المرحلة الانتقالية في السودان ومحاولات اعاقتها من طرف قوى الإسلام السياسي

المرحلة الانتقالية في السودان ومحاولات اعاقتها من طرف قوى الإسلام السياسي

الشفيع خضر سعيد

وبوصمهم للسلطة الإنتقالية بالعلمانية الكافرة، وبالخروج على شرع الله، ظن أزلام النظام البائد، ومجموعات التكفيريين والمهووسين، أنهم ينصبون عوت عو  لثورة ديسمبر فخا، أو يضعونها في مصيدة أن تكون مع أو ضد الإسلام! بينما الثورة تحاججهم بكل عقلانية وسلمية، وعلى لسان شبابها وشيبها تقول لهم: نحن مع الديمقراطية والتعددية الحزبية وحرية التعبير وحرية الفرد وحرية المثاقفة…، فهل أنتم مع ذلك أم ضده؟. نحن مع ما توافقت عليه التجارب الانسانية ولخصته فى مواثيق وعهود دولية وإقليمية لحقوق الانسان، لا يجوز انتهاكها، ولا يعلو عليها أو يتعارض معها أي قانون أو تشريع، فهل أنتم مع أم ضد؟. نحن مع التداول السلمي الديمقراطي للسلطة، ومع أن يكون الناس سواسية أمام القانون، لا كبير ولا شريف على القانون ولا حصانة لاحد..، فهل أنتم مع أم ضد؟. نحن مع ضمان حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل، ندافع عنها ونقف ضد أى قانون يحط من كرامتها أو يقلل من شأنها…، فهل أنتم مع أم ضد؟. نحن مع حرية البحث العلمى والإجتهاد الفلسفي والديني، ومع تحرير العقل ومقارعة الفكرة بالفكرة وضد التكفير والجمود والانغلاق والتجهيل والعنف فى مواجهة الاراء والافكار، ومع التعامل بذهن مفتوح مع متغيرات ومستجدات العصر ومنجزات الحضارة الإنسانية، من الشرق أو الغرب، فهل أنتم مع أم ضد؟. نحن مع حرية الفن والابداع، ومع الفنانين المبدعين بصفتهم اكثر انحيازا للتعبير المنفرد عن الذات وعن آلام الاخرين، وباعتبارهم مرآة للمجتمع ولروح العصر، فما هو موقفكم؟ نحن ضد التغول على المال العام، وضد الخصخصة الجائرة، وضد أن تكون ميزانية الأمن والحرب أضخم من ميزانية الصحة والتعليم، وضد تقاعس الدولة عن تبني المشاريع التنموية والانتاجية التى تستوعب المواطنين وطاقاتهم وطموحاتهم، فما هو موقفكم؟. وفي النهاية، نحن نقول إن مصيدة مع أو ضد الإسلام هي محاولة سازجة، فضلا عن أنها مكررة ومكشوفة، ولم يعد في مقدورها حجب الأعين عن الممارسات السياسية الخاطئة والفاسدة التي تتم بإسم الدين في السودان.

إن ممارسة تكفير الآخر، هي إمتداد لمحاكم التفتيش في القرون الوسطى، والتي كانت مختصة بالتنقيب في العقل وتفتيش الضمير ومحاكمة الفكر، ومرجعيتها في ذلك التفسير المعتمد لدى سلطة البابا والكنيسة للنصوص الدينية. وكان الناس تساق سوقًا إلى محكمة التفتيش عن طريق الشبهة أو الوشاية، والإتهام الرئيس هو مناقضة الموقف الفكري، ولاحقا السياسي، للسلطة. ويتم إستجواب المتهمين تحت التعذيب الشديد حتى ينهارون ويعترفون بذنوبهم التي لم يغترفوها، عل الإعتراف ينجيهم من التعذيب، ويطلبون التوبة. ومحاكم تفتيش الضمير تعتبر سبة في تاريخ الإنسانية، وهي من أكثر مؤسسات البشرية السيئة الصيت، والتي على الرغم من إلغاءها مع بدايات عصر النهضة، إلا أنها لاتزال موجودة في تاريخنا المعاصر، وتمارسها مجموعات الهوس الديني، وكل من يود قمع الرأي الآخر بإسم الدين. ولم يسلم منها كل دعاة التحديث وأصحاب الهموم البحثية، خاصة الذين إنشغلوا بالبحث عن إجابات أسئلة الإسلام والحداثة، مثل الشهيد محمود محمد طه، والشهيد حسين مروّة، والمفكر الراحل نصر حامد أبوزيد. والتكفير جريمة تستوجب المحاسبة، حتى قبل النص على ذلك في القانون، إذ من يحق له من بني البشر أن يفتش ويستهدف ضمير الآخر؟! وما التكفير في النهاية إلا ممارسة سياسية، وتاكتيك هجومي شرس، ومخالب قط لسياسات الخصومة وقمع المعارضين والمخالفين في الرأي، وجسرا لمحاولة وأد الثورة والرجوع بالبلاد إلى عهد تحالف الفساد والإستبداد المظلم.

 

  • Social Links:

Leave a Reply