هل ينقذ التطبيع مع إسرائيل النظام السوري؟

هل ينقذ التطبيع مع إسرائيل النظام السوري؟

زهير السباعي فرح نيوز

في ظل موجة التطبيع العربي العلنية مع إسرائيل وتسارع وتيرة الدول العربية بإتجاه التطبيع يقف المواطن العربي مذهولاُ ومندهشاً إيذاء مايرى ويسمع ويقرأ تجاه قضيته المصيرية فلسطين، ففي عام ١٧٩٩ دعا نابليون بونابرت اليهود للعودة إلى فلسطين والعيش فيها، استغل البريطانيين الدعوة وتبنوها وبذلو قصارى جهدهم وبالتعاون مع حلفائهم الاوروبيين على تحقيق ذلك، فمنعو أي وحدة أو مشروع يؤدي إلى توحيد الشعوب العربية، فكان وعد بلفور السري الذي دعا إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وذلك عام ٢٠١٧ والتزمت بريطانيا وفرنسا بتحقيقه  في هذه الأثناء كان ماكماهون يجري مراسلات مع شريف مكة الحسين بن علي يحثه فيها على القيام بثورة ضد العثمانيين مقابل اعتراف بريطانيا باستقلال العرب بعد الحرب العالمية الأولى؟ بريطانيا وفرنسا لم يعطو فلسطين لليهود حباُ بهم ولا كرمال عيونهم الشرقية ولكن لحاجة خططو لها، تم زرع اليهود وتوطينهم في فلسطين لتمزيق وتفتيت الوطن العربي ولتأمين مصالح الدول الغربية التي استعمرت المنطقة ومازالت تستعمرها عبر وكلائها من الحكام الذين فرختهم، واتفاقية سايكس بيكو المعقودة في أيار مايو ١٩١٦ بين بريطانيا وفرنسا مزقت وفتت العالم العربي الذي وقع أسيراً بيد الدول المستعمرة بريطانيا وفرنسا وايطاليا وغيرهم، بعد إنحسار الدور البريطاني والفرنسي في المنطقة استلمت أمريكا المهمة وأصبحت إسرائيل الطفل المدلل لها حيث شكلت اسرائيل بعداً استراتيجياً للمخططات الامريكية وخصوصاً مخطط برنارد لويس الذي أوصى الادارة الامريكية بتقسيم الشرق الأوسط إلى أكثر من ثلاثون دويلة إثنية وعرقية ودينية ومذهبية لحماية المصالح الامريكية والغربية في المنطقة والحفاظ على أمن وسلام إسرائيل وسيشكل الصراع على النفط والغاز والمياه والحدود والحكم والخلافات المذهبية والاثنية والعرقية محوراً أساسياً لتمزيق هذه الدويلات مما يتيح لإسرائيل ضمان تفوقها العسكري لمئة عام قادمة؟ ربما يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى تحقيق حلم اسرائيل بإنشاء شرق أوسط كبير تسيطر عليه اقتصادياً، هذا الحلم لم ولن يتحقق لا باليقظة ولا بالمنام فقد فشلت امريكا والغرب واسرائيل بإقناع المواطن العربي بضرورة التطبيع الذي دفعته غيرته على الأقصى والقدس وفلسطين برفضه  والقيام بحملات مقاطعة لجميع بضائع هذه الدول، حين عجزت هذه الدول بإختراق الشعوب العربية ومجتمعاتها البسيطة أوعزو إلى عملائهم من الحكام المستعربين القيام علناَ بعد ان كان سراً بتوقيع اتفاقيات التطبيع مع اسرائيل ليكونو قدوة لغيرهم من الحكام ومثال يحتذى به، فالتطبيع مع الحكام أسهل من التطبيع مع الشعوب؟ بعد مرور ٤٣ عاماً على زيارة السادات لإسرائيل والقائه خطاباً أمام الكنيست من أجل دفع عملية السلام في المنطقة وذلك في ١٩ تشرين الثاني نوفمبر ١٩٧٧ وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد بين السادات وبيغن برعاية جيمي كارتر ماذا كسبت مصر من الزيارة واتفاقية السلام؟ طبعاً فاز السادات وبيغن بجائزة نوبل للسلام لعام ١٩٧٨ بالمناصفة؟ زيارة السادات مهدت الطريق أمام الدول العربية وشجعتها على التطبيع بالرغم من الردود العكسية التي حصلت هنا وهناك، فالشعوب العربية في وادٍ والحكام وجامعتهم في وادٍ آخر؟ تظاهرات هنا وهناك وبيانات شجب واستنكار ترفض الزيارة والاتفاقية ومع مرور الوقت خمدت جذوتها وكأنها فورة حليب؟ ليفاجأ العالم بزيارة نتنياهو الى العاصمة العمانية مسقط وذلك يوم الخميس ٢٥ تشرين اول ٢٠١٨ بناء على دعوة رسمية وجهها السلطان قابوس له ولزوجته، ومن باب الآداب تلبية الدعوة وإجابتها وهذا مافعله نتنياهو وزوجته فما العيب في ذلك؟ والاسبوع الماضي أضيفت حلقة جديدة من حلقات التطبيع العلني والذي لم يعد مفاجئاً لأحد، فقد وقعت الامارات والبحرين على اتفاقية التطبيع رسمياً مع اسرائيل وبجهود حثيثة بذلها ترامب الذي أكد أن هناك خمس الى ست دول عربية تنتظر دورها لتوقيع اتفاق التطبيع قريباً؟ الاتفاق الذي تم التوقيع عليه من قبل الامارات والبحرين واسرائيل جرى بنفس المكان الذي شهد توقيع أوسلو بين ياسر عرفات وإسحاق رابين برعاية بيل كلينتون وذلك في ١٣ أيلول سيبتمبر ١٩٩٣ والتي نصت على حكم ذاتي انتقالي للفلسطيين، فماذا حقق الفلسطينيين بعد مرور ٢٧ عاماً على اتفاق اوسلو؟ أو بالأحرى ماذا حققت إسرائيل من اتفاق أوسلو ومخطط الف وباء وجيم، ألم تتوسع أكثر وأكثر وتقضم وتبلع المزيد من الاراضي الفلسطينية؟ بدوره لم يستنكر النظام السوري هذا التطبيع وفضل صمت القبور لأن الامارات والبحرين أعادا فتح سفارتهما في دمشق قبل عامين وهما الداعم المالي والسياسي له فهو بحاجة ماسة لمالهم كي يستطيع الاستمرار بقتل شعبه وتدمير سورية، وبالنسبة لإسرائيل فهو رجلها في دمشق وحامي حدودها، لذا سيضرب النظام السوري عصفوران بحجر واحد سيستمر بالحصول على الدعم المالي من الامارات وغيرها بانتظار دوره في مواجهة تركيا والثاني اختراق للإدارة الامريكية عبر البوابة الخليجية الإسرائلية لتجميد قانون قيصر سيزر المسلط على رقبته

أخيراً مهما فعل الحكام العرب فإن الشعوب العربية لن تقبل بوجود السرطان الإسرائيلي الذي ينخر ويأكل جسدها، ستبقى هذه الشعوب على موقفها الثابت والراسخ تجاه القضية الفلسطينية، فالعداء لايحل بتوقيع حاكم إنما يحل بإعادة الحقوق إلى أهلها، إذا كانت إسرائيل تملك الجرئة والنية الصادقة والجادة تجاه الشعب الفلسطيني فإنه يتوجب عليها رد الحقوق والأراضي التي اغتصبتها وسلبتها من أهلها وبعد ذلك لكل حادث حديث، أما الآن فإن جميع الشعوب العربية تعتبر اسرائيل كيان استيطاني محتل قائم على الظلم والجور واغتصاب حقوق الأخرين

  • Social Links:

Leave a Reply