تحضيراً لجولة جديدة لـ «اللجنة الدستورية» السورية… توقعات بنتائج «متواضعة» وسط إمكانية تأجيلها

تحضيراً لجولة جديدة لـ «اللجنة الدستورية» السورية… توقعات بنتائج «متواضعة» وسط إمكانية تأجيلها

هبة محمد – القدس العربي

في غضون أيام، يتوقع ان تتحرك الأطراف السياسية في محاولة جديدة لتحقيق انفراجة في ملف الإعلان الدستوري في سوريا، فقد قدم المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، إحاطة حول اجتماع اللجنة الدستورية المقبل الذي سيعقد في جنيف الأسبوع المقبل وتحدث عن آخر المستجدات، مؤكداً أنه سيقوم بزيارة إلى جنيف لإثبات دعم بلاده لاجتماعات اللجنة الدستورية المقررة في 24 من شهر آب/أغسطس الجاري، وعقد سلسلة من اللقاءات مع المبعوثين الخاصين لسوريا من دول أخرى، وكذلك ممثلي المعارضة السورية المشاركين في الجلسة.

وأعرب جيفري الذي أكد دعم حكومة بلاده للعملية السياسية، عن أمله بأن «تستمر الاجتماعات» إلى أن «يقبل نظام الأسد بإرادة الشعب السوري في العيش بسلام بعيداً عن التهديد بالعنف والاعتقالات التعسفية والمجاعة والوحشية والأسلحة الكيميائية» موضحاً أن الهدف الأهم للعملية السياسية هو «تطوير دستور جديد أو تعديل آخر من خلال انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة تضم جميع السوريين، وليست الانتخابات المزيفة التي رأيناها للتو يترشح للبرلمان». ولفت إلى ضرورة الوصول إلى «حل سياسي لا رجوع فيه للصراع السوري بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254».

ورغم حديث المبعوث الأمريكي عن أفق حل سياسي قريب، إلا أنه يصعب توقع انفراجة حيال الإعلان الدستوري، حسب القائمين على هذه المفاوضات، فقد توقع مصدر واسع الاطلاع لـ»القدس العربي» عن «مآلات للعملية السياسية لا تدعو للتفاؤل» لا سيما بعد الخطاب الذي قدمه بشار الأسد أمام مجلس الشعب، والذي كشف فيه عن سقف التفاوض المسموح لممثليه في جنيف، وخاصة أنه اعتبر المبادرات السياسية للدول الفاعلة، والتي تتطلع لإقصائه من مستقبل سوريا لن «تكون سوى في أحلامهم».

«طن من الملح»

ورد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، على حديث رئيس النظام السوري، بشار الأسد، حول العملية السياسية ومحاولة التلاعب بها من قبل الولايات المتحدة، حيث قال في مؤتمر صحافي عبر تقنية الفيديو أمس، «نحن لا نطيل أمد أي شيء أو نتلاعب بأي شيء. وأي شيء يقوله الأسد يجب أن يؤخذ مع كمية كبيرة من الملح»، في إشارة إلى مراوغة الأسد في تصريحاته.

وقال «وجدنا حقيقة تغيراً في نغمة الأسد ولا سيما أنه تحدث عن العملية السياسية في هذا الخطاب وهذا له أهمية، وأعتقد أن دمشق باتت تقبل بالدعم الذي تحظى به هذه العملية السياسية من قبل المجتمع الدولي والدعم مطلق من كل شخص في العالم».

وحول المؤشرات الأولية للتقدم التي يرتقبها المبعوث الأمريكي، الأسبوع المقبل، قال جيفري إن نظام الأسد غيّر موقفه على الأقل من الناحية التكتيكية تجاه هذه العملية برمتها، أو أن الروس قد نجحوا في الضغط عليه للقيام بذلك، الشيء الثاني هو تخطي مرحلة النقاش حول المبادئ الأولى، حسب رغبة نظام دمشق والدعاية المعتادة حول سيادته ومحاربة الإرهابيين، باتجاه تحقيق تقدم حقيقي وتغيير الدستور، مضيفاً أن روسيا لديها نفوذ كافٍ للضغط على النظام طالما هي لاعبة أساسية في هذا الصراع، وقد اتخذت قرارًا استراتيجيًا بالانتقال من خيار الحل العسكري إلى الحل السياسي.

العريضي: حجة كورونا

وأمام الحديث عن المعركة السياسية التي تنتظر المعارضة السورية عبر الجلسة الثالثة للجنة الدستورية في جنيف، تحدث عضو هيئة التفاوض السورية يحيى العريضي، عن جدول الأعمال المقرر، وما إذا كان سيتخذ النظام السوري من جائحة كورونا حجة لتأجيل موعد انعقاد الجلسة، لا سيما بعد حديث بشار الاسد أمام أعضاء مجلس الشعب في «القصر الجمهوري» الأربعاء، عن رفضه لأي خطوة أو حل سياسي مستقبلي، لا يكون طرفًا فيه.

