكن فرنسا، “السترات الصفراء” بين الأكثر وفيات. وبلدان الربيع العربي، بين الأقل إصابات وانعدام الوفيات، عدا لبنان “كلن يعني كلن” ليموت فيها الآن مصاب.

كم بلغت عدد تقارير منظمة الصحة العالمية، يسأل “حاء”.

ستون تقريراً حتى الآن وأعلنت المنظمة بحسب توجيهاتكم عن قلقها ونظرا للمخاطر وسرعة الانتشار، صنفت كورونا وباء وليس جائحة، وتضمن آخر تقرير وفيات 60 بالولايات المتحدة و177 ببريطانيا، ولكن أبقينا الريادة بإيطاليا التي مات فيها 3500 مصاب والبؤرة بالشرق إيران بألفين. وحتى روسيا، كما طلبتم، مات فيها مصاب هذا الشهر، ولم يغفل التقرير زمبابوي والرأس الأخضر وتيمور الشرقية، فاطمئنوا، ظهرت فيهم أولى الإصابات.

وبالنسبة للمال، يسأل “حاء”.

يجيب “واو” لم تتضح الصورة ولم نتلمس النتائج بعد، أسواق البورصة والعملات تتذبذب، بعض الدول تبنت خطط مساعدات، بعض الشعوب بدأت تنفد مدخراتهم بعد تراجع الإنتاج وتخفيض الأجور وفصل العمال، ولكن لم يصلنا طلب قروض ومساعدات بعد.

إذاً، ليبدأ عمل المصارف المركزية لمنع الانهيار المالي بالتوازي مع الضخ الإعلامي، بأن اللقاح سيتأخر لعام وأن نتائج كورونا الاقتصادية، ستكون أكبر من الكساد الكبير.

 

الشهر الخامس نيسان/إبريل: يقول “حاء” لتستمر مؤسسات التعليم ودور العبادة ومواقع اللهو بالإغلاق، إثر تصعيد التخويف الإعلامي وفشل تجارب اللقاحات والأدوية، ويتزايد تراجع إنتاج الشركات وركود الأسواق والاقتصادات، لنرى مدى الخسائر هذا الشهر، على الدول والمصارف والأسواق، وجدية خروج بعض الـ”شين” بتظاهرات للساحات، فربما نبدأ بالتسطيح وتراجع الإصابات، تحضيراً للمواجهة الشهر المقبل، بعد وصول الولايات المتحدة للذروة وشفاء “أوهان” و”ميركل” و”جونسون” وجميع المسؤولين الإيرانيين.

يقول “واو”: تم عبر الإعلام ومنظمة الصحة العالمية، التأكيد بعدم جدوى المضادات الحيوية وعلاجات الأوبئة السابقة، وأن المواجهة وإنهاء العزل المنزلي بالتدرج، سيكون الخيار لجميع الدول بعد جدواه بالدول الاسكندنافية وبعض الأوروبية، ويؤكد الإعلام على التباعد ونشراته على “حياة اجتماعية منضبطة ” كشروط الدول لفك الحظر والعودة إلى الحياة.

والدول أيقنت استحالة العودة لنموذج الأبوية الراعية وتأكدت من استحالة الدعم وتحمل أعباء الخسائر، والشعوب ترى بالسلام باليد جنحة والعناق جريمة وبالتجمهر تسريع بالوفاة، ولكن توقفت معامل الأسلحة وتراجع بيع التبغ ولم يصل تهاوي عملات الدول الناشئة للمرسوم.

سيحدث الشهر المقبل، ولكن لتعلن بكين أن شهر نيسان هو نهاية كورونا الصيني وواشنطن عن خسارة 20 مليون موظف عملهم وليتم توقف شراء الأسهم والإعلان عن بدء تعافي الإنتاج وتحسن أداء البورصات.

 

الشهر السادس، مايو/أيار: اجتماعات واتصالات بين الدول وسط شعور بفقدان السيطرة وتهديد بالانهيار، لقاءات ومشاورات بين الشركات بعد خسائر واندماجات ومخاوف الإفلاس، تملك المخاوف والشعور بالدونية واللاجدوى الشعوب.

“حاء” يخاطب “واو”، الآن أشيروا لـ”خاء” بالعلاج، الكيميائي والإجرائي، وأشيعوا أن الاستمرار بالتطلع من خارج المحفل، هو بداية السقوط.

ولتنقل “خاء” لـ”شين” أن التمادي بالأحلام هو ضياع لمكاسب الحاضر والتلاشي بالمستقبل.

ولتفتح الآن “خاء” النوافذ لـ”شين” بالتدرج، ونحن سنفتح بالتوازي ما يمكننا من مساعدات وصفقات بقاء لمن يهمنا أمر قوته، بمن فيهم الفزاعات التي نصنعها لتكون مبرراً لصنائعنا.

وانتبهوا، يقول “حاء” ل “واو”: ثمة موجات أخرى لكورونا ولكن بطرائق وآثار أوجع، هكذا يجب أن يعلم “الخاء” و”الشين”، وعلى الجميع التعايش مع هذا الواقع والتحسب من المستقبل، فمن لم يمت من كورونا لا نضمن سلامته وبقاءه مما بعده.

 

الشهر السابع، حزيران/يونيو: لتفك “خاء” الحظر عن “شين” بعد قبول الجميع الهزيمة أمام كورونا، وأن لا حل سوى بالتعايش مع الوباء، بعد استحالة الغلق والتمرد بالمحافل والأسواق والساحات.

ينظر جميع السباع بعد أشهر من الخسائر وحقن المخاوف واعتياد المنازل، من نوافذ، القصور ومكاتب الشركات وغرف الجلوس، ويصيحون بصوت تخنقه الكمامات: حااااء..

الإهداء لمن كان من “نموره” الاقتداء، المعلم زكريا تامر.

  • Social Links:

Leave a Reply