ووفقاً لرئيس المكتب الإعلامي في هيئة التفاوض لـ «القدس العربي» فإن جدول الأعمال سيكون «تماشياً مع الولاية والاختصاصات والقواعد الأساسية للإجراءات للجنة الدستورية، وإجراء مناقشات الأسس والمبادئ الوطنية» وذلك كما ورد حرفياً في نص بيدرسن، وأضاف «عملياً فإن الاستمرار بالعمل الجدي هو المطلب، فقد اتفق في الجولة الأولى أن يقدم الرئيس المشترك لكل فريق جدول أعمال قبل انعقاد الجلسة بخمسة أيام على الأقل، وحينها قدم هادي البحرة جدول أعمال بينما لم يقدم النظام أي جدول بل قدم ورقة تناقش ثوابت وطنية لا علاقة لها بالمسألة وهي بحد ذاتها إشكالية، أما الآن فقد اتفق على أن يكون جدول الاعمال مقرراً مسبقاً».

وتحدث عن ذريعة جديدة ربما يستخدمها النظام السوري لعرقلة العملية الدستورية، وقال «اذا كان هناك تأجيل فقد تكون كورونا هي الحجة وليست السبب الجوهري ومع ذلك لا أعتقد أنها ستؤجل بل ربما تختصر إلى أسبوع واحد رغم طلب بيدرسن أن تكون أسبوعين ولم يكن جواب النظام ايجابياً تجاه الطلب».

فالعرقلة أمر محتمل جداً، وفقاً للعريضي الذي قال «قبل البدء بأي جولة، يتحدث النظام السوري عن عمل إرهابي أو إرهاب سياسي من أجل إحباط العملية السياسية أو عرقلتها، وعندما تحدث عن محاولات إسقاط الوطن وإلغاء السيادة وتفتيت الشعب وضرب المؤسسات هذا كلام عملياً هو توصيف من قبل الأسد لما يفعله هو نتيجة المضي قدماً بعمل اللجنة الدستورية».

وأضاف «أما عبارة إسقاط الوطن، فهو ساقط أصلاً وخاصة بوجود هكذا منظومة، أما عن إلغاء السيادة فالسيادة ملغاة سلفاً فليس هناك سيادة مع الاستباحة الكاملة لهذا النظام، وحول خشيته من تفتيت الشعب فهل هناك منظومة فتت الشعب أكثر مما حدث معنا؟».

وفي خطاب بشار الأسد، أمام البرلمان السوري، تحدث عن ضرب المؤسسات، و«هذا أمر حقيقي فكل المؤسسات مهدمة إلا المؤسسة الأمنية القمعية هي الوحيدة الفاعلة في سوريا» وتساءل قائلاً «كيف يمكن الحديث عن كل هذه الانواع من التخريب وانت سلفا من قمت بها». وكشف العريضي عن ازدواجية لدى بشار الأسد «فقد تحدث في خطابه عن جهتين، الأولى روسيا وايران ومساعيهما في دفع اجتماعات اللجنة الدستورية إلى الأمام، وبالوقت نفسه يرمي اللوم على جهة ثانية وهي الولايات المتحدة وتركيا في تسيير العملية السياسية، ويعتبر وفد الهيئة وآخرين ممثلين لهذه الدول، ويصفها بتحويل المبادرات إلى خزعبلات سياسية».

وما يحدث فعلياً عكس ذلك، وفقاً للعريضي، و«ما تفعله روسيا وما سعت إليه كل هذا الوقت هو اختطاف اللجنة الدستورية تشكيلاً وعملاً وانتاجاً، وحتى تحديد المكان عندما أوحت لأحد الاشخاص بنقل عمل اللجنة إلى دمشق، حتى بعدما انطلقت في جنيف، لكنها لم توفق بذلك، لاسيما بعد وقوف الولايات المتحدة بوجه هذا المد الرامي إلى اختطاف عمل اللجنة واحتكارها من قبل روسيا، ثم يأتي الأسد بعد كل ذلك ويتهم الآخرين بالعرقلة».

المشكلة الأساس في رأي المتحدث، هي أن هذه المنظومة لا تريد العملية السياسية برمتها، لا اللجنة الدستورية ولا غير ذلك فخيارها الأساسي هو عملية عسكرية وحسم عسكري، لكنها لم تصل إلى أهدافها نتيجة القرارات الدولية التي تجبرها على القبول بالحوار ومن هنا جاءت العبارة التي اتهم فيها الأسد الطرف الآخر بالتخريب. وانتهى العريضي بالحديث عن توقعات تدعو للتشاؤم، وقال «خطاب بشار الأسد عبارة عن مقدمات لما هو آتٍ، وإن كان هؤلاء الممثلون للنظام في حالة تملص دائمة من اللجنة الدستورية، فسوف ينقلهم الخطاب إلى مراحل متقدمة من الغطرسة وبسقف أكثر مما كانوا عليه في السابق ولا ندري هل يستطيع الروس فعل شيء والمؤسف أننا نحتاج للمحتل الروسي من أجل إجبار النظام على إنجاز دستور صالح لسوريا».

  • Social Links:

Leave a Reply